الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بابا الفاتيكان لـ شباب البحرين: كونوا زارعي أخوَة لتحصدوا المستقبل

بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان

التقى البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، في إطار زيارته للمنامة، بالشباب البحريني، في مدرسة القلب الأقدس الكاثوليكية.

لقاء مع الشباب

وأكد بابا الفاتيكان على ضرورة الاهتمام بالشباب، وعقب استماعه إلى كلمة ترحيب من الراهبة روزالين توماس مديرة المدرسة ثم إلى شهادات بعض الشباب وجه قداسة البابا كلمة أعرب في بدايتها عن شكره لمديرة المدرسة على ترحيبها وعملها وللشباب على حضورهم وحماسهم، مشيرا إلى كونهم من دول مختلفة. 

وأعرب بابا الفاتيكان عن سعادته لرؤيته في البحرين مكان لقاء وحوار ثم برؤيته هؤلاء الشباب الذين ورغم اختلاف دياناتهم لا يخشون أن يكونوا معا، وأضاف: "أعتقد أن بدونكم لن يكون هناك هذا التعايش في التنوع ولن يكون له مستقبل". شدد البابا فرنسيس بعد ذلك على حاجة الأطر المعقدة التي نعيش فيها إلى عدم تخوف الشباب من النقاش والحوار ورفع أصواتهم والاختلاط بالآخرين، وذلك كي يصبحوا الأساس لمجتمع يتسم بالصداقة والتضامن.

وأراد قداسة البابا وانطلاقا من شهادات الشباب أن يوجه إليهم ثلاث دعوات. 

الأولى هي معانقة ثقافة الرعاية، وقال إن الرعاية تعني التمتع بتعاطف داخلي ونظرة متنبهة تجعلنا نخرج من ذاتنا، ويخلق حضورا لطيفا يهزم اللامبالاة ويدفعنا إلى الاهتمام بالآخرين. 

ووصف البابا هذا بترياق ضد عالم منغلق تطبعه الفردانية يلتهم أبناءه ويتسم بحزن يولد اللامبالاة والوحدة. وذكَّر البابا فرنسيس هنا باهتمام يسوع بالعلاقة مع جميع مَن التقاهم وإصغائه إلى طلبهم المساعدة، اقترابه ولمسه جراحهم بيديه. وأضاف قداسته أن يسوع جاء ليخبرنا أن الله العلي يعتني بنا، وليُذكرنا بضرورة أن نعتني بأحد ما وخاصة بمن هم أكثر ضعفا. كم هو جميل أن نكون زارعي رعاية وفناني علاقات، قال البابا مشيرا

وتابع أنه ما من صلاة بدون علاقة وما من فرح بدون محبة. وتحدث بالتالي عن المحبة فقال إنها تعني الاهتمام بالآخر والعناية به وتقديم أوقاتنا ومواهبنا لمن يحتاج. وحث الأب الأقدس الشباب على أن يتذكروا دائما أن كلا منهم هو كنز فريد وثمين، وبالتالي: لا تحتفظوا بالحياة في خزنة، قال البابا.

كانت الدعوة الثانية التي وجهها قداسة البابا فرنسيس إلى الشباب هي أن يكونوا زارعي أخوَة لأن هذا سيجعلهم حاصدي مستقبل. 

وذكّر في هذا السياق بما جاء في رسالة القديس يوحنا الأولى: "الَّذي لا يُحِبُّ أَخاه وهو يَراه لا يَستَطيعُ أَن يُحِبَّ اللهَ وهو لا يَراه. إِلَيكُمُ الوَصِيَّةَ الَّتي أَخَذْناها عنه: مَن أَحَبَّ اللهَ فلْيُحِبَّ أَخاه أَيضًا". يطلب منا يسوع، قال البابا فرنسيس، ألا نفصل أبدا بين محبة الله ومحبة القريب، أن نصبح نحن أنفسنا قريبين من الجميع لا فقط لمن نستلطفه.

 وشدد على أن العيش كأخوة وأخوات دعوة موجهة إلى الجميع، مضيفا أن الشباب بشكل خاص مدعوون إلى "الرد بحلم جديد من الأخوّة والصداقة الاجتماعية، لا يقتصر على الكلام". وواصل الأب الأقدس داعيا الشباب إلى التساؤل: هل أنا منفتح على الآخرين، هل أنا صديق لمن ليس دائرة اهتماماتي ولديه إيمان أو عادات مختلفة؟ هل أسعى إلى اللقاء أم أظل منعزلا؟ وأضاف أن الإجابة قد ذكرتها فتاة قدمت شهادتها في البداية، ألا وهو إنشاء علاقات جيدة مع الجميع. ودعا البابا في هذا السياق الفتية والشباب إلى أن يسافروا في داخلهم ويوسعوا حدودهم الداخلية، كما وأشار إلى ضرورة أن يَدَعوا الصلاة تساعدهم، وذلك لأنها توسع القلوب وتفتح على اللقاء مع الله، وشدد على ضرورة أن نرى في من نلتقي به أخا وأختا.

وذكّر الأب الأقدس في هذا السياق بكلمات النبي ملاخي توجّه قداسة البابا فرنسيس إلى مدرسة القلب الأقدس في البحرين وهي مدرسة كاثوليكية تأسست بالقرب من كنيسة القلب الأقدس في منامة وكان في استقباله مديرة المدرسة روزيلين توماس مع بعض الأساتذة ثم توجّهوا جميعًا إلى القاعة الرياضية في المدرسة حيث كان بانتظار الأب الأقدس حوالي ثماني مائة شاب وشابة حيث وجّهت الأخت روزيلين كلمة رحّبت بها بالأب الأقدس معبرة عن الإعجاب والتقدير لخدمته المتواضعة كمرشد محبٍّ نحو السلام والتناغم والخطوات الشجاعة التي قام بها في هذا الاتجاه. وقالت إن مدرسة القلب الأقدس هي رمز مصغر للتعايش السلمي وثقافة الرعاية. لدينا طلاب وموظفون من ٢٩ جنسية وثقافة ولغات وخلفيات دينية مختلفة، ومن المؤكد أن وجودكم معنا سيزيد من الوعي بتنوعنا الثقافي ومعتقداتنا المشتركة، بالإضافة إلى التزامنا بتأسيس مجتمع نابض بالحياة ومحترم للأجيال الحاضرة والمستقبلية. وخلصت إلى القول أيها الأب الأقدس إن الوجوه المبتسمة للشباب الحاضرين هنا اليوم تعبر عن فرحهم برؤيتكم شخصيًا. إن كلماتكم ستقويهم لكي يكونوا الرجاء في مستقبل منير لعالمنا، حيث سيكونون مواطنين فاعلين يجتهدون لكي يجعلوا عالمنا مكانًا أفضل.

الحوار مع شيخ الأزهر

وكان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر،  ققد التقى شباب البحرين، بحضور الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة ملك البحرين للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، للحديث مع الشباب والاستماع إلى أسئلتهم واستفساراتهم وتطلعاتهم وما يشغل بالهم، ومعرفة ما يواجههم تحديات في حياتهم اليومية، ونقل الخبرات إليهم وتوجيه النصائح بما ينفعهم ويجعلهم فاعلين في نشر سماحة الدين في أخلاقهم وتعاملاتهم.

ولم يُلق شيخ الأزهر كلمته التي أعدها للحديث إلى الشباب، وقال إن ما رآه من همة الشباب واستقبالهم لفضيلته بحفاوة وإقبال نحو النقاش المفتوح، دفعه إلى إلغاء كلمته المكتوبة، والحديث معهم من قلبه دون أي قيود في أسئلة أو استفسار، داعيًا الشباب إلى الحديث بكل أريحية في كل ما يشغلهم من قضايا واستفسارات.

وعبَّر الشباب الحاضرين عن شكرهم لقيادتهم الرشيدة على إعطائهم فرصة اللقاء مع قامة دينية ورمز إسلامي كبير لطالما أحبوه وتابعوا لقاءاته وكلماته في المحافل الدولية، وأنهم لديهم شغف كبير لهذا اللقاء والحوار مع شيخ الأزهر، معربين عن حب شعب البحرين وشبابه لمؤسسة الأزهر الشريف وعلمائها، وتحدَّث الشباب عن شعورهم بالأمل والحماس وتطلعهم لمستقبل أكثر إشراقًا وأملًا والتزامًا.