يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن واحدة من أكثر اللحظات غدرًا من الناحية السياسية في فترة رئاسته، حيث يحاول نزع فتيل أزمة متصاعدة بشأن سقف الديون في محادثات مالية متوترة مع الكونجرس من المقرر أن تبدأ هذا الأسبوع.
وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، من المقرر أن يلتقي بايدن بزعماء الكونجرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الثلاثاء المقبل، مع اقتراب الموعد النهائي لإصدار الولايات المتحدة تشريع جديد في يونيو المقبل، لرفع حد الاقتراض البالغ 31.4 تريليون دولار في البلاد أو المخاطرة بالتخلف عن سداد التزاماتها والمدفوعات الحكومية الأخرى، إذا لم يتم رفع سقف الدين.
ويعد سقف الدين الفيدرالي للولايات المتحدة هو المبلغ الإجمالي للأموال الذي يحق للحكومة اقتراضها للوفاء بالتزاماتها الحالية، مثل مدفوعات الضمان الاجتماعي، واسترداد الضرائب، وفوائد الدين الحكومي، والدفاع الوطني.
عواقب رفع السقف
وحذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، اليوم الاثنين الإدارة الأمريكية من أن الفشل في رفع سقف الديون قد يكون له عواقب وخيمة.
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، ففي حال عدم التوصل إلى اتفاق على زيادة ما في سقف الدين، قد يكون هناك خطرًا على السيولة المالية بحلول أوائل يونيو، ما يؤثر على وفاء أمريكا بالتزاماتها، فضلًا عن عدم قدرة الحكومة الفيدرالية على دفع الأجور والرفاهية والمدفوعات الأخرى.
وأكدت يلين في مقابلة مع شبكة “إيه بي سي” الأمريكية، أن "مهمة الكونجرس هي القيام بذلك. وإذا فشلوا، فستواجه البلاد كارثة اقتصادية ومالية من صنعنا".
وأضافت أن مفاوضات سقف الديون يجب ألا يتم توجيهها بمسدس إلى رأس الشعب الأمريكي، لكن الوقت ينفد للتوصل إلى اتفاق.
وبلغ الدين الأمريكي مستوى قياسيًا، إذ تجاوزت الولايات المتحدة الحد الأقصى القانوني للاقتراض، والبالغ 31.381 تريليون دولار، منذ يناير الماضي.
ومنذ عام 1960، تدخل الكونجرس 78 مرة لرفع تعريف سقف الديون أو تمديده أو تغييره للسماح للحكومة بتحمل المزيد من الديون.
رفض النواب
من جانبه، أكد رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري، كيفن مكارثي، أن المجلس الذي يهيمن عليه حزبه لن يوافق على زيادة سقف الدين العام، إذا لم يقترن بخفض في النفقات.
وحسب "فاينانشيال تايمز"، يمكن أن يؤدي التخلف عن السداد، أو حتى التقصير فيه، إلى زعزعة القطاع المالي وتوجيه ضربة للاقتصاد الأوسع.
وذكر دوج هاي، الخبير الاستراتيجي الجمهوري "كلما طالت المدة، خاصة إذا بدأ الحديث عن اضطراب الأسواق، يميل الناس إلى إلقاء اللوم على الرئيس أكثر من إلقاء اللوم على الكونجرس".
وكان بايدن قال منذ شهور إنه غير مستعد للتفاوض بشأن سقف الديون. لقد دعا الجمهوريين إلى القيام بما فعلوه في السنوات السابقة في عهد سلفه السابق دونالد ترامب برفع حد الاقتراض دون شروط مسبقة.
ومع ذلك، سعى الجمهوريون في الكونجرس إلى ربط رفع حد الدين بالتخفيضات الحادة في الإنفاق - وهو أمر يجادل الديمقراطيون بأنه يرقى إلى جعل الاقتصاد الأمريكي "رهينة".
وضعفت يد بايدن الشهر الماضي عندما أقر الجمهوريون مشروع قانون في مجلس النواب من شأنه رفع سقف الديون بمقدار 1.5 تريليون دولار أو يمدها حتى شهر مارس من العام المقبل، أيهما يأتي أولاً.

ويؤدي مشروع القانون الجمهوري إلى خفض الإنفاق على البرامج الحكومية، وبعضها يحظى بشعبية، بالإضافة إلى التراجع عن العديد من سياسات إدارة بايدن، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية للطاقة النظيفة.
وعلى الرغم من ذلك، يعد التشريع محكومًا بالفشل في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
ومع ذلك، دعت مجموعات الأعمال البارزة وبعض الأعضاء الوسطيين في حزب بايدن الرئيس لاستخدامه كنقطة انطلاق للمحادثات مع مكارثي.
أزمة الأمريكيين
وأظهر استطلاع للرأي أجرته "واشنطن بوست وإيه بي سي" الأسبوع الماضي، أن الأمريكيين منقسمون بشدة حول من يجب إلقاء اللوم عليه إذا تخلفت الحكومة عن سداد ديونها، حيث قال 39 % من المشاركين إنهم سيلومون الجمهوريين في الكونجرس بشكل أساسي.
بينما قال 36 % إنهم سيلقون باللوم على بايدن، فيما ذكر 16 % أنهم سيلومون كلا الجانبين بالتساوي.
وعلى الرغم من ذلك، هناك كثيرون في واشنطن متفائلون بشأن إجراء صفقة أخرى في اللحظة الأخيرة، لكن يحذر آخرون من أن البيئة المستقطبة - والحسابات السياسية المعقدة في كلا الحزبين - تمهد الطريق لمواجهة مالية.