الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عواصف وفيضانات كارثية تضرب كاليفورنيا

عواصف وفيضانات كارثية
عواصف وفيضانات كارثية تضرب كاليفورنيا

تتصاعد التحذيرات من أنّ وسط كاليفورنيا معرّض لـ"فيضانات كارثية"؛ حيث تضرب العاصفة الثامنة تواليًا أرضاً غير قادرة على امتصاص الأمطار.

وبحسب مجلة "إيكونوميست" البريطانية، تُعرف العواصف التي تضرب ولاية كاليفورنيا باسم الأنهار الجوية، والتي تعمل كممرات ممتدة -بطول مئات إلى آلاف الأميال- تحمل بخار الماء عبر الغلاف الجوي في اتجاه معين. وفي أقل حالاتها اعتدالًا، يمكن للعواصف أن تجعل اليوم ممطرًا ومكتظًا بالمخاطر.

الفرق هذا العام العدد الكبير من العواصف في تتابع سريع، فبمجرد تشبع التربة بالرطوبة من عاصفة واحدة، فإنها تحتاج إلى وقت للتعافي قبل أن تتمكن من امتصاص المزيد من الأمطار.

لكن هذه المرة جاءت العواصف الواحدة تلو الأخرى. عندما فاضت الأنهار على ضفافها، لم تتمكن التربة المتأثرة بالتغيرات المناخية من امتصاص المياه الزائدة، مما أدى إلى الفيضانات. كما لم تستطع جذور الأشجار التي أصبحت هشة بسبب نقص الرطوبة أن تصمد أمام الرياح العاتية ومياه الفيضانات. وكذلك؛ المناطق التي أحرقتها حرائق الغابات معرضة للفيضانات والانهيارات الطينية.

وتشير دراسة نُشرت في 2018 بمجلة Nature Climate Change إلى أن كاليفورنيا ستشهد على الأرجح 25% إلى 100% أكثر من الأحداث المناخية والطبيعية المؤلمة؛ حيث تمر الولاية سريعًا من صيف شديد الجفاف إلى شتاء شديد الرطوبة.

وفي الوقت الذي يركز فيه المسؤولون الأمريكيون على ندرة المياه، تنتشر المخاوف بشأن احتمال حدوث "فيضان ضخم" ينافس الجفاف الضخم. وفي أغسطس 2022، نشر المركز الوطني الأمريكي لأبحاث الغلاف الجوي، دراسة تشير إلى أن تغير المناخ قد ضاعف بالفعل من خطر حدوث فيضانات كارثية ناتجة عن سلسلة من الأنهار القوية في الغلاف الجوي استمرت لمدة شهر.

الدراسة كشفت أن الفيضان المرتقب من شأنه أن يحول مؤقتًا الوادي الأوسط، القوة الزراعية لولاية كاليفورنيا، إلى بحر داخلي، ويُغرق مقاطعتي لوس أنجلوس وأورانج؛ حيث يعيش 13 مليون شخص.

وكانت ولاية كاليفورنيا الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الولايات المتحدة قد شهدت على مدى ثلاثة أسابيع هطولاً كثيفاً للأمطار وصل إلى مستويات تاريخية. وبين الفيضانات وانزلاقات التربة وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وتساقط الأشجار، أودت هذه السلسلة من العواصف بحياة 19 شخصاً على الأقل، وفقاً للسلطات.

وكذلك، ضرب منخفض جوي جديد ولاية كاليفورنيا الجمعة 13 يناير 2023؛ حيث تبدي السلطات في وسط الولاية قلقا بشكل خاص. وبحسب التوقعات، قد تجد شبه جزيرة مونتيري نفسها معزولة عن العالم بسبب ارتفاع منسوب المياه، فيما قد تغمر المياه مدينة ساليناس، البالغ عدد سكانها 160 ألفاً، بأكملها.

وحذّرت وكالة الأرصاد الجوية من أنّ "كلّ المناطق السفلى من وادي ساليناس سيشهد فيضانات كارثية".

وأضافت أنّ "كلّ مدينة ساليناس معرّضة لخطر الفيضانات. وستغمر المياه معظم كاستروفيل. وستغرق جميع الطرق القريبة من نهر ساليناس وستصبح غير سالكة"، ومن المتوقع أن تغمر المياه أكثر من 36 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.

فيما صدرت أوامر إخلاء للعديد من المناطق المهددة، بينما قد تجد شبه جزيرة مونتيري نفسها معزولة عن العالم إذا أدّى تدفّق المياه إلى قطع الطرق.

وضربت سلسلة من العواصف ولاية كاليفورنيا في الأسابيع الأخيرة، ولم تدم فترات الهدوء بينها طويلاً. بالتالي، بالكاد منحت السلطات الوقت الكافي لتنظيف الفوضى قبل الطوفان التالي. في هذه الأثناء، حُرمت مئات المنازل والشركات من الكهرباء في أوقات مختلفة.

ولكن بحسب خبراء الأرصاد الجوية، لم ينتهِ الأمر عند هذا الحدّ. فقد حذّرت خدمة الطقس الوطنية من أنّ "الطقس غير المستقر الذي يشهده غرب البلاد حالياً... سيستمر للأسف في نهاية هذا الأسبوع، مع توقّع جولتين أخريين من هطول الأمطار الغزيرة".

وتشهد الجبال سقوطاً كثيفًا للثلوج، يُتوقع أن يصل مستواها إلى أكثر من متر خلال عطلة نهاية الأسبوع في سييرا نيفادا، الأمر الذي سيجعل السفر خطيراً أو مستحيلاً.

وقُتل 19 شخصًا على الأقل منذ بداية هذه العواصف. وتمّ العثور خصوصاً على سائقين محاصرين في سياراتهم بسبب الأمطار، فيما سقطت أشجار على أشخاص، وقُتل زوجان في انهيار أرضي وجرفت الفيضانات جثثًا.

اعتادت كاليفورنيا على الظروف الجوية القاسية، كما أنّ العواصف شائعة فيها خلال فصل الشتاء. ومع ذلك، فإنّ مثل هذه الموجة من الفيضانات والأمطار الغزيرة تعتبر خارجة عن المألوف.

وبينما يصعب إقامة صلة مباشرة بين سلسلة العواصف هذه وتغيّر المناخ، يعتبر العلماء أنّ الاحترار يزيد من تواتر وشدّة الظواهر الجوية المتطرّفة.

ومع ذلك، فإنّ الأمطار الغزيرة التي هطلت في الأسابيع القليلة الماضية لن تكون كافية لحل أزمة الجفاف الذي ضرب هذه الولاية الواقعة في غرب أمريكا بشدّة لعقدين.

وقال جاي لوند مدير جامعة كاليفورنيا ديفيس، لصحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل"، إنّ "بضعة أسابيع من العواصف ليست كافية بالنظر إلى الجفاف في كاليفورنيا، لكنّها بالتأكيد موضع ترحيب".