الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من يعاقب ومن الفائز؟| قصة الحظر المتبادل للنفط الروسي بين أوروبا وموسكو

النفط الروسي
النفط الروسي

"من يعاقب من" .. سؤال مشروع لمن يتابع الأخبار القادمة من شمال البحر الأبيض المتوسط، داخل القارة العجوز، والتي تتحدث عن تصريحات خرجت من طرفي الصراع الدائر بأوروبا بين دول الاتحاد وروسيا، وتمثلت آخر محطات الصراع في «حظر النفط الروسي»، حيث قالت أوروبا إنها قررت حظر مشتقات النفط الروسية، وتحديد سقف سعر لبيعه، فيما قررت موسكو من جهتها، حظر بيع منتجاتها لأي دولة قررت الموافقة على سقف السعر المحدد من قبل أوروبا.

وبداية من اليوم الأحد، تبدأ أوروبا في تطبيق قرارها الصادر يوم الجمعة الماضي، بشأن طريقة تعاملها مع النفط الروسي ومشتقاته، فيما بدأت ردود فعل من داخل دول الاتحاد، تعارض تلك القرارات؛ وذلك لما لها من تأثير سلبي عليها، فهنا «ما معايير اتخاذ ذلك القرار إذا لم يكن ذا تأثير على الدب الروسي؟».

تحديد سقف أسعار المنتجات النفطية عند 100 دولار للبرميل

اتفقت دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، على حد أقصى للسعر العالمي للمنتجات البترولية الروسية؛ وذلك قبل فرض حظر كامل على استيراد منتجات النفط الروسية الذي يدخل حيز التنفيذ، اليوم الأحد.

وقال دبلوماسيان من الاتحاد الأوروبي: إن السفراء اتفقوا على وضع حد أقصى لسعر المنتجات النفطية التي يتم تداولها فوق سعر النفط الخام- بما في ذلك الديزل والبنزين ووقود الطائرات- عند 100 دولار للبرميل، وسيتم وضع حد أقصى للمنتجات التي يتم تداولها بخصم على النفط الخام عند 45 دولارًا للبرميل.

وأكدت الرئاسة السويدية للمجلس أن الاتفاق جاء قبل يومين فقط من حظر الاتحاد الأوروبي استيراد جميع المنتجات النفطية الروسية، حيث يهدف حظر الاتحاد الأوروبي وسقف G7، إلى العمل جنبًا إلى جنب، بينما تغلق عقوبات الاتحاد الأوروبي، أحد أهم أسواق الوقود الأحفوري في روسيا، وتهدف الحدود القصوى للأسعار، إلى السماح للصادرات الروسية بمواصلة التدفق في السوق العالمية، وتجنب حدوث نقص كبير في إمدادات النفط أو صدمة الأسعار.
 

هل يضر روسيا الانتقام الاقتصادي الجديد ضدها؟

يمثل الحظر الجديد الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الديزل الروسي ومنتجات النفط الأخرى أحدث انتقام اقتصادي من الاتحاد ضد الكرملين ردًا على غزو أوكرانيا، فقبل الحرب، كانت روسيا عادة تزود أكثر من نصف واردات الاتحاد الأوروبي من الديزل وحوالي 10% من إجمالي طلبها على الديزل، وأدى الحظر الوشيك على الواردات من الاتحاد الأوروبي؛ إلى مخاوف من حدوث صدمة في العرض أو الأسعار، لكن الواردات المتزايدة  في الأسابيع الأخيرة خففت المخاوف في الوقت الحالي.

وحاليا يتم تداول الديزل عند حوالي 120 دولارًا إلى 130 دولارًا للبرميل، لذلك من المحتمل ألا يؤثر السقف بشكل مباشر على دخل روسيا من صادرات الوقود على الفور، ومع ذلك، من المتوقع أن يؤدي حظر الاتحاد الأوروبي إلى تحول كبير في تدفقات الصادرات ، حيث من المرجح أن يشتري المشترون في الشرق الأوسط وآسيا كميات كبيرة كانت تتدفق في السابق إلى أوروبا، وفق ما نشرته صحيفة بوليتيكا الأمريكية.

وهناك دلائل على أن حظر الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الخام، إلى جانب الحد الأقصى للسعر؛ يمكّن المشترين في أماكن أخرى من العالم من المطالبة بخصومات على النفط الروسي ، مما يضر بعائدات الوقود الأحفوري في الكرملين. يأمل مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن يؤدي حظر المنتجات النفطية إلى ضربة مماثلة لدخل الصادرات الروسية.

 

مرسوم بوتين بحظر تصدير النفط يدخل حيز التنفيذ

في المقابل نجد الجانب الروسي قد اتخذ قرارا في نهاية ديسمبر 2022، بحظر تصدير النفط للدول التي اعتمدت سقف الأسعار الغربي، وقد دخل القرار حيز التنفيذ اعتبارًا من أول فبراير، ويتعين على المصدرين منع وجود أحكام في العقود الأجنبية بشأن تطبيق آلية أقصى سعر.

ويحظر مرسوم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الموقع مؤخرا، توريد النفط والمنتجات النفطية من روسيا، إلى الكيانات القانونية والأفراد الأجانب، شريطة أن تنص العقود بشكل مباشر أو غير مباشر على استخدام آلية تحديد الأسعار في جميع المراحل من التوريدات إلى المشتري النهائي.

ويسري الحظر على النفط، بداية من 1 فبراير وحتى 1 يوليو، وينبغي أن تحدد الحكومة الروسية موعد دخول إجراءات مماثلة على المنتجات النفطية، ويجوز للرئيس الروسي، بقرار خاص، استبعاد بعض التوريدات من المرسوم.

السوق يترقف اضطرابات متوقعة لأسبوعين 

فيما أفادت وكالات أنباء أجنبية، استعداد أسواق النفط العالمية لمزيد من الاضطرابات في الأسبوعين المقبلين، بعد حظر الاتحاد الأوروبي جميع المنتجات النفطية المكررة الروسية، حيث ابتداء من يوم الأحد، ستحظر الكتلة المكونة من 27 دولة، استيراد البنزين والديزل الروسي والمنتجات الأخرى المستخدمة في جميع أنحاء أوروبا.

وفي الوقت نفسه، ستضع مجموعة الدول السبع المتقدمة وحلفاؤها سقفًا عالميًا لأسعار المنتجات النفطية المكررة الروسية، سيؤدي ذلك إلى منع الوصول إلى السفن وشركات التأمين والخدمات البحرية ما لم يتم شراء منتجات النفط المكرر بسعر أو أقل من الحد المتفق عليه، ولكن لم يحدد سقف أسعار المنتجات المكررة، ويقول محللون إنه من المرجح أن يكون هناك سعر محدد للديزل وآخر لمنتجات مثل البنزين، وتشكل مبيعات النفط والغاز الطبيعي نصيب الأسد من ميزانية الحكومة الروسية. 

السعودية والكويت بديلتان عن روسيا

وتستهدف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحلفاء آخرون، حظر الطاقة الروسية؛ في محاولة لتشديد الخناق الاقتصادي حول الكرملين ، مما يجعل من الصعب تمويل حربها في أوكرانيا، لكن الإجراءات قد تؤدي أيضًا إلى ارتفاع الأسعار، وحظر الاتحاد الأوروبي واردات النفط الخام الروسي لكنه سمح ببيع المنتجات المكررة، ستنضم الكتلة الآن إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في تنفيذ حظر أوسع.

ويقول هيدي جراتي، رئيس قسم التكرير والتسويق في شركة "&P Global Commodity Insights"، إن أوروبا لديها بعض المصافي ولكنها ليست كافية لتلبية الطلب، لذلك يجب أن يأتي الديزل ببساطة من مكان آخر، وأكثر الموردين منطقيًا هم دول في الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية والكويت وأماكن من هذا القبيل، ثم الهند والولايات المتحدة أيضًا.

أوروبا الخاسر الوحيد .. هكذا تحدثت دول أوروبية 

ولكن ليست الصورة كما يرغبها كارهو روسيا، فقد قالت وزارة الطاقة في هنغاريا – إحدى دول الاتحاد الأوروبي - إنها تحذر من حدوث عجز في الكميات المطلوبة من الوقود في أوروبا، بعد بدء فرض سقف السعر الجديد على النفط والمنتجات النفطية الروسية والذي أقره الاتحاد الأوروبي.

وأضافت وزارة الطاقة الهنغارية: "في أوروبا، يمكن أن نتوقع عجزا في وقود الديزل وزيادة في أسعار المنتجات النفطية، بالنظر إلى اعتماد الاتحاد الأوروبي على مصادر روسية لتلبية نصف احتياجاته من الديزل".

وتابعت: "بسبب العقوبات أصبحت أوروبا مضطرة لشراء المنتجات النفطية من مصادر أخرى أبعد، مثل الهند والشرق الأوسط والصين، ما يعني أنها تشتري المنتجات النفطية من مصادر أبعد وبأسعار أعلى، وهو ما قد يسبب اضطرابا في أمن الطاقة"، وشددت هنغاريا، على أن بودابست عارضت منذ البداية توسيع نطاق العقوبات على روسيا بحيث تشمل قطاع الطاقة، إذ تعتمد هنغاريا على تلبية معظم احتياجاتها من النفط على النفط الروسي القادم عبر خط أنابيب "دروجبا".

فيما ذكر التلفزيون المركزي الصيني، أن وزارة الطاقة المجرية حذرت من أن أوروبا ستواجه جولة جديدة من ارتفاع أسعار ونقص الطاقة، وذلك ردا على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على الطاقة الروسية، كما صرحت وزارة الطاقة المجرية، أن الدول الأوروبية ستواجه ارتفاع أسعار ونقص الطاقة، لأنه حتى الآن يتم توفير حوالي 50 ٪ من احتياجات الطاقة في الاتحاد الأوروبي من قبل روسيا.

وقالت وزارة الطاقة المجرية، إن بلادها تعارض المزيد من توسيع عقوبات الطاقة ضد روسيا/ مؤكدة أن تلك العقوبات لم تنه على روسيا الصراع. 

ومع ذلك؛ يواجه المستهلكون الأوروبيون، ارتفاعا حادا في الأسعار، وأزمة طاقة؛ فقد أدت سياسة العقوبات الفاشلة، إلى إغراق أوروبا في أزمة، مما وضع عبئا ثقيلا على عاتق البلدان والشركات والعديد من العائلات الأوروبية.