الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تجب الفدية على تأخير قضاء رمضان حتى دخول آخر يوم؟ الإفتاء تجيب

الصوم
الصوم

هل تجب الفدية على من تأخر في قضاء ما أفطره من رمضان حتى دخول آخر يوم؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية. 

الفدية على تأخير قضاء رمضان

وقالت دار الإفتاء في جوابها: “يستحب لِمَن أفطر في رمضان لعذرٍ مِن مرضٍ أو نحوه أن يُبادر بقضاء ما عليه من صيامٍ عند القدرة عليه؛ فإن أخَّر القضاء بعذرٍ أو بغير عذرٍ حتى أدركه رمضان آخر لَزِمَهُ فقط القضاء بَعدَهُ ولا فدية عليه”.

وبينت أن التيسير في الشريعة الإسلامية ومظاهره من خصائص الشريعة الإسلامية: التيسيرُ، ورفعُ الحرج عن المكلفين؛ رحمةً بهم، ورعايةً لأحوالهم، فقد أناطت أحكامها بقدر السعة والطاقة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].

ومن مظاهر التيسير ورفع الحرج: تشريعُ الرُّخَصِ لأصحاب الأعذار بالتخفيف أو الإسقاط حال المشقة، ومن ذلك: إباحةُ الفطر لصاحب العذر؛ كالمريض، والمسافر، والحائض، والنفساء، وغيرهم من أصحاب الأعذار مع وجوب القضاء عليهم؛ قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].

وأكدت الإفتاء أنه إذا أخَّرَ أحد أصحاب الأعذار قضاء ما عليه من رمضان حتى دخل رمضان آخر فالمختار للفتوى: أنه يلزمه القضاء فقط، ولا تجب عليه فدية؛ للعموم الوارد في الآية السابقة بوجوب القضاء على مَن أفطر لعذرٍ وهو يستطيع القضاء مِن غير تخصيص بفدية؛ فيبقى العامُّ على عمومه حتى يَرِد ما يخصصه، ولأن القضاء أصلٌ، والفدية خَلَفٌ عنه عند العجز عن القضاء وهو قادرٌ عليه؛ فلو أوجبنا الفدية مع القضاء كان ذلك جمعًا بين الأصل والخَلف، وهو غير جائز؛ ولأن الفدية ثبتت بالنَّصِّ في خصوص مَن لا يطيقون الصوم فلا تثبت في حق غيرهم إلا بِنَصٍّ، كما أن القضاء له حكم الأداء بجامع أن كلًّا منهما صيامٌ واجبٌ؛ فكما لا تجب الفدية في الأداء، فكذلك لا تجب الفدية في القضاء، وكما لا يتضاعف القضاء بالتأخير، فكذلك لا يجمع بين القضاء والفدية لأنه في معنى التضعيف؛ إذ كل منهما قائم مقام الصوم؛ كما قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (3/ 77، ط. دار المعرفة).

وهو مرويٌّ عن بعض الصحابة كالإمام علي وابن مسعود رضي الله عنهما، وجماعةٍ من التابعين منهم: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وهو مذهب الحنفية، والـمُزَني من الشافعية، ووجهٌ محتمَلٌ اختاره شمس الدين ابن مفلح من الحنابلة، ومذهب الظاهرية.

وعن إبراهيم النخعي: "إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ: يَصُومُهُمَا" وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا. أخرجه البخاري في "صحيحه" معلقًا.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 104، ط. دار الكتب العلمية): [المذهب عند أصحابنا أن وجوب القضاء لا يَتَوَقَّتُ؛ لما ذكرنا: أن الأمر بالقضاء مطلق عن تعيين بعض الأوقات دون بعض، فيجري على إطلاقه؛ ولهذا قال أصحابنا: إنه لا يكره لمن عليه قضاء رمضان أن يتطوع، ولو كان الوجوب على الفور لَكُرِهَ له التطوع قبل القضاء؛ لأنه يكون تأخيرًا للواجب عن وقته المضيق، وإنه مكروه، وعلى هذا قال أصحابنا: إنه إذا أخَّرَ قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر فلا فدية عليه] اهـ.

وقال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 307، ط. دار الكتاب الإسلامي): [إذا أخر قضاء رمضان حتى دخل آخر، فلا فدية عليه؛ لكونها تجب خلفًا عن الصوم عند العجز، ولم يوجد؛ لقدرته على القضاء] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 366، ط. دار الفكر): [مذاهب العلماء في من أخَّرَ قضاء رمضان بغير عذر حتى دخل رمضان آخر.. قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وأبو حنيفة، والمزني، وداود: يقضيه، ولا فدية عليه] اهـ.

وقال شمس الدين ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (5/ 64، ط. مؤسسة الرسالة): [ويتوجه احتمال: لا يلزمه إطعام.. لظاهر قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾] اهـ.

وقال العلامة ابن حزم الظاهري في "المحلى" (4/ 407، ط. دار الفكر): [من كانت عليه أيام من رمضان فأخَّرَ قضاءها عمدًا أو لعذر أو لنسيان حتى جاء رمضان آخر: فإنه يصوم رمضان الذي وَرَدَ عليه كما أمره الله تعالى.. ولا إطعام عليه في ذلك، وكذلك لو أخَّرها عِدَّة سنين] اهـ.

وأضافت دار الإفتاء: “بناءً على ذلك، فالمستحب لِمَن أفطر في رمضان لعذرٍ مِن مرضٍ أو نحوه أن يُبادر بقضاء ما عليه من صيامٍ حال القدرة عليه، فإن أخَّر القضاء بعذرٍ أو بغير عذرٍ حتى أدركه رمضان آخر لَزِمَهُ القضاء بَعدَهُ”.