الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ممثلو الكنائس: مشاركة شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في ملتقى البحرين ترجمة لوثيقة الأخوة الإنسانية.. وآلام ومعاناة الشرق الأوسط جرح عميق تشترك فيه البشرية

الإمام الأكبر وبابا
الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان

ملتقى البحرين للحوار

ممثلو الكنائس: مشاركة شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين وبابا الفاتيكان في ملتقى البحرين ترجمة لوثيقة الأخوة الإنسانية

الكاردينال بشارة الراعي: التعايش الإنساني يقتضي التزاما دوليا لوضع حد للتطرف والتعصب

مجلس الكنائس العالمي: آلام ومعاناة الشرق الأوسط جرح عميق تشترك فيه البشرية جمعاء

واصل ملتقى البحرين للحوار، جلسات انعقاد يومه الأول من حوار الشرق والغرب بمشاركة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان البابا فرنسيس والذي تختم فعالياته غدا. 

وتستضيف العاصمة البحرينية المنامة ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» يومي الخميس والجمعة 3و4 نوفمبر، تحت رعاية الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وبمشاركة فضيلة الإمام الأكبر  الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، ونحو 200 شخصية من رموز وقادة وممثلي الأديان حول العالم، إضافة إلى شخصيات فكرية وإعلامية بارزة، بتنظيم من مجلس حكماء المسلمين، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مملكة البحرين، ومركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي.

بشارة الراعي

حوار الأديان يتحقق بالصداقة وتقاسم القيم 

أكد البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الكنيسة المارونية، أن التعايش الإنساني يقتضي التزاما دوليا وإقليميا وداخليا، شرقا وغربا، من خلال وضع حد للأوضاع الخطيرة، كالتطرف الديني والقومي والتعصب، الذي أثمر ما يمكن أن نطلق عليه بوادر "حرب عالمية ثالثة" على أجزاء مختلفة حول العالم، والتي بدأت تكشف عن وجهها القبيح في كثير من الأماكن، وعن أوضاع مأساوية لا يعرف – على وجه الدقة – عدد من خلفتهم من قتلى وأرامل وثكالى وأيتام.

وحذر الكاردينال الراعي، خلال كلمته بملتقى البحرين للحوار، من أن هناك أماكن أخرى حول العالم يجري إعدادها لمزيد من الانفجار وتكديس السلاح وجلب الذخائر، في وضع عالمي تسيطر عليه الضبابية وخيبة الأمل والخوف من المستقبل، وتتحكم فيه المصالح المادية الضيقة، بالإضافة إلى الأزمات السياسية الطاحنة، والظلم وافتقاد عدالة التوزيع للثروات الطبيعية – التي يستأثر بها قلة من الأثرياء ويحرم منها السواد الأعظم من شعوب الأرض – قد أنتج وينتج أعدادا هائلة من المرضى والمعوزين والموتى، وأزمات قاتلة تشهدها كثير من الدول"

وشدد الكاردينال الراعي، على أن الحوار بين أتباع الأديان من أجل تأمين تعايش إنساني سليم لا يتحقق فقط بالدبلوماسية والتسامح فقط؛ بل يتحقق أيضا بالصداقة والسلام وتقاسم القيم والممارسات الأخلاقية والروحية بروح الحقيقة والمحبة، وبالانفتاح على الأخوة الشاملة، لافتا إلى تأكيد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، على أن الضمير المخدر، والابتعاد عن القيم الدينية، وتفاقم تيارات الفردية والمادية، واستعمال الدين للمصالح الإيديولوجية والسياسية- من أكثر  الأسباب تأثيرا على إثارة الأزمات في العالم المعاصر.

وأعرب الكاردينال الراعي عن أهمية مشاركة قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وفضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، في ملتقى البحرين للحوار، وأن هذه المشاركة تعد ترجمة ودليلا على ارتباط هذا الملتقى بوثيقة "الأخوة الإنسانية"، التي وقعاها سويا في الرابع من فبراير 2019م بأبوظبي، من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، لافتا إلى ضرورة أن يعلي جميع المشاركين في الملتقى من روح المحبة والرحمة، حتى لا ينحصر الأمر في إطار الأكاديميات، متمنيا النجاح الكامل للملتقى والتوفيق لجميع المشاركين.

المجلس البطريركي

تضافر الجهود لتحقيق التعايش المشترك  

قال المطران هيرومونك جريجوري ماتروسوف، رئيس المجلس البطريركي للتواصل مع المسلمين في روسيا، إن هناك العديد من الأمثلة الناجحة حول العالم لكيفية إيجاد أرضية مشتركة والعيش بسلام على الرغم من الاختلافات، لكن لسوء الحظ علينا أن نعترف بأن العالم، لسبب أو لآخر، على وشك كارثة أقرب من أي وقت مضى في التاريخ.

وأكد خلال كلمته بالجلسة الرئيسة في ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب» أن الوقت لا يسمح باستهلاك الوقت في تحديد المخطئ لإلقاء اللوم عليه، ولكن يجب على الجميع توحيد الجهود لإيجاد طريقة للخروج من الوضع الحالي، والعمل على سد الثغرات الموجودة في سفينتنا المشتركة، لافتًا إلى أن الخبرات الفكرية والعلمية والثقافية وغيرها من الخبرات الغنية جدًا التي تراكمت على مدى آلاف السنين، والتي سمحت للإنسانية بتحقيق أعلى أهداف الحياة البشرية، ليست في حد ذاتها ضمانًا للسلام، فهناك للأسف أطراف خارجية لا تؤمن بالسلام أساسا التعايش ولا تريد سلام الشعوب ولا ازدهارها.

وأشار المطران الروسي إلى أن عدد المسلمين والمسيحيين يبلغ نصف سكان العالم، أي حوالي 4 مليارات نسمة، لذا فإن العثور على نقاط الاتفاق والتواصل بين هاتين الديانتين العظيمتين هو أهم مَهمة في تاريخ العالم كله، وهذا الأمر الذي أطرحه ليس بجديد ولكن تحقيقه وتنفيذه عمليا ما زال صعب التحقيق ويبقى مهمة ذات أولوية جوهرية.

وعرض المطران الروسي خلال كلمته إيجازًا لأسس التعايش السلمي، وقال إن هذه الأسس جاءت من رحم تعاليم المسيحية والإسلام، مستعرضًا نصوص الإسلام والمسيحية التي تشير إلى أن أهم قيمة يجب أن تشاركها الأديان وتبرهن عليها، وهي أنه بدون عبادة الإله وجعله في مركز الحياة البشرية، لا يمكن تحقيق السعادة والرفاهية، وتؤكد الأديان على القيم العائلية فيدين الإنجيل والقرآن بشدة الانحرافات عن العلاقات الأسرية التقليدية، ولكن للأسف هناك تيار نشط الآن من الدعاية التي تهدف إلى تدمير الأسرة التقليدية وإفساد العلاقة التقليدية بين الرجل والمرأة.

وتابع أن الأديان تؤكد التسامح الديني، ولكن لسوء الحظ أيضًا  نشهد في العقود الأخيرة علامات على رهاب المسيحية وكراهية الإسلام بشكل أكثر وضوحًا في جميع أنحاء العالم، ورغم الجهود الدبلوماسية التي تميل إلى إسكات مثل هذه المظاهر إلا أن التمييز الديني لا يزال موجودًا ومنتشرًا، ولن يؤدي الجهل والقمع المتعمد لمبادئ هاتين الديانتين إلا إلى التطرف والكراهية.

وفي ختام كلمته، أكد رئيس المجلس البطريركي للتواصل مع المسلمين في روسيا أهمية إيجاد نقاط الاتصال بين الإسلام والمسيحية في مجالات متعددة، وضرورة استمرار التفاعل والتعاون في المجالات الإنسانية والثقافية حيث إنها من الأولويات المطلقة، كما أن إيجاد مشروعات محددة وإمكانية تنفيذها، وكذلك توسيع نطاق التعاون بين الدول والمنظمات الدينية المختلفة والناس العاديين، هي أيضًا مسألة مهمة وحيوية في عصرنا، والتجارب النظرية والعملية الثرية للتفاعل وثيق الصلة بين المسيحية والإسلام يجب أن تجعلهما حلفاء قادرين معًا على حل مشكلات الأمن العالمي ودعم استمرار تاريخ البشرية. 

الكنائس العالمي 

مثال حي للتعايش وتجسيد معاني الأخوة الإنسانية

قال القس الدكتور إيوان سوكا، القائم بأعمال الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، إن انعقاد ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" يعد فرصة مهمة لتبادل الأفكار والرؤى وطرح المناقشات، مما يجعله مثالًا حيًّا لتعزيز التعايش العالمي وتجسيد معاني الأخوة الإنسانية.

وأشار خلال كلمته بالجلسة الرئيسة بملتقى البحرين للحوار إلى أن الله خلق البشر جميعا على اختلاف أشكالهم وتنوعهم من أجل التعارف واحترام بعضهم بعضًا، ومن ثم فقد جعل الله التعايش أمرًا إلهيًّا وليس مجرد تجربة بشرية، مضيفًا أن مجلس الكنائس العالمي بصفته وحدة الانتماء العالمية بين الكنائس- يضع هذه الرسالة في صميم رؤيته ورسالته.

وأوضح الدكتور إيوان سوكا أنه من أجل ذلك، فقد دعا مجلس الكنائس العالمي في اجتماعه الحادي عشر الذي عقد مؤخرًا في مدينة كارلسروه، جميع أصحاب النيَّات الحسنة إلى العمل معًا من أجل المصالحة والوحدة، وهو ما أكدته عواقب جائحة كوفيد-19 وتحديات العصر بأن عالمنا أصبح في حاجة ماسَّة إلى المصالحة والوحدة أكثر من أي وقت مضى.

واستعرض "سوكا" تجارب مجلس الكنائس العالمي في تعزيز التعايش مع أتباع الديانات الأخرى على أساس القيم المشتركة والاستجابة لتحديات العصر، مثل العدالة المناخية من خلال العمل والتنسيق مع الكنائس في جميع أنحاء العالم من أجل حماية وشفاء الكوكب والتخطيط لمستقبل مشترك، كما حذر من خطورة ممارسة التميز العنصري وسياسات الفصل العرقي، وهو ما يثير مسألة الكرامة الإنسانية وتقدير الذات في مواجهة النظم التي تجرد الإنسان من إنسانيته وتشوه كرامته.