الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشرطة المصرية عهد وتضحيات

منى أحمد
منى أحمد

لم يستطع  القائد البريطاني بمنطقة القناة الجنرال البريجادير أكسهام أن يخفي إعجابه بشجاعة رجال الشرطة المصرية ,قائلا لقد قاتلوا بشرف ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا , وقام الجنود البريطانيون بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور جرحي وشهداء رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة والمرور أمامهم تقديرا لشجاعتهم.

25 يناير 1952 كانت معركة الإسماعيلية التي مثلت فصلًا هاما من تضحيات شعب مصر ,دفاعا عن الكرامة وتراب الوطن التي راح ضحيتها 50 شهيدا وسقط  فيها80 جريحا من بواسل الشرطة, الذين فضلوا الموت على تسليم مبنى المحافظة للمحتل الغاصب, بدعوى أنها مركز عمليات الفدائيين المصريين  ضد قواته. 

جاء ذلك بعد أن استجابت حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس في أكتوبر 1951 لمطالب الحركة الوطنية بإلغاء معاهدة 1936,وتحقيق الاستقلال من الاحتلال البريطاني الجاثم على أرض مصر. 

قرار شجع الشباب المصري على تشكيل جماعات مقاومة سميت بالفدائيين الذين توجهوا لمنطقة القناة, حيث تتمركز معسكرات القوات البريطانية ,و استطاع الفدائيون أن يوجهوا ضربات موجعة لقوات الأحتلال كبدتهم خسائر فادحة رغم أسلحتهم المتواضعة في مقابل العتاد البريطاني الضخم وذلك بغطاء ومساعدة رجال الشرطة المصرية.

تزامن ذلك مع انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز ,وتوقف المتعهدين عن توريد المواد الغذائية لإعاشة ثمانون ألف جندي وضابط بريطاني, مما أدي إلى تأزم وضع القوات البريطانية المتمركزة في منطقة القناة.

أدرك البريطانيون أهمية تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة,كي يتم إجهاض العمليات الفدائية  وبالفعل وجه القائد الإنجليزي إنذارا طالب فيه بضرورة إخلاء مبني محافظة الإسماعيلية من قوات الشرطة, بدعوى أنها مركز انطلاق العمليات الفدائية, ورفض فؤاد سراج الدين وزير الداخلية في ذلك الوقت الانصياع لأوامر المحتل الانجليزي ,طالبا منهم الصمود والمقاومة وجرت معركة غير متكافئة بين الطرفين من حيث العدد والعتاد للقوات البريطانية بأسلحتها المكونة من مدرعات ودبابات ومدافع ,وبين رجال الشرطة الذين لا يملكون سوى بنادق متواضعة مقدمين الاستشهاد على الأستسلام.

وبعد أن انهارت جدران المبني أمر القائد الإنجليزي بتوجيه إنذار أخير للتسليم والخروج رافعي الأيدي, وهو ما رفضه أبطال الشرطة ورغم الحجيم ظلوا يواصلون المقاومة مستبسلين في الدفاع عن مدينتهم ,حتي نفذت الذخيرة وسقط 50 شهيدا ما بين ضابط وفرد شرطة وأصيب 80 أخرون ,لتكتب أسمائهم بحروف من نور في أغلي صفحات تاريخ مصر,وأمام هذه البطولات لم يملك القائد الانجليزي سوي تأدية التحية العسكرية نسور الشرطة تقديرا لشجاعتهم وبطولاتهم .

وفصل أخرمن النضال الوطني كانت مدينة السويس هي مسرح أحداثه ,فقد دخلت الشرطة المصرية علي خط المواجهة في حرب أكتوبر المجيدة بجانب أبطال القوات المسلحة ودشنت شرطة السويس بطولة لا تقل عن نظيرتها في الإسماعيلية.

فبعد محاصرة القوات الإسرائيلية مدينة السويس قامت قوات الشرطة المتمركزة داخل مدينة السويس,بأعمال بطولية بدائرة قسم شرطة الأربعين,وتصدى ضباط وأفراد القسم لقوات العدو وسقط منهم العديد من الشهداء.

وعلي مدار سنوات طويلة والشرطة تقدم بطولات كبيرة اختلفت التحديات لكن لم تختلف التضحيات, وتأتي حقبة الثمانينات والتسعينات لتلقي بظلالها القاتمة على مصر التي تواجه إرهاب الجماعات المتطرفة وأمراء الدم ,و تحدي أخر دخل  فيه رجال الشرطة في مواجهات مفتوحة مع قوي الظلام ,دفعوا فيها ثمنا غاليا من أجل القضاء علي الموجات الإرهابية الشرسة, وتضحيات جديدة قدم فيه خيرة أبناء الوطن أرواحهم في سبيل أمنه حتى كتب لهم النصر.

وبعد 2011 ومع تغير طبيعة التحديات التي تواجهه الدولة المصرية ,وعودة خفافيش الظلام بآليات و استراتجيات جديدة ,وقف رجال الشرطة جنبا إلي جنب في خندق واحد مع بواسل القوات المسلحة, وتصدوا لمحاولات سرقة الوطن وكانت المواجهات التي حفظت لأرض الكنانة مقدراتها.

25 يناير 1952 ما هو إلا صفحة سطرها التاريخ في عقد متصل من البطولات ,التي عكست  كفاح جهاز الشرطة صمام الأمن الداخلي,رافعا شعار النسر المنقض على أي خطر يهدد أمن وأمان المصريين.