الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند عصام تكتب: الملك منكاورع ابن الشمس

الكاتبة الصحفية:
الكاتبة الصحفية: هند عصام

هذا الذى تراه غارقاً فى صمته ثم يبتسم بينه وبين نفسه ليس مختلاً ، إنما هو على الأرجح يستحضر طيفاً يحبه ! ذاك هو أنا هذا الشخص مثلما عبر الشاعر جلال الدين الرومى وكأنه يصف حالتى بهذه الكلمات عندما أعكف على كتابة مقال عن أجدادى الفراعنة وبالتحديد عن ملك يملك هرما من أهرامات الجيزة عجائب الدنيا السبع لأنها تأخذنى لذكريات الطفولة حيث الرحلات المدرسية واللعب واللهو وبما إننا قد تحدثنا عن الملك خوفو صاحب الهرم الأكبر والملك خفرع صاحب الهرم الثانى فيجب إلا نتجاهل الملك منقرع او منكاورع هل بالكاف او بالقاف فكل هذا لا يهم على قدر أهمية المضمون فأنا شخص أتبع الطريق القويم دائما وأمقت الطرق الملتوية.

 

منكاورع يعنى طويل العمر بقوة رع وهو أحد  ملوك الأسرة الرابعة، وبترتيب الملوك هو الملك الخامس وتولى العرش بعد وفاة أبيه الملك خفرع واشتهر في كتابات المؤرخين القدماء بصفات التقوى والورع والطيبة على عكس أبيه وجده خوفو حتى أن هيرودوت امتدحه أكثر من أي ملك آخر وقال عنه إنه سبق في عدالته جميع الملوك السابقين. 

 

ويعد الملك منكاورع من أشهر الملوك فى الحضارة المصرية القديمة، وقد اكتسب خلودا وشهرة بسبب هرمه الموجود فى منطقة الجيزة، وكان بلقب بابن الشمس ونيسوت بيتي و تزوج الملك منكاورع بعد اعتلائه العرش من أخته الأميرة خع مرر نبتي، والتي أصبحت الزوجة الرئيسية والملكة الأولى وأنجبت له ابنه وخليفته على العرش "شبسس كاف"، وهو الذي أتم المجموعة الهرمية للملك منكاورع، كما أنه تزوج من رخيت رع وأنجب أيضاً " خو ان رع وخنت كاوس و سخم رع " حيث يقال إن الملك توفي قبل الانتهاء منها. 

 

ويقال إن الملك منكاورع حكم  لمدة 18 عاماً حسب بردية تورين وقيل ايضاً أنه حكم لمدة 28 عاماً ، وترك العديد من التماثيل الغير مكتملة البديعة، وتم تقديسه لدى شعبه لمدة 300 عام . و يصف الأثريون والمؤرخون لحظة اكتشاف تمثال الملك منكاورع، فى 18 يناير عام 1910م، بلحظة فريدة من نوعها ومثيرة للغاية  في الاكتشافات الأثرية، حيث عثر على الملك منذ 111 سنة، وزوجته "خع مرر نبتي"، أثناء الحفر بأرضية غرفة بمعبد الوادي للملك على يد بعثة الحفائر لجامعة هارفارد ومتحف بوسطن تحت قيادة عالم الآثار جورج ريزنر. 

 

كما أن تمثال الملك منقرع وزوجته الملكة خع مرر نبتي وهو واحد من أجمل التماثيل التى تنتمى للحضارة المصرية القديمة، ويعكس قوة المشاعر بين الملك وزوجته وعندما ننظر للتمثال سوف نجد التناسق البديع فى هذا التمثال من خلال تمثيل جسد الملك الذي يبدو ممشوق القوام وتظهر فيه التفاصيل فى منطقة الصدر والأطراف ويظهر وهو يرتدي غطاء الرأس”النمس” ويتحلى باللحية المستعارة المستقيمة الخاصة بالملوك، بينما تظهر زوجته إلى جانبه وهي تحيط جسده فى حميمية وعفوية بمظهر يوحي بالحنان الأسري الحميمي الجميل فى أروع تصوير، والزوجة تظهر فى رداء جميل وهي ترتدي باروكة الشعر وتحيط زوجها بكل من ذراعيها وتظهر أذنيها واضحة من خلف الباروكة وكل من الملك والملكة تظهر فى وجهيهما ملامح دقيقة فى كل من الأنف والفم والوجنتين. 

 

وأشار الدكتور زاهى حواس إلى أن تماثيل منكاورع الثنائية والثلاثية، تعتبر من روائع نحت الدولة القديمة وتشيد ببراعة الفنان المصرى القديم.

 

وبنى الملك منكاورع العظيم  هرمه الأصغر بين الثلاثة أهرامات الكبرى في الجيزة حيث هرم جده خوفو وأبيه خفرع  لتحيطه العظمة والشموخ ويبلغ ضلعي قاعدته 102,2 متر في 104,6 متر وارتفاعه 65,55 متراً، وهو أصغر كثيرا عن هرمي خوفو وخفرع و المادة الأساسية في بنائه كانت من الحجر الجيري التي استخرجت من محاجر بالقرب من مكان البناء، ولكن طلب منقرع من مهندسيه أن يبنوا الجزء السفلي الخارجي من حجر الجرانيت الوردى وعمل المهندسون على إحضار أحجار الجرانيت الرملي من أسوان وتم  نقلها على النيل حتى الجيزة. وتم تغطية هرم منقرع بأحجار الجرانيت الوردي إلى ارتفاع 15 متر، وما فوقها فكان من الحجر الجيري الأبيض الذي أتوا به من طره ، على الضفة الشرقية من النيل.

 

يهبط من شمال الهرم سرداب مائل إلى حجرة أولية تحت ارضية الهرم ، ويمتد منها سرداب آخر مائلا إلى أعلي وينتهي تحت أرضية الهرم مباشرة وينتهي بحائط. ويبدو أن هذا السرداب كان مخططا له أصلا أن يمتد داخل الهرم. و بنيت حجرة التابوت أسفل من الحجرة الأولية. وعثر فيها على تابوت من الجرانيت تبلغ مقاييسه 2,43 × 0,94 × 0,88 متر. وكان التابوت مزينا على عكس تابوتي خوفو وخفرع اللذان كانا بسيطان من دون زينة إذ حفر على أوجهه تابوت منقرع شكل مدخل القصر.

 

كان من المفروض نقل التابوت إلى بريطانيا في عام 1838، ولكنه لم يصل، إذ اعترضت عاصفة السفينة الناقلة وأغرقتها.

 

ويقال إنه فى نهاية القرن الثانى عشر، حاول الملك العزيز عثمان بن يوسف، بهدم الأهرامات، وبدأ بهرم منقرع، وبقي عماله 8 أشهر بمحاولة هدم الهرم، إلا أنه وجدوا من الصعب تدميره، يمكنهم فقط إزالة واحدة او اثنين من الحجارة كل يوم، حيث إنهم استخدموا الأوتاد لتقسيم الحجارة إلى عدة قطع، والرافعات الشوكية لتحريكها، بينما استخدم آخرون الحبال لسحبها إلى الأسفل، ولكنهم فشلوا بمحاولة تدميره، ولكن نجحوا فقط بإلحاق الضرر بهرم منقرع، من خلال ترك شرخ عمودي كبير فى الجانب الشمالى من الهرم.