الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سري جدا إلى ملك

الكاتب - مايكل عياد
الكاتب - مايكل عياد

منذ مهدي وأنا أتلمس يد الله بيومي وتفاصيلي وحياتي، إلا أنه منذ عام وضعت يداه داخل فمي ما جعلني أتذوق ما لم أدرك وجوده بتلك الحلاوة، عام وضع الله فيه عصارة جماله بتلك القطعة المكونة مني.

احتفلنا منذ أيام بيوم مولدك، وبعد العام، تنازعت أفكاري وأن أهمُ بكتابة أولى نصائحي لكِ، فبماذا أستهل كلماتي، أحبيبتي أم ابنتي أم صديقتي أم ماذا؟ فهل في جعبة اللغة العربية ما يوفيكِ مقدراك؟ بالقطع لم أجد ولكني اهتديت.

أمي ملك، أكتب إليكِ رسالتي الأولى، والتي لا أعرف ولا يهمني متى وكيف ستصلك، إذا لمن يكن كما أظن حالياً بأن مضمونها بات قابعا بقلبك بالفعل من الآن، وكل ما يهمني أن تجدك كلماتي حين تتحصلي على أبجدية اللغة وأنتِ بأفضل حال.

سأقص عليكي خلال السطور التالية، قبل تعليماتي لكِ، التي أود أن تكون نبراساً لحياتك، ما لم أخبر  به أحدًا، ولكن إياكِ أن تخبري أنتِ أحدًا به، فما بيننا لا يجب أن يكون يومًا خارج غيرنا.

رغم أنني ضعيف الذاكرة،  فإنني منذ مجيئك وقد استرجعتُ كل شيء، تذكرتُ طفولتي، شاهدت صباي، زرتُ شبابي، ثم حللتُ ما مررت به وما أفضى إليه فيّ، واستخلصت منه ما يجب أن أحاول أن يكون فيكي منه، بل وقمت بتبريقه حتى يليق بكِ.

أختي ملك، لن تدركي حجم الجهد الذي بذلت خلال الليالي التي كنتي نائمة بها إلى جواري، وأنا أجمع لكِ بعقلي كل غالٍ ونفيس، وأرتب الأيام وأنتظرها، فهنا أحلام عن تكوين روحك، وهناك الأفضل لصحتك، وهنالك كيف لمستقبلك أن يكون أجمل.

والحقيقة أنني اكتشفتُ خلال ذلك أنني كنت لا أنظر سوى لمستقبلي من خلالك، وكأنني أبدًا لم أخطط لنفسي من قبل، كما شعرتُ أنني كنت مقصرًا في حبي لكل من حولي، فما تذوقته معكِ من حب كشف لي بأنني قبلك كنت أسير ويسير بداخلي شعور بأني أحب ولكنه فقط شعور، الأمر الذي دفعني لمراجعة مشاعري مع كل من على وجه البسيطة.

سيدتي ملك، بدأت تجاربي بثالثتنا في الغرفة، أمك، تحسست مفاتن جمالها الخفية، فشاهدت ما لم أكن أراه، تلصصت عليها ليلاً حتى أستشف منها ما أريده لكي، فانبهرت، تفرست جمال روحها فاندهشت، تفحصت قلبها فتمنيته كاملاً لكِ، ولكن بإضافة بعض الجبن، أعي جيداً أن أحدهم وهو يقرأ سيقول أتتمنى لابنتك الخوف، ولكن أدرك أيضًا أن الحبل الواصل بيننا سيفطنك بأن مقصدي هو ما نأكل لا ما نشعر. 

حبيبتي ملك، اكتشفت أيضا أنني استلمت راية الحب من أجدادك، وليس لدي سوى شعلتها كي أُسلمك إياها، ولكن تذكري، أصبحت أنظر إليكِ فأحبُ حياتي أكثر، أراكِ تضحكين أستلطفُ الحياة أكثر، أحملك فأشعر بكوني رجلاً أكثر فأكثر.

ابنتي ملك، في الحقيقة قبل أعوام قليلة كنت على شفا ليال كحلاء، ووجودك كان بارقة أمل، فأتيتي أنتِ لتكوني دليلًا ومعلمًا وراشدًا لي، ولذلك لا أمل لي فيكِ أفضل من وجودك فقط، لا أتطلع لشيء فيكِ سواكِ، وما انتزعته من أيامي حتى يكون دليلاً لكِ، ما هو إلا سراب، كوني كما تشائين، اصنعي ذاتك بذاتك، لا تتطلعي لشيء فينا، أنيري لنا الباقي من أيامنا كما تفعلين الآن.