قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

وزير الأوقاف: يجب التفرقة بوضوح بين التواكل المذموم والتوكل المحمود

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف
2396|عبد الرحمن محمد   -  

واصل الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، حديثه الرمضاني ببرنامج: "الأسماء الحسنى"، حيث أوضح أن من أسماء الله (عز وجل) الحسنى اسمه الحسيب واسمه الوكيل، فهو حسبنا ونعم الوكيل، فالحسيب الكافي هو الله وحده، حيث يقول سبحانه: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا”.

الأسماء الحسنى

ويقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ"، ويقول لنبينا (صلى الله عليه وسلم): "فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا"، فأي شيء أعظم من أن يكون الإنسان في رعاية الله (عز وجل).

كما يقول سبحانه: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"، ويقول سبحانه: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ"، فإذا كان الله معك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك، فهو الحسيب، وهو الوكيل، وهو الكافي، وهو الحفيظ، وهو الكفيل، وهو المقيت، الكافي من؟ هو الله، الحفيظ من؟ هو الله، الكفيل بأمور خلقه من؟ هو الله.

وأكد وزير الأوقاف أن الله (عز وجل) حثنا على حسن التوكل عليه فقال سبحانه: "وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا"، فماذا إذا توكلت على الله حق التوكل، ماذا تريد من الدنيا وما فيها والله حسيبك ووكيلك، ويقول سبحانه: "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا"، هو الذي عنده الخزائن، هو القادر، هو الذي أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، كن معه يكن معك: “ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ”.

ويقول سبحانه في شأن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم حمراء الأسد: “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ”.

كما حثنا الحق سبحانه وتعالى على حسن التوكل عليه فقال سبحانه: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"، ويقول سبحانه: "وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"، وكيف لا يتوكل المؤمن على الوكيل (عز وجل) وهو الكافي لمن توكل عليه، وأناب إليه، وفوض أمره إليه.

وبين وزير الأوقاف أننا يجب أن نفرق بوضوح بين التواكل المذموم والتوكل المحمود، فالتوكل الحقيقي هو أن تأخذ بأقصى الأسباب ثم تفوض أمر النتائج لله (عز وجل)، فالطالب مثلا يجتهد ويذاكر ويدعو الله بالتوفيق، والفلَّاح يجتهد ويزرع ويباشر زراعته ويسأل الله البركة، والصانع والتاجر كل منهما يأخذ بأقصى الأسباب ويسأل الله التوفيق، أما إذا أهمل الطالب المذاكرة طوال العام معتمدًا على دعاء والديه فإنه هنا لم يأخذ بالأسباب، فأول علامات حسن التوكل أن يوفقك الله إلى الأخذ بالأسباب.

وبين: ألم يقل نبينا (صلى الله عليه وسلم): "لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله لرزقكم كما يرزق الطيرَ : تغدوا خماصًا" أي: تذهب في الصباح الباكر جائعة "وتروح" أي: تعود في المساء "بطانًا"، أي شبعى لأنها أخذت بالأسباب، حتى الطير لم تبق في أعشاشها وأوكارها وتقول اللهم ارزقني، إنما الطير يأخذ بالأسباب، فيذهب ويجيء.

يقول سبحانه وتعالى في هذا التوازن: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وكان سيدنا عراك بن مالك يأتي مبكرًا إلى الصلاة يوم الجمعة ويؤدي الفريضة ثم يقف عن باب المسجد قائلًا: "اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين"، وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: “لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، إنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض”.

وأشار وزير الأوقاف إلى أن الناس في ذلك على ثلاثة أقسام :

الفريق الأول لا يأخذ بالأسباب ويفهم التوكل فهمًا خاطئًا فيقع في دائرة التواكل، نقول لهم: ديننا أمرنا أن نأخذ بالأسباب، بل بأقصى الأسباب: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ"، ديننا دين العمل، دين الإتقان، ليس دين البطالة ولا دين الكسل، ديننا حثنا على أن نعمل ولما أقَبْلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، اسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ، فَصَافَحَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي أَكْنَبَتْ يَدَاكَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَضِرْبُ بِالْمَرِّ وَالْمِسْحَاةِ فَأُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِي، قَالَ: فَقَبَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: هَذِهِ يَدٌ لا تَمَسُّهَا النَّارُ أَبَدًا"، ونهانا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عن أن نريق دماء وجهنا في المسألة: “المَسائلُ كُدوحٌ يكدَحُ بها الرَّجلُ وجهَه، فمن شاء أبقَى على وجهِه ومن شاء ترك”.

وأما الفريق الثاني: فيظن أن الأسباب بذاتها قد تصل به إلى ما يريد نقول له هناك رب للأسباب يعملها متى يشاء ولا يعملها متى يشاء فمن الذي جعل النار لا تحرق إبراهيم (عليه السلام)، ومن الذي جعل السكين لا تذبح إسماعيل (عليه السلام)، إنه الله ولا أحد سواه: "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"، وإذا أراد أن يعمل الأسباب أعملها وإذا أراد أن يوقف عملها أوقفه، إنه وحده القادر فلا تعتمد على أسبابك وحدها، خذ بأسبابك ثم فوض أمر النتائج لله (عز وجل).

الفريق الثالث: الذي يفهم التوكل فهمًا صحيحًا ويأخذ بأقصى الأسباب ثم يفوض أمر النتائج لله (عز وجل).