انتهز فرصتك.. خطيب المسجد الحرام: الدنيا للآخرة مزرعة والأرواح والأموال فيها مستودعة

قال الشيخ الدكتور بندر بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الدنيا للآخرة مزرعة، والأرواح والأموال فيها مستودعة، والحَصيفُ من انتهزَ منها فُرصَتَه، واغتَنم نَفحتَه.

نصيحة محمدية

وأوضح " بليلة" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة،  أن هذه وصيةٌ نبويةٌ جامعة، ونصيحةٌ محمديةٌ نافعة، هي للمؤمن نِبراس، ولعملِه أساس، وبها بُلوغُ المطالب، ونَيلُ المآرب، لما أخرج الإمامُ مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه، عن النبي  -صلى الله عليه وسلم -  أنه قال: (احرِص على ما ينفعك، واستعِن بالله).

وأضاف أنه قد أُمِر العبدُ بالجِدِّ في تحصيل الأمورِ النافعةِ في دينه ودنياه، منوهًا بأنه لا يكون ذلك إلا بسُلُوك ما لها من السُّبُل والأسباب، وصدِقِ اللَّجَأ إلى الملِكِ الوهاب؛ توكُّلا عليه، واستعانةً به على إدراكها وتكميلها، وإذا لم يَرْمِ في ميدانِ الانتفاع بسَهم فهو الفاتِرُ الخاسر، فلا خيرًا أصاب، ولا عِزًّا نال، ولا دينًا أَحْرز، ولا دُنيا أدرك.

أنفعُ العلم وأشرفُه

وأشار إلى أنه إذا ما عَلا المرءُ رام العُل ، ويَقنَعُ بالدُّونِ مَن كان دُونا، مشيرًا إلى أن مَدارُ النفعِ الدينيِّ على علمٍ نافعٍ وعملٍ صالح، فالعلمُ حياةُ القلوب، وغِذاءُ الأرواح، وبه الفوزُ في الدارَين.

وأفاد بأن أنفعُ العلم وأشرفُه: العلمُ بالله وبأسمائِه وصفاتِه، وأوامرِهِ ونواهيِهِ، وشرائعِهِ وأحكامِهِ وكتابِه، وأما العملُ الصالحُ فهو عبادةُ الله وطاعتُهُ وطاعةُ رسولِه  -صلى الله عليه وسلم - ، بأداء الفرائضِ والنوافلِ والتطوُّعات، مُخلَصًا فيها له سبحانه، مُتابَعًا لرسوله -صلى الله عليه وسلم-.

الغايةُ الكبرى من الخَلْق

ونبه إلى أنه تلك الغايةُ الكبرى من الإيجاد والخَلْق ، فقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الآية 56 من سورة الذاريات ، ولا يَفُتِ العبدَ حظُّهُ من النفعِ الدنيوي، من عمل مُثمِر، أو كَسبٍ حلالٍ طيب؛ إعفافًا لنفسه، وصيانةً لماءِ وجهِه، وقيامًا بواجب نفسِه ومَن يعول.

ولفت إلى أنه إذا بَذل في التماسِ النافع جُهدَه، واستفرَغ له وُسْعَه، ولم يَنَلْ مطلوبَه ومرغوبَه، فلْيَتفيأْ جَنةَ الرضا، فيما قدَّرَ اللهُ وقضى! فبذا يَزدادُ إيمانُه، ويَطمئنُّ قلبُهُ، وتَسكُنُ نفسُهُ، قال عليه الصلاةُ والسلام: (وإن أصابك شيءٌ فلا تَقُلْ: لو أني فعلتُ كذا كان كذا وكذا، ولكن قُلْ: قَدَّرَ اللهُ وما شاء فعلْ، فإنَّ لو تفتحُ عملَ الشيطان).

وشدد بأنَّه على المؤمن أن يستعين بالله ويحرص على ما ينفعه، لافتًا إلى أنه ليس شيءٌ أحسنَ للعبدِ في الحرص على النافعِ مِن صِدقِه مع ربه سبحانه، فيَصدُقُهُ في عزمِه وفِعِله، فصِدقُ العزيمةِ جَمْعُها وجَزْمُها، وصِدقُ الفعلِ استقصاءُ العملِ وعدمُ تَخَلُّفِ شيءٍ من الظاهر والباطن عنه، وذاك معنى شريفٌ كريمٌ مِن صحةِ الإخلاصِ وصدقِ التوكل، وأصدقُ الناسِ مَن صحَّ إخلاصُهُ وتوكُّل.