الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي مبارك أبو التعليم.. أنشأ القاهرة الخديوية وغير نظام الدراسة في مصر

صدى البلد

يصادف اليوم ذكرى وفاة أبو التعليم في مصر "علي مبارك"، إذ رحل فى 14 نوفمبر عام 1893م واقترن اسم علي مبارك فيتاريخ مصر الحديث بالجانب العملي للنهضة والعمران، وتعددت إسهاماته فيها على نحو يثير الإعجاب والتقدير،


 

نشأة علي مبارك

ولد علي مبارك في قرية برنبال الجديدة التابعة لمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية سنة (1824م)، ونشأ في أسرة كريمة، وحفظ القرآن الكريم،وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودفعه ذكاؤه الحاد وطموحة الشديد ورغبته العارمة في التعلم إلى الهرب من بلدته ليلتحق بمدرسة الجهاديةبالقصر العيني، وهو في الثانية عشرة من عمره، وبعد عام ألغيت مدرسة الجهادية من القصر العيني، واختصت مدرسة الطب بهذا المكان.


 

وانتقل علي مبارك مع زملائه إلى المدرسة التجهيزية بأبي زعبل، وبعد أن أمضى علي مبارك في مدرسة أبي زعبل ثلاث سنوات اختير معمجموعة من المتفوقين للالتحاق بمدرسة المهندسخانة في بولاق سنة (1839م)، وكان ناظرها مهندس فرنسي يسمى “يوسف لامبيز بك”،ومكث علي مبارك في المدرسة خمس سنوات درس في أثنائها الجبر والهندسة والطبيعة والكيمياء والمعادن والجيولوجيا، والميكانيكاوالديناميكا، والفلك، ومساحة الأراضي وغيرها، حتى تخرج فيها سنة (1844م).


 

اختير علي مبارك ضمن مجموعة من الطلاب النابهين للسفر إلى فرنسا في بعثة دراسية سنة (1844م) وبعد أن قضى ثلاث سنوات فيالمدرسة المصرية الحربية بباريس، التحق بكلية “متز” سنة (1847م) لدراسة المدفعية والهندسة الحربية، وظل بها عامين، التحق بعدهما بالجيش الفرنسي للتدريب والتطبيق.

 

 وبعد عودته إلى مصر عمل بالتدريس، ثم التحق بحاشية عباس الأول مع اثنين من زملائه في البعثة، وأشرف معهما على امتحان المهندسين،وصيانة القناطر الخيرية، ويقوم معهما بما يكلفون به من أعمال الهندسة، حتى أحيل عليهم مشروع “لامبيز بك” الذي كُلّف بإعداد خطةلإعادة تنظيم ديوان المدارس وتخفيض أعباء الإنفاق، فعرض على عباس الأول مشروعًا لتنظيم المدارس تبلغ ميزانيته مائة ألف جنيه، فأحال المشروع إلى علي مبارك وزميليه أدرك علي مبارك هدف عباس، فوضع مشروعًا لإعادة تنظيم المدارس تبلغ ميزانيته خمسة آلاف جنيه، وتقدمبه هو وزميلاه إلى عباس الأول الذي استحسنه لأنه يمشي مع هواه في تخفيض الإنفاق، وكلف علي مبارك بنظارة المدارس وتنفيذ المشروعوالإشراف عليه، ومنحه رتبه “أميرلاي”، وكان مشروعه يقوم على تجميع المدارس كلها في مكان واحد وتحت إدارة ناظر واحد، وإلغاء مدرسة الرصدخانة لعدم وجود من يقوم بها حق القيام من أبناء الوطن، وإرجاء فتحها حتى تعود البعثة التي اقترح إرسالها إلى أوروبا فتديرها.

 

 وبعد أن تولى إدارة ديوان المدارس أعاد ترتيبها وفق مشروعه، وعين المدرسين، ورتّب الدروس، واختار الكتب، واشترك مع عدد من الأساتذةفي تأليف بعض الكتب المدرسية، وأنشأ لطبعها مطبعتين، وباشر بنفسه رعاية شئون الطلاب من مأكل وملبس ومسكن، وأسهم بالتدريس فيبعض المواد، واهتم بتعليم اللغة الفرنسية حتى أجادها الخريجون.
 

بناء القاهرة الخديوية

وكان لصاحب "الخطط التوفيقية" الفضل فى النهضة العلمية والمعمارية الحضارية التى شهدتها مدينة القاهرة خلال النصف الثانى منالقرن التاسع عشر، فى عهد الخديوى إسماعيل، حيث أسند إليه قيادة مشروعه المعماري العمراني، بإعادة تنظيم القاهرة على نمط حديث: بشق الشوارع الواسعة، وإنشاء الميادين، وإقامة المباني والعمائر العثمانية الجديدة، وإمداد القاهرة بالمياه وإضاءتها بالغاز، ولا يزال هذاالتخطيط باقيًا حتى الآن في وسط القاهرة، شاهدا على براعة علي مبارك وحسن تخطيطه.

وبحسب كتاب "تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الثانى)" لـ جرجى زيدان، فإن أعمال الراحل مما يتعلق بديوانالأشغال فكثيرة، منها تنظيم شوارع القاهرة وتوسيعها كما هي الآن، ومن الشوارع التي فُتحت على يده شارع محمد علي وميدانه، وشوارعالأزبكية وميدانها، وما يحيط بعابدين من الشوارع ونحوها، وباب اللوق، وكانت جهات الفجالة والإسماعيلية تلالًا وآكامًا قذرة فأنعم بهاالخديوي الأسبق على الناس فمهدوها، وبنوا فيها القصور والحدائق حتى صارت كما نراها الآن.

وبحسب عدد من الباحثين، بدأ على مبارك تخطيطه بإنشاء أحياء الإسماعيلية والأزبكية، ورغم المحاولات السابقة لإعمار هذه المنطقة إلا أنالخديو إسماعيل يعد المؤسس الحقيقي لها بمحاولاته في نقل تجارب وخبرات المعماريين الفرنسيين لتضم قاهرته الجديدة منشآت ثقافيةوخدمية وترفيهية ومتاحف وقصور وتتسع رقعتها السكنية لـ 750 ألف نسمة.


 

وفاته

كانت نظارة المعارف في وزارة رياض باشا آخر مناصب علي مبارك، فلما استقالت سنة (1891م) لزم بيته، ثم سافر إلى بلده لإدارة أملاكه،حتى مرض، فرجع إلى القاهرة للعلاج، فاشتد عليه المرض حتى وافته المنية في (14 من نوفمبر 1893)