الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الجد والسعي لطلب الرزق.. تحري الكسب الحلال.. وطرق هذه الأبواب لتجنب الشبهات".. رسائل الأوقاف في الجمعة الأولى من شهر جمادى

رئيس القطاع الديني
رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف

ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة "بمسجد الساحة" الجديد بمركز ومدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية اليوم، تحت عنوان: "الكسب الحلال". 

الفرق الواضح بين الحلال والحرام

وفي خطبته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين لنا الفرق الواضح بين الحلال والحرام وما بينهما من مشتبهات، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمًى، ألا وإنَّ حمى اللهِ محارمُه"، وهذا ما قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "استفتِ قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك"، فكل ما تفعله مرضاةً لله ولا تخشى من اطلاع الناس عليه وتفعله علانية وبشفافية ووضوح، يسلك بك إلى سبيل الحلال إن شاء الله، وكل ما تفعله بقلق وخوف وتوجس وارتياب وتخفي فعليك أن تراجع نفسك فيه.

ترك بعض الحلال مخافة الحرام

مؤكدًا أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) كانوا يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام، لعلمهم بمآل الحرام في الدنيا والآخرة، فالكسب الحلال سبيل إلى مرضاة الله (عز وجل) وسبيل إلى المباركة في الأسرة والأبناء والأحفاد، حيث يقول سبحانه: "وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا"، قال بعض أهل العلم: كان الجد السابع لهم، وهكذا الحلال، أطعم أبناءك حلالًا ولا تخف عليهم بعد ذلك، وقد سأل سيدنا سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ (رضي الله عنه) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسولَ اللهِ أدعُ اللهَ أنْ يجعَلَني مُستَجابَ الدَّعوةِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا سعدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ، والَّذي نفْسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ، إنَّ العبدَ لَيَقذِفُ اللُّقمةَ الحرامَ في جَوفِهِ ما يُتقبَّلُ منه عملٌ أربعينَ يومًا، وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحْتٍ، فالنَّارُ أَوْلى به"، وكأنه يقول لنا وله ليس الأمر في الدعاء لك، ولكن الأمر عندك أنت والزمام في يدك أنت: "أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ"، ومرَّت امرأة صالحة على قوم متفيقهين متفلسفين يقفون على الشكل لا على المضمون، فقالت من شيخكم؟ فقالوا فلان، فقالت له: كيف تأكل؟ فقال لها: أُسمي الله، وآكل بيميني، وآكل مما يليني، وأصغر اللقمة، وأجيد المضغة، فقالت له: ليس كذلك، فقال إذًا كيف الأكل؟ فقالت له: كل حلالًا وكل كيف شئت، فلو قرأ ما قرأ وسمى ما سمى وهو يأكل حرامًا لم يغنه ذلك شيئًا، فالحرام سم قاتل في الدنيا يذهب البركة، مشيرًا إلى أن بعض الناس ربما يقول ولكننا نشاهد غير ذلك، فنقول لهم إذا غضب الله على عبد رزقه من حرام، فإذا اشتد غضبه عليه بارك له فيه، فالله سبحانه وتعالى يقول: "سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ"، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحْتٍ فالنَّارُ أَوْلى به"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَن اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال وإن كان قضيبًا من أراك"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ العبدَ لَيَقذِفُ اللُّقمةَ الحرامَ في جَوفِهِ ما يُتقبَّلُ منه عملٌ أربعينَ يومًا، وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحْتٍ، فالنَّارُ أَوْلى به".

ضرورة الكسب من الحلال

كما أكد وزير الأوقاف على ضرورة الكسب من الحلال، حيث قيل يا رسولَ اللهِ: أيُّ الكسبِ أطيَبُ قال: "عملُ الرَّجلِ بيدِه وكلُّ بيعٍ مبرورٍ"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ"، وقد خص نبينا (صلى الله عليه وسلم) نبي الله داود (عليه السلام) من بين سائر الأنبياء، ذلك لأنه كان ملكًا نبيًا، فلم يكن بحاجة إلى العمل ليتقوت منه، وإنما كان يعمل لشرف العمل، مؤكدًا أن البيع المبرور، هو البيع الذي لا غش فيه لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"، والبيع المبرور لا احتكار فيه لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "المحتكر ملعون"، والبيع المبرور لا استغلال فيه للأزمات ولا لحوائج الناس؛ لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَن دخلَ في شيءٍ من أسعارِ المسلمينَ ليُغْليَهُ علَيهِم فإنَّ حقًّا علَى اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى أن يُقْعِدَهُ بعِظَمٍ منَ النَّارِ يومَ القيامةِ"، وخص أقوات الناس لأن الحياة تتوقف عليها، والبيع المبرور لا إخفاء للعيوب فيه، ولا تدليس فيه؛ لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "الْبَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِما"، وأن تحري الحلال منجاة لك ولأسرتك وأبنائك، وبركة في مالك، وسبيل إلى مرضاة الله (عز وجل)، وليس لك إلا ما كُتب لك، فالحرام سم قاتل في الدنيا ونار تحرق في الآخرة، حيث يقول سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"، مؤكدًا أن الاعتداء على المال العام وأملاك الدولة وعلى مال الوقف وعلى أي من الملك العام جريمة شرعية ووطنية وإثم أعظم لكثرة الحقوق المعلقة به.

تحري الكسب الحلال

كما أدى الدكتور هشام عبدالعزيز رئيس القطاع الديني وخطيب الجمعة بالأوقاف، خطبة الجمعة الأولى من شهر جمادى من رحاب المسجد الكبير بقرية السناجرة محافظة الشرقية، تحت عنوان الكسب الحلال.

وقال خطيب الجمعة بالأوقاف إن طلب الكسب وتحري الحلال من أعظم خصال المؤمن الذي يريد أن يلقى الله دون حساب ولا عقاب يقول النبي أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا ، صدْقُ الحديثِ ، وحفْظُ الأمانةِ ، و حُسْنُ الخُلقِ ، وعفَّةُ مَطْعَمٍ".

وتابع خلال خطبة اليوم الجمعة من رحاب المسجد الكبير بقرية السناجرة محافظة الشرقية، كان سلفنا الصالح يتركون كثير من أبواب الحلال مخافة الوقوع في الحرام، يقول عمر كنا نترك تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام، مؤكداً أن البعض قد تهاون في الكسب دون تحري الحلال والحرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يَأْتي علَى النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المَرْءُ ما أخَذَ منه؛ أمِنَ الحَلالِ أمْ مِنَ الحَرامِ".

طلب الرزق في الإسلام

كما أكد الدكتور هشام عبدالعزيز رئيس القطاع الديني وخطيب الأوقاف، أن طلب الرزق في الإسلام قائم على أساس الكسب الحلال الطيب المبارك الذي لا شبهة فيه ولا حرام، دون الغش أو الغرر أو التدليس أو الاحتكار أو استغلال حاجات الناس.

وتابع خطيب الأوقاف، إن الله خلق الإنسان وذلل له الكون، وأمره بالجد والعمل لتحصيل سبل الحياة والمعاش، موضحاً أن المتأمل في نصوص الوحيين الشريفين يجد الدعوة إلى الجد والعمل والسعي في طلب الرزق واضحة جلية، حيث يقول تعالى: “هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ ذَلُولًا فَٱمْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ”، وقال تعالى: “فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ”.

وأشار إلى أنه روي عن أحد أئمة أهل العراق كان يقول إذا صلى الجمعة وانصرف :"يا رب أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين، وأخرج البخاري بسنده عن المقداد رضي الله عنه أن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده عليه الصلاة والسلام".

وحددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة الأولى من شهر جمادى لعام 1444هـ، تحت عنوان “الكسب الحلال”، حيث يؤدي الدكتور هشام عبدالعزيز رئيس القطاع الديني بالوزارة موضوع الخطبة من رحاب المسجد الكبير بقرية السناجرة مركز أبو حماد بمحافظة الشرقية.

أبواب الحلال في الكسب

فيما قالت دار الإفتاء، إن المال من نعم الله على الإنسان في حياته الدنيا، وهو في حقيقته ملكٌ لله تعالى أباح الله لعباده التمتع به في الوجوه المشروعة؛ قال تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [النور: 33]، وهو عصب الحياة وقوامها؛ فبه تتحقق مصالح العباد، وبه المعاش والارتياش؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5]، وبواسطته تؤدَّى كثير من فرائض الإسلام؛ كالزكاة والحج والجهاد.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿قِيَامًا﴾: قوامكم في معايشكم. أخرجه الطبري في "التفسير". وقال الإمامان الحسن البصري ومجاهد: ﴿قِيَامًا﴾: قيام عيشك. أخرجه عنهما الطبري في "تفسيره".
كما قال الإمام الضحاك: ﴿قِيَامًا﴾: عصمة لدينكم، وقيامًا لكم. أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير". وقال الإمام السدي: ﴿قِيَامًا﴾: المال هو قيام الناس؛ قوام معايشهم. أخرجه الطبري في "التفسير".
وقال مقاتل في "التفسير" (1/ 357، ط. دار إحياء التراث): [﴿قِيَامًا﴾: قوامًا لمعاشكم] اهـ. وقال الإمام الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" (2/ 14، ط. عالم الكتب): [﴿قِيَامًا﴾: المعنى: التي جعلها الله تقيمكم فتقومون بها قيامًا.. والمعنى: جعلها الله قيمة الأشياءِ؛ فبها يقوم أمْرُكم] اهـ.