الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تخبط غربي وخوف من شراكة صينية روسية ..الاستراتيجية الجديد لـ"الناتو" تكشف المستور

جين وبوتين
جين وبوتين

يخشى الحلف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية "الناتو" من التحركات الروسية - الصينية، ويرى أنها تمثل تهديدا مباشرا لسلامة وأمن أعضائه، وتحديا كبيرا لمصالحهم، وهو الأول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية.

قمة حلف شمالي الأطلسي

وانعقدت  قمة حلف شمالي الأطلسي "الناتو"، في العاصمة الإسبانية مدريد، وأعلن البيان الختامي أن دول الحلف تعهّدت تقديم مزيد من المساعدات الدفاعية والمالية لأوكرانيا، وأنها وافقت على مفهوم استراتيجي جديد للحلف حتى العام "2030"، ودعت فنلندا والسويد رسمياً للانضمام إليه.

وأعلن "الناتو" مفهومه الاستراتيجي، للفترة بين عامي "2022 و2030"، وحدد فيه تصوره للتهديدات العالمية في المناطق الحيوية، وكيفية الرد على تلك التهديدات، والخطط العامة للعقد المقبل.

ويختلف المفهوم الاستراتيجي الحالي "للناتو" عن سابقه، نظراً إلى جهة التهديدات التقليدية، إذ يستبعد المفهوم الاستراتيجي لعام 2010، أي هجوم تقليدي على أراضي الناتو ويقول إن "أراضي الناتو في مرحلة سلام"، فيما يدرج التصور الاستراتيجي الحالي، التهديدات الاستراتيجية "المتأتية من روسيا والصين ضمن أولويات الحلف للمواجهة في العقد المقبل".

ويرى الحلف في مفهومه الاستراتيجي أن الاتحاد الروسي يشكل "أكبر وأهم تهديد مباشر لأمن الحلف وللسلام والاستقرار في المنطقة الأوروبية الأطلسية، وأنه يهدف إلى زعزعة استقرار دول شرقنا وجنوبنا، في أقصى الشمال".

وأضاف الحلف، أن "قدرة الاتحاد الروسي على تعطيل تعزيزات الحلفاء وحرية الملاحة عبر شمال الأطلسي تعد تحديا استراتيجيا له، وأن الحشد العسكري لموسكو، بما في ذلك في مناطق البلطيق والبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، إلى جانب تكاملها العسكري مع بيلاروسيا، يتحدّى أمننا ومصالحنا".

وعاد الحلف وأكد أن "الناتو" لا يسعى لمواجهة روسيا، ولا يشكل أي تهديد للاتحاد الروسي، ولا يعتبره شريكا، لذا، "سيعزز الحلف الردع والدفاع لدى الحلفاء، وسيرد على التهديدات بطريقة موحدة ومسؤولة، وسيبقي على قنوات اتصال مفتوحة مع الروس لمنع التصعيد".

استراتيجية الناتو الجديدة

واعتبر "الناتو" في وثيقته الاستراتيجية التهديد والخطر الصيني "تهديدا للحلف"، علما أن الصين تقع في منطقة جغرافية لا "تعد في نطاق مهمات حلف شمالي الأطلسي".

وتشير الوثيقة الاستراتيجية إلى أن "التهديدات لمصالح الحلف وأمنه وقيمه" تتأتى من "الطموحات المعلنة لجمهورية الصين الشعبية"، ومن قيام الصين باعتماد "مجموعة واسعة من الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية لزيادة وجودها العالمي وإظهار القوة".

وتحدثت عن "أساليب الصين الخبيث"، ورأت أن الصين تسعى لـ"التحكم في القطاعات التكنولوجية والصناعية الرئيسة، والبنية التحتية الحيوية، والمواد الاستراتيجية وسلاسل التوريد، وتستخدم نفوذها الاقتصادي لخلق التبعيات الاستراتيجية وتعزيز نفوذها".

وفي النهاية، قالت: "إن تعميق الشراكة الاستراتيجية بين جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي ومحاولاتهما المتعاضدة تقويض النظام الدولي القائم على القواعد يتعارضان وقيمنا ومصالحنا".

وكانت الصين قد اتهمت الحلف العسكري الغربي "بمهاجمتها وتشويه سمعتها بشكل خبيث".

وقالت بعثتها الدبلوماسية لدى الاتحاد الأوروبي إن الناتو "يدعي أن دولا أخرى تشكل تحديات، لكن الناتو هو الذي يخلق مشكلات في جميع أنحاء العالم".

من جانبها قالت أستاذ العلوم السياسية، الدكتورة نورهان الشيخ، إن التحالف الروسي - الصيني ليس موجها ضد الغرب أو ضد دول حلف "الناتو"، مشيرة إلى قمة فبراير الماضي، التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ في بكين، تضمنت إعلانا هاما جدا، حيث دعا الرئيس بوتين إلى شراكة "بلا حدود" بين الجانبين.

شراكة بين روسيا - الصين

ولفت "الشيخ" - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن روسيا والصين أعلنتا مساندة كل دولة للأخرى في التحديات التي تواجهها، مشيرة إلى أن "تحالفهما ليس ضد دولة بعينها، فهو تنسيق وتعاون استراتيجي؛ لمواجهة التهديدات الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية التي تواجه البلدين".

وأشارت أستاذ العلوم السياسية - إلى أن الناتو يعتبر روسيا تمثل التهديد الأول ثم الصين التهديد الثاني وفقا لاستراتيجيته الجديدة 2030، والتي أعلن عنها في نهاية قمة مدريد، معقبة: "لكن موسكو وبكين لا تعتبران الناتو كذلك وهما ينسقان المواقف فيما بينهما لمواجهة أي تحديات وخاصة القادمة من الغرب".

وأكدت "الشيخ"، أن البلدين ليس لديهما أي تصور لسلوك عدواني أو المبادرة بسلوك عدواني أو هجومي تجاه الغرب، ولكن "إذا حدث هذا سوف يتحركان معا بعد تنسيق المواقف فيما بينهما".

وجاء في بيان مشترك عقب قمة بكين في فبراير الماضي، أن موسكو وبكين "تعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلاً"، وقد دعمت بكين مطلب روسيا بضرورة عدم ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي. من جانبها، أبدت روسيا دعمها لموقف بكين بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين.

وأعلنت الصين وروسيا في يوم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، فبراير الماضي، شراكة "بلا حدود" لتدعم كل منهما الأخرى في مواجهات بشأن أوكرانيا وتايوان مع تعهد بزيادة التعاون في مواجهة الغرب.

وأتى هذا الإعلان بعد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصيني شي جين بينغ في بكين، اللذين طالبا بـ"حقبة جديدة" في العلاقات الدولية ووضع حد للهيمنة الأمريكية.

الاستقرار والسلام العادل

واستنكر البلدان اللذان تشهد علاقاتهما مع واشنطن توتراً متصاعداً، دور التحالفين العسكريين الغربيين اللذين تقودهما الولايات المتحدة: الحلف الأطلسي وحلف "أوكوس" الذي أنشئ بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا في العام 2021، باعتبارهما يقوضان "الاستقرار والسلام العادل" في العالم.

ولفت البيان المشترك الصادر حينها، إلى أن موسكو وبكين "تعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلا"، وقد دعمت بكين مطلب روسيا بضرورة عدم ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي مع حشد الكرملين 100 ألف جندي بالقرب من جارتها قبل بدء العملية العسكرية الروسية داخل أوكرانيا، "24 فبراير الماضي".

من جانبها، أبدت روسيا دعمها لموقف الصين بأن تايوان التي تتمتع بحكم ديمقراطي جزء لا يتجزأ من الصين ومعارضة أي "شكل من أشكال استقلال الجزيرة".

ولفتت الدولتان إلى أن "الصداقة بين البلدين ليس لها حدود، ولا حظر فيها على التعاون في أي مجال".

ويمثل الاتفاق أوضح بيان على عزم روسيا والصين العمل معا ضد الولايات المتحدة لبناء نظام دولي جديد "يقوم على أساس رؤيتهما الخاصة لحقوق الإنسان والديمقراطية".

من جانبها، ردت الولايات المتحدة على هذا الإعلان معتبرة أنه كان "يجب على "شي" أن يستغل الاجتماع للضغط من أجل خفض التوترات في أوكرانيا".

وأوضح دانييل كريتنبرينك كبير الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون شرق آسيا، حينها، أن الاجتماع بين الرئيسين في بكين كان يجب أن "يكون فرصة للصين لتشجيع روسيا على تهدئة التوترات مع أوكرانيا".

وقال كريتنبرينك للصحفيين إن مثل هذا النهج هو ما يتوقعه العالم من "القوى المسؤولة".