الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنقذ روسيا من عقوبات الغرب| ما هو سر القلعة المالية؟.. وآثار الحرب على موسكو

العقوبات على روسيا
العقوبات على روسيا

"العالم بأكلمه يشكو من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية، وهناك حالة تضخم كبرى تضرب دول العالم، ولكننا لم نسمع عن أزمات كبيرة داخل روسيا" .. وهو تساؤل يطرح نفسه بقوة؛ عند الحديث عن جدوى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية، والدول الأوروبية على النظام الروسي.

ففي العام الماضي ، فرضت الولايات المتحدة والعديد من حلفائها مستوى هائلًا من العقوبات على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، وتم استهداف شخصيات روسية بارزة، بما في ذلك المسؤولين المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، فضلا عن قطاعات البنوك والطاقة والتصنيع في البلاد والوصول إلى التجارة العالمية .

 

الاقتصاد الروسي مازال صامدا رغم العقوبات


كل المؤشرات من داخل روسيا، تؤكد أنه رغم تلك العقوبات - التي تعتبر غير مسبوقة من حيث النطاق والسرعة والتنسيق - إلا أن الاقتصاد الروسي مازال يعمل، ولا يزال الكرملين يشن حربًا ضد أوكرانيا.، وهو ما شكك الكثيرون في جدوى تلك العقوبات، ومدى فاعليتها، وذلك وفق تقرير لصحيفة NPR الأمريكية.

ورغم حديث الكثير من المحللين عن أن تلك الإجراءات والعقوبات سيكون لها تأثير في المستقبل، إلا أنها لم تسبب نوع الاضطراب الاقتصادي الذي توقعته روسيا في البداية، وكان يهدف إلى الردع الاقتصادي لبوتن، وإشعال الشارع الروسي ضده.

 

العقوبات للاستنزاف طويل المدى

 

وفي تعليقه للصحيفة الأمريكية عن تلك الظاهرة، يقول إدوارد فيشمان، الذي قاد سياسة العقوبات التي فرضتها وزارة الخارجية بعد غزو روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014: "الإجابة المختصرة هي نعم - العقوبات فعالة"، مضيفا: "إن دول الغرب، لا يحاولون تحقيق تغيير نفسي في بوتين، ولا يحاولون جعل بوتين يستيقظ في الصباح ويقرر أن أوكرانيا لا تستحق، ولكن الجهد المبذول هو محاولة خلق استنزاف في المجمع الصناعي العسكري الروسي واقتصادها بشكل كبير".

 

وأوضح فيشمان، وهو الآن باحث في مركز جامعة كولومبيا : "أعتقد في أيامنا أن فكرة فرض عقوبات الحظر على سبيربنك، وهو أكبر بنك في روسيا إلى حد بعيد ، كانت غير واردة ، ناهيك عن فرض عقوبات على البنك المركزي لروسيا، ويعتقد أن هذه التحركات فاجأت بوتين على الأرجح".

 

وعن حجم خسائر روسيا يذكر فيشمان، أن فرض عقوبات على البنك المركزي الروسي أدى إلى تجميد ما يقرب من نصف احتياطياته الأجنبية التي تزيد عن 630 مليار دولار .

 

السر في القلعة المالية

 

ولكن إيلينا ريباكوفا، الخبيرة الاقتصادية في معهد التمويل الدولي (IIF) في واشنطن، تقول إن البنك المركزي الروسي أمضى سنوات في وضع سياسات للدفاع عن نظامه المالي من مثل هذا النوع من السيناريوهات، ولذلك استخدمت روسيا عائدات الطاقة الزائدة لبناء "حصالة خاصة".

 

وأشارت إلى أن لاستراتيجية ، التي أطلق عليها المحللون اسم "حصن روسيا" ، كانت تهدف إلى جعل الاقتصاد الروسي محصنًا من العقوبات - لكن قلة من الاقتصاديين اعتقدوا أنها ستنجح حينها.

 

وتقول: "استراتيجية حصن روسيا هذه ، التي تم الحديث عنها وضحك عليها البعض في بداية عقوبات 2022 ، أثبتت أنها فعالة جزئيا، فعلى الأقل، كنا نتوقع انكماشًا أعمق بكثير ، بمن فيهم أنا، وهذا بجانب الاستجابة الماهرة من قبل مسؤولي البنك المركزي الروسي، التي ساعدت في السيطرة على الأزمة المالية الفورية الناجمة عن العقوبات، مما سمح لروسيا بالاحتفاظ بأكثر من 250 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية".

مبيعات الغاز والنفط تقلل الانكماش

وعلى الرغم من أن صندوق النقد الدولي قدر أن الاقتصاد الروسي سينكمش بنسبة 3.4٪ هذا العام ، بدلاً من أن ينمو بنحو هذا القدر في عام 2022 كما كان متوقعًا قبل الحرب، إلا أن ماريا دمرتزيس ، زميلة بارزة في بروجل وهي مؤسسة فكرية اقتصادية مقرها بروكسل، قلات إنه كان من المحتمل أن يكون هناك انخفاض أكبر لولا مبيعات النفط والغاز الطبيعي ، التي تشكل حوالي نصف ميزانية الحكومة الروسية.

 

وتضيف: "نظرًا للزيادة الهائلة في أسعار كل من الغاز، وخاصة الغاز والنفط ، فإن العائدات الواردة إلى السلطات الروسية والخزائن الروسية كانت باهظة، وهذا بالطبع سمح للاقتصاد الروسي بالاستمرار في العمل ".

 

وعلى الرغم من تغيرات عائدات النفط والغاز الروسية، وذلك بعد أن قطع بوتين معظم تدفقات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، أكبر عميل لروسيا، حيث هناك حظر جديد من الاتحاد الأوروبي على معظم واردات النفط الروسية، فضلاً عن حد أقصى لسعر النفط الروسي، إلا أن واردات النفط إلى الصين والهند وتركيا تساعد في تعويض جزء من الخسارة الوشيكة ، لكنها تدفع أسعارًا مخفضة مقابل النفط الروسي.

 

خروج الشركات الدولية تهديد للمستقبل

 

في غضون ذلك ، يرى الروس أن اقتصادهم الحديث يعاني من نكسات ملموسة، خصوصا بعد توقف أكثر من 1000 شركة دولية عن العمل أو انسحبت من روسيا تمامًا ، وفقًا لمراجعة أجرتها كلية ييل للإدارة، حيث تأخذ الشركات الفارة معهم استثمار رأس المال والتكنولوجيا والخبرة.

 

وبالفعل انخفضت واردات المكونات الغربية الصنع داخل روسيا، الأمر الذي يؤثر على التصنيع بشكل خاص، فعلى سبيل المثال شهد قطاعي السكك الحديدية وتصنيع السيارات الرئيسيين في روسيا انخفاضا في الإنتاج بمقدار النصف، مما يترك المستهلكين الروس بسلع أقل جودة.

ويقول الخبراء الروس، إنه كان على موسكو أن تخفف القواعد للسماح بتصنيع السيارات المحلية بدون وسائد هوائية ومكابح مانعة للانغلاق لأنهم لا يستطيعون الحصول على هذه المكونات محليا، حيث أنهم اعتادوا على شرائها من أوروبا والولايات المتحدة ، ولا يمكنهم فعل ذلك بعد الآن.

 

وتكافح روسيا أيضًا للحصول على أشباه موصلات غربية الصنع ، والتي تقول ريباكوفا من معهد التمويل الدولي إنها ضرورية للعديد من الصناعات، من الزراعة إلى الطيران، وحتى في الجيش، تعتمد روسيا على الرقائق المنتجة في الخارج، على سبيل المثال ، وأنواع أخرى من التكنولوجيا، فهي بحاجة الى ذلك لمواصلة شن الحرب.

 

ولكن روسيا تحاول إنشاء طرق إمداد بديلة من أماكن مثل الصين وتركيا وكازاخستان، لكنها لا تستطيع استبدال الواردات عالية التقنية مثل أشباه الموصلات.