السجن 40 عاما.. قصة أول محاكمة لرئيس أجنبي في أمريكا

على الرغم من علاقته الطويلة مع وكالة المخابرات الأمريكية، إلا أن ذلك لم يشفع لرئيس بنما مانويل نورييجا، الذي تم خلعه من السلطة وحُكم عليه بالسجن 40 عاما في مثل هذا اليوم قبل 30 عاما، نتيجة الغزو الأمريكي لبنما.. فما القصة؟

ولد نورييجا في عائلة فقيرة من أصل كولومبيا، إلا أنه تلقى تعليمه في واحدة من أفضل المدارس الثانوية في بنما وحصل على منحة دراسية في مدرسة Chorrillos العسكرية في ليما.

عند عودته إلى بنما، تم تكليفه بملازم ثانٍ في الحرس الوطني وتمركز في كولون، حيث ارتقى في الرتب وتعرف على النقيب عمر توريخوس، كما شارك نورييجا في الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة أرنولفو أرياس ومهد الطريق لصعود توريخوس إلى السلطة.

الصعود إلى الحكم

كان لنورييجا دور فعال في هزيمة محاولة انقلاب لاحقة للإطاحة بتوريخوس وبسبب ولائه، تمت ترقية نورييجا إلى رتبة عقيد وعُين رئيسًا للاستخبارات العسكرية، وفي هذا المنصب أقام اتصالات مع جهاز المخابرات الأمريكية.

بحلول أواخر السبعينيات من القرن الماضي، كان يعتبر نورييجا أكثر الرجال رعبا في بنما وعندما توفي توريخوس في حادث تحطم طائرة عام 1981، تنافس نورييجا مع قادة عسكريين ومدنيين آخرين لكسب اليد العليا.

في عام 1983، تولى قيادة الحرس الوطني، وقام بتوحيد القوات المسلحة في قوات الدفاع البنمية، وترقية نفسه إلى رتبة جنرال، حتى أصبح رئيسا لدولة بنما.

تصاعدت التهم الموجهة إلى نورييجا في منتصف الثمانينيات بسبب أحداث مرتبطة بالقتل الصارخ والوحشي لهوجو سبادافورا، وهو خصم صريح له، علاوة على المزيد من الأدلة على غسل أموال المخدرات وبيع التكنولوجيا والمعلومات الأمريكية، ما أدى إلى صراع حتمي مع حكومة الولايات المتحدة، خاصة في ضوء النقل الوشيك للسلطة المتفق عليه في معاهدة قناة بنما.

محاكمة تاريخية

بعد غزو الولايات المتحدة لبنما عام 1989، تم القبض عليه ونقله جوا إلى الولايات المتحدة، حيث حوكم على لائحة الاتهام في ميامي. المحاكمة، التي استمرت من سبتمبر 1991 إلى أبريل 1992، انتهت بإدانة نورييجا في معظم التهم، وقد حُكم عليه بالسجن لمدة 40 سنة، وقضى في نهاية المطاف 17 سنة بعد تخفيض عقوبته بسبب حسن السلوك، وهي أول مرة يتم فيها محاكمة رئيس دولة أجنبية في الولايات المتحدة.

انتهى حكم نورييجا في الولايات المتحدة في سبتمبر 2007 وفي عام 2010، تم تسليمه إلى فرنسا، حيث حُكم عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة غسل الأموال.

في عام 2011، قامت فرنسا بتسليمه إلى بنما، حيث تم سجنه بسبب الجرائم التي ارتكبت خلال فترة حكمه، وتم تشخيصه بإصابته بورم في الدماغ في مارس 2017، حيث عانى نورييجا من مضاعفات أثناء العمليات الجراحية، وتوفي بعد شهرين.