قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الإسلام حث أتباعه على احترام الآخر ومعاملته بالحسنى، ليكون المسلم نموذجا يحتذى به في كل زمان ومكان، ويكون بأخلاقه ومعاملاته أبلغ داعية إلى الإسلام.
أبلغ داعية إلى الإسلام
واستدل علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بقول الله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصِّلت:34], ومنها أخذ قولهم: «الدين المعاملة», ففعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل, والمعاملة الحسنة تجعل الإنسان محبوبا بين الناس, ومقابلة الإساءة بالإحسان, تجعل من الأعداء حلفاء ومناصرين, كما أن الإحسان في الدعوة إلى الإسلام فيه ترك ما يثير حمية غير المسلمين لدينهم.
وتابع جمعة: من هنا كانت علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين مع النجاشي وأهل الحبشة علاقة ود واحترام ولين في الكلام, فالمسلمون احترموا أهل الحبشة ولم ينكروا عليهم دينهم, ولم يتدخلوا في شئونهم الداخلية إلا في مساعدتهم في إطار من التعاون والمشاركة والوفاء لجميل إيوائهم وحسن وفادتهم. وعلى الجانب الآخر وفي ظل هذه العلاقة الطيبة كان النجاشي يبعث للرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الهدايا تعبيرا عن تقديره للرسول, فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلقة فيها خاتم ذهب فيه فص حبشي, فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ثم دعا ابنة ابنته أمامة بنت أبي العاص, فقال: «تحلي بهذا يا بنية» (سنن أبي داوود), كذلك أهدى النجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم خفين ساذجين-ليست عليهما زينة- أسودين, فلبسهما ومسح عليهما. (ابن ماجه).
وأضاف عضو كبار العلماء: لا شك أن الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة كانوا تحت رعاية النجاشي بنفسه وتحت نظره ليرى ما يفعلونه في حياتهم من عبادات ومعاملات, ولعل هذا ما أكد صدق كلامهم عنده في أول لقاء وقربه أكثر لمعرفة هذا الدين, ثم تبادل مع الرسول صلى الله عليه وسلم الرسائل والمكاتبات, وقد حمل بعضها دعوة رسول الله النجاشي إلى الإسلام, ورد عليه النجاشي بحب وتوقير وإقرار بأنه رسول الله حقا, وأنه صادق مصدق, وختم ذلك بمبايعته له. وهذا ما أكده حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على الصلاة عليه حين مات، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «مات اليوم رجل صالح, فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة» (البخاري).
واختتم قائلاً: كذلك نرى من خلال نموذج تعايش المسلمين في الحبشة كيف فرح المسلمون بنصر النجاشي على عدوه الذي نازعه في ملكه, وفي هذا تقول أم سلمة رضي الله عنها: «فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده... فوالله ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها. قالت: ورجع النجاشي, وقد أهلك الله عدوه ومكن له في بلاده واستوسق عليه أمر الحبشة, فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله وهو بمكة» (السيرة النبوية لابن هشام ).