الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انهيار الدولار في أمريكا يسبب صعوبات بالتداول.. والحل طباعة عملة أخرى سيئة السمعة

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

للأسبوع الثاني على التوالي، يحقق الدولار الأمريكي مكاسب ملحوظة أمام العملات الأخرى، وقبل أيام ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس قوته مقابل العملات الأخرى بنسبة 18%.

انهيار الدولار بسبب التضخم

ومع ذلك، يحرم التضخم الجامح الأمريكيين أنفسهم من التمتع بمكاسب عملتهم أمام العملات الأخرى كما هو مفترض في الأحوال الطبيعية، إلى درجة أن قناة "سي إن إن" الأمريكية ذكرت في تقرير لها أن الدولار لم يعد يشتري شيئًا في الولايات المتحدة.

وضربت القناة مثالًا بمتاجر البيتزا التي كانت تعرض قطع بيتزا من حجم صغير نسبيًا بدولار واحد ولم تعد تبيعها الآن، بجانب بعض المتاجر المخصصة لبيع السلع بقيمة دولار واحد، والتي رفعت أثمان بضائعها لما فوق الدولار.

وأشارت القناة إلى أن العملة من فئة 2 دولار تكاد تكون هي العملة الأساسية في أسواق البيع بالتجزئة الآن، وهي العملة التي يطلق عليها الأمريكيون اسم "توم" على سبيل التدليل، لأنها تحمل صورة الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، وإن كان بعضهم يعتقد أن عملة الدولارين نادرة ولا تُطبع بأعداد كبيرة.

وأوضحت القناة أن هذا الاعتقاد خاطئ، فبحلول نهاية العام الحالي سيكون مكتب النقش والطباعة التابع لوزارة الخزانة والمسئول عن سك وطباعة العملات الأمريكية بمختلف فئاتها قد طبع نحو 204 ملايين ورقة من فئة 2 دولار خلال هذا العام وحده بأمر من نظام الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، أي بقيمة نحو 408 ملايين دولار، ويُعد ذلك عددًا كبيرًا من أوراق فئة 2 دولار تُطبع في عام واحد، خاصة إذا عرفنا أنه في عام 2020 كان إجمالي الأوراق المطروحة للتداول من فئة 2 دولار بقيمة 1.4 مليار دولار، ولم تكن مطبوعة خلال عام واحد بالطبع.

ومع ذلك لا يمثل إجمالي الأوراق المطروحة للتداول من فئة 2 دولار حاليًا سوى نسبة 0.001% من إجمالي العملات الأمريكية التي تشكل في مجموعها مبلغ تريليوني دولار هو المطروح للتداول حاليًا.

ولا يضطر مكتب النقش والطباعة التابع لوزارة الخزانة الأمريكية لطباعة أوراق نقدية من فئة 2 دولار أو من بعض الفئات الأخرى كل عام، فلقد كانت نادرة الاستخدام وتبقى الأوراق المطبوعة منها معروضة للتداول لوقت طويل، ولذا كان الاحتياطي الفيدرالي يطلب طباعة أوراق جديدة منها كل بضع سنوات ويعمل على تقليل حجم المخزون منها.

تاريخ عملة 2 دولار

بدأت طباعة الورقة النقدية من فئة 2 دولار في الولايات المتحدة عام 1862، أي في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة الفيدرالية طباعة الأوراق النقدية عمومًا من مختلف الفئات، وكانت نسختها الأولى تحمل صورة ألكسندر هاملتون، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وأول وزير للخزانة في حكومة فيدرالية أمريكية بعد انتهاء الحرب الأهلية ويُعد مؤسس النظام المالي للولايات المتحدة، ثم بدأت طباعة نسخة جديدة منها عام 1869 تحمل صورة توماس جيفرسون، لكن عملة 2 دولار ظلت طوال الوقت وحتى الآن نادرة الاستخدام.

والسبب الذي جعل الورقة النقدية من فئة 2 دولار قليلة التداول حتى الآن سبب عجيب، إذ يتشاءم الأمريكيون منها، بل ويلجأ المؤمنون بالخرافات إلى تمزيق زواياها "لكسر اللعنة" المحيطة بها، ما يجعلها غير صالحة للتداول، وقالت صحيفة نيويورك تايمز في مقال نشرته عام 1925 أن من يجلس للمشاركة في لعبة حظ وبيده ورقة من فئة 2 دولار لا يفارقه النحس، ويتجنب الآخرون مشاركته اللعب.

وارتبطت عملة 2 دولار كذلك بأنشطة ساهمت في تشويه سمعتها، فلطالما جرى تداولها بكثرة في ألعاب القمار ورهانات سباق الخيل وحانات البغاء، وخلال القرن التاسع عشر انتشر شراء الأصوات الانتاخبية مقابل ورقة من فئة 2 دولار، وبالتالي كان يُنظر لمن يحملها باعتباره مشبوهًا بشكل ما.

ومن الأمور الغريبة أيضًا المرتبطة بالورقة النقدية من فئة 2 دولار أن آلات المحاسبة في المتاجر (الكاشير) والتي اختُرعت خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر وزودت بأدراج مقسمة بحيث تناسب أحجام فئات مختلفة من العملات، لم يكن بها مكان مخصص مناسب لحجم الورقة من فئة 2 دولار.

وطوال السنوات الأولى من القرن العشرين بذلت وزارة الخزانة الأمريكية محاولات لم يُكتب لها النجاح لتحسين سمعة الورقة من فئة 2 دولار، ثم يئست من الأمر وقررت عام 1966 خفض عدد الأوراق المطبوعة منها بسبب تجنب الناس التداول بها.

وفي عام 1976، حلت الذكرى المئوية الثانية لتأسيس الولايات المتحدة، وبهذه المناسبة طبعت وزارة الخزانة عملة من فئة 2 دولار تحمل على ظهرها صورة لوحة مرسومة لاجتماع توقيع إعلان الاستقلال عام 1776، وكان الهدف الحقيقي هو تقليل عدد الأوراق المطبوعة من فئة 1 دولار وتوفير نفقات طباعتها.

ومرة أخرى، فشلت تلك المحاولة في إقناع الأمريكيين بتداول عملة 2 دولار، فالذين وقعت في أيديهم العملة الجديدة اعتبروها تذكارًا واحتفظوا بها ولم ينفقوها، وفي 13 أبريل 1976 عرضت هيئة البريد الأمريكية وضع طابع عليها بمناسبة ذكرى ميلاد توماس جيفرسون، لتشجيع الناس على تداولها، لكن المحاولة جاءت بنتيجة عكسية ورسخت نظرة الناس إليها باعتبارها عملة تذكارية وليست للتداول.

الـ 2 دولار تميمة حظ أيضًا

مع ذلك، هناك فئات معينة من الأمريكيين يحبون الورقة النقدية من فئة 2 دولار ويحتفظون بها كتميمة حظ، وعلى سبيل المثال أصبح من قبيل العادة أن يحتفظ الطيارون الذين يقودون طائرات الاستطلاع من طراز يو-2 في جيوب ستراتهم العسكرية بورقة نقدية من فئة 2 دولار.

ومنذ عقد السبعينيات، اعتاد مشجعو فريق تايجرز لكرة القدم الأمريكية التابع لجامعة كليمسون شراء حاجياتهم والدفع في المقاهي بعملات من فئة 2 دولار.

ويقول بعض محبي الورقة النقدية من فئة 2 دولار أنه من الأفضل لوزارة الخزانة التوسع في طباعتها بدلًا من طباعة الفئات الأعلى التي تكلف أحبارها وتصميماتها ثمنًا أعلى، ولأنها كذلك أكثر توفيرًا من طباعة الورقة من فئة 1 دولار والتي تراجعت قدرتها الشرائية مقارنة بتكلفة طباعتها.

ووصل الأمر بمنتج الأفلام الوثائقية جون بيناردو إلى إنتاج فيلم وثائقي عام 2015 عن الورقة النقدية من فئة 2 دولار لرد الاعتبار إليها "ولتعليم الناس كيف يبدأون بتداول عملة 2 دولار في حياتهم اليومية".