الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبادة مكروهة شرعا ويجب أداؤها أو الكفارة

حكم النذر
حكم النذر

ما هو النذر وما حكمه وهل مكروه شرعا؟ يختلف حكم النذر بحسب حال وقوعه من الناذر، و النذر يجب الوفاء به إن كان النذر صحيحاً مستكملاً شروطه، لأنّ الناذر قد ألزم نفسه به، ودليل ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ»، و النذر عبادة مكروهة فى الإسلام، والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عنها عبادة البخلاء، لأن النذر عبادة مشروطة على الله تعالى، كأن يقول الإنسان لئن شفاني الله تعالى لأفعل كذا، فهو يشترط على الله -عز وجل-.
 

يُكرهُ التلفظ بالنذر والابتداء به؛ لأن المسلم لا ينبغي له الاشتراط على الله حتى يتقرب إليه، وإنما يفعل ذلك البخلاء، فإن نذَرَ وجب عليه الوفاء بما نذر، فإن عجز عن الوفاء لعارضٍ انتظرَ زواله ولا تلزمه الكفارة، وإن كان العارض مما لا يُرجى زواله فعليه كفارة يمين.
 

 

 

حكم النذر في الإسلام

قبل وقوع النذر من الناذر اختلف الفقهاء في جواز الإقدام على النذر، وبيان اختلافهم على النحو الآتي: 

 

ذهب الحنفية إلى أن النذر قربة مشروعة إن كان صحيحا مستوفيا لشروطه، فقولهم إنه قربة، لأنه نوع من القرب والعبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله -عز وجل-، وقولهم إنه مشروع، لورود النصوص الآمرة بوجوب الإيفاء به. 

 

المالكية ذهب المالكية إلى أن حكم النذر يختلف باختلاف نوع النذر كالآتي: النذر المطلق، وهو أن يلزم المكلف نفسه قربة، شكرا وثناء لله لحصول نعمة أو دفع نقمة وشر، كمن نجاه الله من كربة أو رزقه الله مالا، فهذا النوع حكمه الندب. النذر المعلق، وهو أن يلزم المكلف نفسه قربة يعلقها على حصول شيء ما في المستقبل، ويتفرع إلى نوعين بيانهما فيما يأتي: تعليق الناذر نذره على شيء لا علاقة له فيه، كأن يقول: "إن شفى الله مريضي فعلي كذا"، وهذا النوع من النذر اختلف في حكمه إلى قسمين كالآتي: إن لم يعتقد الناذر أن في نذره نفع في تحقيق الغرض منه؛ فبعضهم قال بالكراهة، وبعضهم قال بالجواز.

 

 

إن اعتقد الناذر أنّ في نذره نفعٌ في نيله غرضه؛ فحكمه حرامٌ، لأنّه بذلك خالف قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ».

 

تعليق الناذر نذره على أمرٍ أو شيءٍ من فعله، كأن يقول: "إن فعلت كذا فعليّ كذا"، فحكمه الكراهة ويجب عليه الوفاء به بعد وقوعه. النذر المكروه، وهو أن يُلزم المكلّف نفسه فعل شيءٍ مكروهٍ، كأن يقول: "لله عليّ أن أصوم كُلّ يومٍ"، فحكمه الكراهة، لثقل فعله على النفس، إلّا أنّه يجب الوفاء به بعد وقوعه. 

 

نذر شيءٍ لا يستطيعه الناذر، فحكمه حرامٌ. إن كان النذر نذر طاعةٍ، فهو قُربةٌ، وذلك لأنّه مناجاةٌ لله تعالى. إن كان النذر نذر لجاجٍ للمخاصمة؛ فهو مكروهٌ؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد نهى عنه بقوله: «لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ».

 

الحنابلة ذهب الحنابلة إلى أن النذر مكروه وإن كان طاعة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عنه حيث قال: «إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل» فالناذر بنذره لا يمكنه تغيير ما يقع، ولا إحداث شيء جديد، ويجب عليه الوفاء بنذره بعد وقوعه.

 

 

شروط الناذر 

 

لا بد للناذر من شروط تتوفر فيه حتى يصح النذر منه، وهي: 

أن يكون مسلما، فالنذر من غير المسلم لا يصح، فإن أسلم صح نذره. 

أن يكون مكلفا، فـ النذر من الصبي أو المجنون لا يصح.

أن يكون مختارا، فالنذر من المكره لا يصح.

 أن يكون ناطقا، فـ النذر بالإشارة لا يصح، إلا إن كانت الإشارة مفهومة. 

أن يكون نافذا للتصرف، أي صلاحية المسلم لصدور الفعل منه بصورة يعتد بها شرعا‏، فالنذر من الصبي أو المجنون لا يصح، لأن الصبي والمجنون ليسا أهلا للالتزام.
 

شروط المنذور

 

لا يصح النذر من الناذر حتى تتوفر في المنذور الشروط الآتية: أن يكون قربة وطاعة، بشرط ألا تكون هذه القربة من الفرائض والواجبات، فلا يصح النذر بشيء منها. 

 

أن تكون هذه القربة مقصودة، فإن كانت القربة غير مقصودة؛ كالاغتسال، ومس المصحف، والوضوء، فلا يصح النذر بها، فهذه وسائل غير مقصودة لذاتها وإنما ما يترتب عليها هو المقصود. 

أن تكون هذه القربة متصورة وممكنة الوجود شرعا، فلا يصح القول: "لله علي أن أصوم ليلا"؛ وذلك لأن الليل ليس محلا للصيام. صيغة النذر شروط صيغة النذر حتى ينعقد النذر صحيحا لا بد أن يتوفر في الصيغة شرطين، وهما:

 

التلفظ بصيغة النذر ، فلا ينعقد النذر بمجرد النية فقط. 

التصريح بصيغة النذر، كأن يقول: "نذرت" أو "لله علي"، ويجوز انعقاده بالكناية* بشرط النية.

 الصيغ التي ينعقد بها النذر هناك صيغتان معتبرتان ينعقد بها النذر صحيحا؛ صيغة متفق عليها، وصيغة مختلف فيها، وبيانهما على النحو الآتي

 

 الصيغة المشتملة على لفظة النذر ، كأن يقول الناذر: "نذرت كذا"، أو يقول: "لله علي نذر كذا"؛ فقد اتفق الفقهاء على أن النذر ينعقد صحيحا بهذه الصيغة، وتلزم الناذر. الصيغة الغير مشتملة على لفظة النذر، كأن يقول: "لله علي كذا"؛ فقد اختلف الفقهاء في انعقاد النذر صحيحا في هذه الصيغة، واختلافهم كالآتي: القول الأول: انعقاد النذر صحيحا وإلزام الناذر به، وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، واستدلوا على ذلك بما يأتي: إن لفظ "علي" دال على الإلزام، فهي كقول: "لله علي نذر". 

 

إن عدم ورود لفظ النذر في الصيغة لا يؤثر في لزوم النذر إن قصد الناذر ما نذر به. ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال لرجل نذر المشي إلى الكعبة: "هذا نذر فليمش". القول الثاني: عدم انعقاد النذر صحيحا، وعدم إلزام الناذر به، وهو قول لسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، واستدلوا على ذلك بأن حقيقة النذر تتمثل بإلزام الناذر نفسه بشيء لم يلزمه به الله.


حكم النذر

وقالت دار الإفتاء، إنه يختلف حكم النذر قبل التلفظ به عن حكمه بعد التلفظ به، وتفصيل ذلك فيما يلي: أولًا: حكم النذر قبل التلفظ به: أي قبل أن يتلفظ به المكلف، فالحكم الشرعي هنا هو الكراهة؛ لأن المسلم لا ينبغي له الاشتراط على الله حتى يتقرب إليه، وإنما يفعل ذلك البخلاء؛ لحديث ابْن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: «إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحهما".


وأضافت: ثانيًا: حكم النذر بعد التلفظ به، أي بعد أن يفعله المكلف وينطق به، فالحكم الشرعي هو وجوب الوفاء بمعنى أنه يجب على المسلم الوفاء بنذره، وقد امتدح الله تعالى الموفين بنذرهم؛ فقال تعالى: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا» [الإنسان: 7]، بل أمر الله تعالى أمرًا جازمًا بالوفاء بالنذر؛ فقال تعالى: «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ» (الحج: 29)

 

حكم عدم الوفاء بالنذر

شددت على أنه لا يجوز للمسلم أن يترك الوفاء بالنذر إلا إذا عجز عن الوفاء به، فإن من نذر أداء الصيام أو الصلاة أو الاعتكاف أو الطواف أو نحوها فلم يطق أداءها أو عجز عن أدائها عجزًا لا يُرجى زواله فعليه كفارة يمين، وإذا كان عجزه عن ذلك مرجو الزوال انتظر زواله، وأدَّى ما وجب عليه بالنذر، ولا تلزمه كفارة في هذه الحالة، وذلك على المفتى به، وهو مذهب الحنابلة.

 

حكم من نذر ولم تستطع الوفاء به؟

نقلت الإفتاء قول الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (10/ 11، ط. مكتبة القاهرة): «من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادرًا عليها فعجز عنها، فعليه كفارة يمين؛ لما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: نذرَت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستفتيته، فقال: «لتَمْشِ، وَلْتَرْكَبْ» متفق عليه. ولأبي داود: «وَتُكَفِّرْ يَمِينَهَا». وللتِّرمذي: «وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ».


واستدلت بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». قَالَ: «وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: وَقَفَهُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا يُطِيقُهُ فَلْيَفِ اللهَ بِمَا نَذَرَ. فَإِذَا كَفَّرَ وَكَانَ الْمَنْذُورُ غَيْرَ الصِّيَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ"].


وواصلت: وقال أيضًا في "المغني" (10/ 12): [وإن عجز لعارض يرجى زواله من مرض أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها؛ لأنه لم يفت الوقت، فيشبه المريض في شهر رمضان]، موضحة أنه لا تعارض بين كراهة الابتداء بالنذر ووجوب الوفاء به.
 

أنواع النذر

النذر نوعان: الأول: النذر المعلق، وهو أن يعلق النذر على حصول شيء، كما لو قال: إن شفاني الله لأتصدقن بكذا أو لأصومن كذا، ونحو ذلك، النذر الثاني: النذر المُنَجَّز «أي: الذي لم يعلق على شيء»، كما لو قال: لله علي أن أصوم كذا.وكلا النوعين من النذر يجب الوفاء به إذا كان المنذور فعل طاعة، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ» رواه البخاري (6696).

 

حكم النذر

قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الله عز وجل أمر بالوفاء بالنذر، فإذا ما نذر الإنسان شيئًا فقد ألزم نفسه به وعليه الوفاء بما نذر؛ مستشهدًا بقول الله عز وجل: «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» [الحج: 29]، وبقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ».

 

وأضاف: وذلك إذا كان في مقدور الإنسان الوفاء بما نذر، وإلا فلا؛ لقوله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» [البقرة: 286]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» رواه البيهقي وغيره.
 

كيفية التكفير عن النذر

وأوضح: أن كفارة النذر هي كفارة النذر، والله تعالى بين كيفية التكفير عن اليمين كما ورد في قوله تعالى: «لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (سورة المائدة: 89).

وتابع: فكفارة اليمين بالترتيب كما وردت في الآية: أولًا: إطعام عشرة مساكين من أوسط طعام أهل البلد الذي يسكن فيه الحالف، ثانيًا: أو كسوة عشرة مساكين ما يُجزئ في الصلاة، ثالثًا: إعتاق رقبة، رابعًا: صيام ثلاثة أيام.


مقدار كفارة النذر

وأفاد: مقدار الإطعام هو ما يكفى غداء وعشاء لكل مسكين من متوسط ما يتغذى به الإنسان الذي وجبت عليه الكفارة، وذلك يختلف باختلاف المستوى الاقتصادي، ولا يراعى فى ذلك وسط المساكين الذين يأخذون الكفارة- وكذلك الأمر فى الكسوة.وأكمل: وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والإطعام يكون لكل مسكينٍ قدر صاع من غالب قوت أهل البلد -كالقمح أو الأرز مثلًا-؛ كما ذهب إلى ذلك الحنفية، ويقدر الصاع عندهم وزنًا بحوالي (3.25) كجم، ومن عسر عليه إخراج هذا القدر يجوز له إخراج مُدٍّ لكل مسكين من غالب قوت أهل البلد، وهذا هو مذهب الشافعية، والمد عندهم ربع صاع، وقدره (510) جم تقريبًا؛ لأن الصاع عندهم (2.04) كجم.
 

كيفية إخراج كفارة اليمين

ألمح الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء، إلى خطأ شائع يقع فيه الكثير فيما يخص كفارة اليمين وهو أنه إذا كان عليه كفارة فتجده يصوم 3 أيام مباشرة، رغم أن لديه القدرة على إطعام عشرة مساكين، لذلك فالإطعام مقدم على الصيام كما جاء في القرآن الكريم.

ونوه «عويضة» بأن تحرير الرقبة لم يعد موجودًا في وقتنا الحالي فبالتالي نبدأ بالإطعام فإذا الذي كان عليه الكفارة قادرًا على الإطعام فلا يجوز الصيام وإن كان غير قادر فعليه أن يصوم.
 

هل النذر مكروه

مع أن النذر في الأصل مكروه كما هو مذهب أكثر الشافعية والمالكية والحنابلة؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: نَهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن النَّذرِ، وقال: «إنَّه لا يَرُدُّ شَيئًا، وإنَّما يُستَخرَجُ به مِن البَخِيلِ» متفق عليه، إلا أنه يجب الوفاء به إذا كان نذر طاعة، قال الإمام الخطَّابي في "أَعلام السُّنَن": [هذا بابٌ من العلمِ غريبٌ؛ وهو أن يُنهى عن فعل شيء، حتى إذا فُعِلَ كان واجبًا].

 والمحققون يحملون الكراهة في الحديث على نذر المجازاة، وهو التزام قُربة في مقابلة حصول نعمة أو اندفاع بلية؛ كأن يقول: لله عليَّ إن شُفِيَ مريضي أن أتصدق بكذا، ووجه الكراهة، كما قال القرطبي في "المُفهِم": [أنه لَمَّا أوقف فعل القُربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمَحَّض له نيةُ التقرب إلى الله تعالى بما صدر منه، بل سلك فيها مسلك المعاوضة، ويوضحه أنه لو لم يُشفَ مريضُه لم يتصدق بما علَّقه على شفائه، وهذه حالة البخيل؛ فإنه لا يُخرِج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرجه غالبًا، وهذا المعنى هو المُشار إليه بقوله: «وإنَّما يُستَخرَجُ به مِن البَخِيلِ»].

وكذلك الحكم فيمن ظن أن للنذر تأثيرًا كما أشار إليه الحديث أو فيمن غلب على ظنه أنه لا يقوم بما التزمه.

أمَّا نذر التبرُّر المطلق أو نذر الابتداء فليس مكروهًا، بل هو قُربة محضة؛ لأن للناذر فيه غرضًا صحيحًا كما قال القاضي حسين من الشافعية، وهو أن يُثاب عليه ثوابَ الواجب، وهو فوق ثواب التطوع.وقد أخرج الطبري بسند صحيح، كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": [عن قتادة في قوله تعالى: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ [الإنسان: 7]، قال: كانُوا يَنذرونَ طاعةَ اللهِ مِن الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وما افتَرَضَ عليهم، فسَمَّاهم اللهُ أَبرارًا، قال الحافظ: وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة].

 

وعند المالكية أن نذر المكرَّر مكروهٌ، كمن نذر صوم كل يوم خميس أو كل شهر رجب؛ وذلك لثِقَله عند فعله وخوف التفريط في وفائه.