الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: الرسول أعطى نموذجاً إنسانياً سامياً للتعايش مع الآخر

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه في ظل هذه الظروف القاسية قد يضعف بعضهم ويتراجع عن عقيدته جراء التعذيب الشديد‏.

التعايش مع الآخر 

وتابع من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك:" هناك صنف آخر أضمر الإيمان وأظهر الكفر هربا من التعذيب والتنكيل مثل سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنه‏; ‏إذ أخذه المشركون فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير‏,‏ ثم تركوه‏, ‏فلما أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏: «ما وراءك؟‏»‏ قال‏: ‏شر يا رسول الله‏,‏ ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير.‏ قال‏: «كيف تجد قلبك؟» ‏‏قال‏: ‏مطمئنا بالإيمان.‏ قال‏: «إن عادوا فعد» (‏المستدرك على الصحيحين 2/389),‏ وفي شأنه نزل قوله تعالى‏: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا) [النحل:106].

وأضاف ‏علي جمعة لم يقف التعذيب عند الرجال‏, ‏بل تعدى ذلك إلى النساء‏, ‏فعذب المشركون أم عمار السيدة سمية حتى استشهدت‏,‏ فكانت أول شهيدة في الإسلام‏,‏ واستشهد كذلك زوجها ياسر‏,‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليهم فيأمرهم بالصبر ويبشرهم بالجنة‏, ‏قائلا‏: «‏صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة».‏
وأكمل علي جمعة : أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجا إنسانيا ساميا للتعايش مع الآخر في ظل الاضطهاد والتعذيب‏, ‏إذ لم يعاملهم بالمثل‏, ‏بل قابل السيئة بالحسنة‏,‏ حيث تمسك بأخلاقه الرفيعة في معاملة أهل مكة من المشركين‏,‏ وهو الذي وصفه الله تعالى بقوله‏: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4],‏ فكان أهل مكة -رغم تكذيبهم واضطهادهم له-‏ يأتمنونه على أشيائهم الثمينة والنفيسة‏,‏ وقد تجلى صدق المعاملة والأمانة حين أمر صلى الله عليه وسلم بالهجرة من مكة إلى المدينة فترك وراءه سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليرد الأمانات إلى أهلها‏, ‏ليكون مثالا فريدا في حفظ الأمانات والحرص على تأديتها لأهلها رغم عداوتهم واضطهادهم له‏, ‏مصداقا لقوله تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة:8].‏

 


وشدد على أن المعاملة الحسنى في مواجهة الإساءة‏, ‏تجعل العدو صديقا‏, ‏وتكون بابا من أبواب الدعوة إلى الإسلام بين غير المسلمين‏, ‏كما قال الله عز وجل‏: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصِّلت:34].‏
وقال علي جمعة إن هذا النموذج الرائع ‏-‏ومقامه ‏(الصبر على البلاء في التعايش مع الآخر‏)-‏ يعد مثالا يحتذى في كل زمان ومكان‏, ‏خاصة عندما يكون المسلمون أقلية في بلاد يعمل المتشددون فيها على تشويه صورة الإسلام والمسلمين‏,‏ ويحاولون اضطهادهم وإقصاءهم‏,‏ ساعتها يتذكر المسلمون أسلافهم فيقتدون بهم في التمسك بثوابت الدين الحنيف مع بسط ثقافة التعايش السلمي ومكارم الأخلاق في العالمين.‏