الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في كتابه الجديد| مصطفى بكري يكشف لأول مرة..الصراع داخل القصر الرئاسي وأحداث الاتحادية

صدى البلد

أصدرت مؤخرا دار سما للنشر كتابًا جديدًا للكاتب الصحفي مصطفى بكري بعنوان"٣ يوليو.. لماذا انتصر الجيش لثورة الشعب؟"، ويتميز الكتاب بحجمه الكبير حيث يضم ٢٣ فصلاً ويمتد على ٥٥٠ صفحة. 

يتناول الكتاب أسباب ثورة ٣٠ يونيو من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويكشف دور الفئات الشعبية والقوى الطليعية في مواجهة حكم الجماعة الإرهابية وإجهاض مخطط أخونة الدولة وطمس هوية الدولة، إذ يحتوي الكتاب على تفاصيل الساعات الحاسمة التي دفعت الجيش بقيادة القائد العام إلى حسم الأمر ودعوة القوى الوطنية لوضع خارطة المستقبل بعد رفض الرئيس المعزول الاستجابة لمطالب الشعب المصري. 

 

وينشر موقع صدى البلاد خلال الأيام المقبلة، فصول من كتاب "٣ يوليو.. لماذا انتصر الجيش لثورة الشعب؟". 

 

 

 الوجه القبيح وأحداث الاتحادية!
 

دعت القوى ‬الوطنية والثورية المصريين إلى ‬التظاهر أمام القصر الجمهورى فى ‬الاتحادية‮ ‬يوم الثلاثاء الرابع من ديسمبر‮ ‬2012‮ ‬للإعلان عن رفضهم الإعلان الدستورى «الانقلابي» ‬الذى ‬أصدره الرئيس محمد مرسى فى  ‬22‮ ‬نوفمبر من العام ذاته‮.‬
 

خرج المصريون من كل أنحاء البلاد،‮ ‬مسيرات انطلقت من أمام المساجد والحوارى ‬والمناطق المختلفة،‮ ‬وفى‮ ‬مساء ذات اليوم كان قد بلغ‮ ‬عدد المحتشدين حول القصر الجمهورى ‬حوالى ‬مليون متظاهر‮.‬
 

كانت الهتافات تندد بسياسة الرئيس مرسى ‬وتطالب بإسقاط حكم جماعة الإخوان وإسقاط الإعلان الدستوري،‮ ‬ظلت المظاهرات على ‬سلميتها دون أيِّ‮  ‬أعمال عنف‮.‬
 

وفى‮ ‬هذا اليوم أبدى ضابط كبير‮  ‬بالحرس الجمهورى ‬تعاطفه مع المتظاهرين وبدا الأمر وكأن مصر كلها توحدت على قلب رجل واحد‮.‬
 

كان‮  ‬أحد المعارضين المعروفين موجودًا مع المتظاهرين أمام القصر،‮ ‬حذَّر من اقتحام القصر والدخول إليه،‮ ‬وقال للمتظاهرين إن مظاهراتنا سلمية وعلينا ألا نمنحهم الحجة لإطلاق‮  ‬الرصاص‮.‬
 

كانت قوات الشرطة قد أقامت العديد من الحواجز والأسلاك الشائكة أمام القصر الجمهوري؛ للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى ‬القصر،‮ ‬إلا أن المتظاهرين استطاعوا تجاوز هذه الحواجز بسلمية ودون الاحتكاك برجال الشرطة‮.‬
 

فى ‬هذا الوقت اتصل اللواء محمد زكي‮- ‬قائد الحرس الجمهوري‮- ‬بالرئيس مرسى ‬وأبلغه بوجوب مغادرته للقصر الجمهورى ‬فورًا؛ خوفًا على ‬حياته بعد أن بدأ المتظاهرون فى ‬الاقتراب من أبواب‮  ‬القصر،‮ ‬كما أن اللواء أحمد جمال الدين‮ -‬وزير الداخلية‮- ‬طلب من د.أحمد عبدالعاطى -‬مدير مكتب الرئيس‮- ‬ضرورة مغادرة الرئيس للقصر سريعًا ودون تردد‮.‬
 

وعلى ‬الفور طلب الرئيس مرسى ‬تجهيز موكب المغادرة وخرج من الباب الخلفى ‬للقصر إلى ‬دار الحرس الجمهوري،‮ ‬وأثناء المغادرة حاول بعض المواطنين التصدى ‬لسيارته وقاموا بإلقاء الحجارة والأحذية عليه،‮ ‬غير أنهم لم‮ ‬يتمكنوا من اعتراضه‮!!‬
ظل المتظاهرون‮ ‬يحيطون بالقصر فى ‬مظاهرتهم السلمية حتى ‬وقت متأخر من فجر اليوم التالى ‬دون أى ‬محاولة لاقتحام القصر،‮ ‬وإنما اكتفوا فقط بكتابة بعض العبارات التى ‬تطالب بإسقاط حكم الإخوان وعزل الرئيس‮.‬
 

اتصل الرئيس محمد مرسى ‬بقائد الحرس الجمهورى ‬وسأله عن الأوضاع حول القصر فقال له اللواء محمد زكى ‬إن تجمعات جماهيرية كبيرة لاتزال حول القصر،‮ ‬وإن هناك مجموعات شبابية بدأت فى ‬نصب الخيام أمام باب‮ (4)،‮ ‬وهو الباب الرئيسى ‬للقصر الجمهوري‮.‬
 

اشتاط الرئيس مرسى ‬غيظًا وراح‮  ‬يهدد بكلمات أقرب إلى ‬الشتائم،‮ ‬وبدا أنه فى ‬حالة عصبية‮  ‬شديدة،‮ ‬واتهم الجميع بالتواطؤ ضده وعدم الحسم‮.‬
 

وقال لقائد الحرس الجمهوري‮: ‬أمامك ساعة واحدة من الآن،‮ ‬عليك أن تفضَّ‮ ‬التظاهرة والاعتصام فورًا،‮ ‬وأن‮ ‬يتم طرد‮ «‬شوية العيال دول‮» -‬كما وصفهم‮- ‬من أمام القصر الجمهوري،‮ ‬وإلا فإنه لن‮ ‬يسكت على ‬ذلك ويضع حدًا بنفسه لهذه الفوضى‮.‬
 

كان اللواء محمد زكى ‬يعرف أن فضَّ‮ ‬الاعتصام بالقوة ستكون له خسائر كبيرة،‮ ‬وأنه سيدفع الثمن قبل الآخرين،‮ ‬وأن الأمر‮ ‬يحتاج إلى ‬حل سياسى ‬أكثر من الحل الأمني‮.‬
 

قال قائد الحرس للرئيس‮: ‬من المستحيل أن نفضَّ‮ ‬الاعتصام بالقوة،‮ ‬والخسائر ستكون فادحة ولن نستطيع إنهاء الأمر بهذه السهولة،‮ ‬خاصة‮  ‬أن المعتصمين‮ ‬يتجمهرون خارج القصر وليس بداخله،‮ ‬وهذا ليس من اختصاص الحرس الجمهوري‮.‬
 

قال الرئيس مرسي‮: ‬دعك من كل هذا الكلام،‮ ‬أمامك ساعة من الآن لفضِّ‮ ‬الاعتصام،‮ ‬وإلا سيكون لى ‬موقف آخر‮.‬
 

أغلق الرئيس سماعة الهاتف فى ‬وجه اللواء محمد زكي،‮ ‬لقد طلب نفس المطلب من وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين،‮ ‬إلا أنه رفض التصدى ‬للمتظاهرين وتفريقهم بالقوة،‮ ‬وقال له‮: ‬أرسل لى ‬قرارًا مكتوبًا وموقعًا منك،‮ ‬ساعتها أستطيع مواجهة المتظاهرين،‮ ‬ولكنى ‬لا أريد أن ألقى ‬مصير حبيب العادلي‮.‬
 

دعا اللواء محمد زكى ‬بعض كبار ضباط الحرس الجمهوري،‮ ‬أبلغهم بمطلب الرئيس فرفضوا جميعًا‮.. ‬اتصل بالفريق أول عبدالفتاح السيسى ‬وأحاطه علمًا بالمكالمة الهاتفية التى ‬جرت مع الرئيس،‮ ‬إلا أن وزير الدفاع طلب منه عدم التدخل لفضِّ‮ ‬الاعتصام والمظاهرات بالقوة؛ خوفًا من سقوط قتلى‮ ‬وجرحى ‬من كلا الجانبين‮.‬
 

بعد قليل اتصل قائد الحرس الجمهورى ‬بالرئيس مرسي،‮ ‬حاول رجال السكرتارية الخاصة توصيله بالرئيس الذى ‬كان قد قرر المبيت فى ‬دار الحرس الجمهوري،‮ ‬إلا أنهم أخطروه بأن الرئيس لا‮ ‬يجيب،‮ ‬وربما‮ ‬يكون قد خلد إلى ‬النوم‮.‬
 

كان اللواء محمد زكى ‬قلقًا للغاية من إصرار الرئيس على ‬فضِّ‮ ‬الاعتصامات حول القصر بالقوة،‮ ‬طلب من سكرتارية الرئيس توصيله هاتفيًا بأسعد الشيخة‮ -‬نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية وأحد أقارب الرئيس‮- ‬والذى ‬كان قد‮ ‬غادر القصر برفقته خلال الأحداث‮.‬
 

أبلغ‮ ‬قائد الحرس نائب رئيس الديوان بالمكالمة التى ‬جرت بينه وبين الرئيس مرسى ‬وأكد له أن ما‮ ‬يطلبه الرئيس هو من المستحيلات،‮ ‬وأنه‮ ‬يتخوف من أن‮ ‬ينجم عن فضِّ‮ ‬الاعتصام بالقوة سقوط أعداد كبيرة من القتلى ‬والجرحي،‮ ‬لقد فوجئ اللواء محمد زكى ‬بأسعد الشيخة‮ ‬يرد عليه بعنف قائلاً‮: ‬ولماذا تحدثنى ‬أنا فى ‬هذا الموضوع؟ حاول مع الرئيس مرة أخرى؛ لأنه هو صاحب القرار،‮ ‬وأنتم جميعًا لا تريدون أن تفعلوا شيئًا‮.‬
 

بعدها بقليل عاود قائد الحرس الجمهورى ‬الاتصال بالرئيس مرسي،‮ ‬وبعد إلحاح شديد،‮ ‬أجابه الرئيس وسأله على ‬الفور‮: ‬ماذا فعلت؟‮!‬
قال اللواء محمد زكي‮: ‬أحتاج إلى ‬24‮ ‬ساعة لإنهاء التظاهرات والاعتصامات،‮ ‬أنا لدىَّ‮ ‬طرق خاصة وسأحاول وأبذل كل الجهد من أجل إنهاء هذه المظاهرات حول القصر بطريقة سلمية‮.‬
‮* ‬الرئيس‮: ‬إزاى ‬يعني؟
‮** ‬قائد الحرس‮: ‬سأخرج للمتظاهرين وأطلب منهم الانصراف بهدوء،‮ ‬وسأتصل بقادتهم وأدعوهم لفضِّ‮ ‬المظاهرات،‮ ‬أنا خوفى‮ ‬أن تسال الدماء حول القصر،‮ ‬وإذا بدأنا‮  ‬المواجهة‮  ‬لا نعرف كيف سننهيها‮.‬
‮* ‬الرئيس‮: ‬أنا ماليش دعوة بالكلام ده،‮ ‬أمامك ساعة فقط،‮ ‬اتصرف،‮ ‬اعمل أى ‬حاجة،‮ ‬انت خايف من إيه‮ ‬يا أخي،‮ ‬انت قائد الحرس الجمهوري،‮ ‬ورجالتك‮ ‬ياكلوا الحديد،‮ ‬خلصنى ‬بأى ‬طريقة‮.‬
‮** ‬قائد الحرس‮: ‬عاوز بس‮ ‬24‮ ‬ساعة‮ ‬يا فندم‮.‬
‮* ‬الرئيس‮: ‬كلمتى ‬واحدة،‮ ‬عاوز أحضر الرئاسة صباحًا ولا أجد متظاهرًا واحدًا،‮ ‬استخدم كل الأساليب،‮ ‬بالقوة،‮ ‬بالهدوء،‮ ‬المهم تطردهم خلال ساعة من الآن‮.‬
‮** ‬قائد الحرس‮: ‬سيكون صعبًا،‮ ‬الناس كتيرة وأناخايف من انقلاب الأوضاع‮.‬
‮* ‬الرئيس‮: ‬جمد قلبك واضرب ومتخافش‮.‬
‮** ‬قائد الحرس‮: ‬ربنا‮ ‬يسهل‮ ‬يا فندم‮.‬
 

كان اللواء محمد زكى ‬فى ‬حيرة من الأمر،‮ ‬إنه أمام موقف صعب للغاية،‮ ‬كيف‮ ‬يخالف ضميره؟ كيف‮ ‬يتفادى ‬غضب الرئيس؟ تقدم نحو أسوار القصر الجمهوري،‮ ‬لم‮ ‬يتبق سوى ‬عدة مئات من المتظاهرين الذين نصبوا مجموعة من الخيام أمام أسوار القصر وبجوار مسجد عمر بن عبدالعزيز،‮ ‬كان عدد الخيام‮  ‬محدودًا‮.‬
 

عندما سأله مرافقوه من قادة الحرس‮: ‬ماذا سنفعل؟ قال لهم‮: ‬الأعداد بسيطة،‮ ‬لا تحتكُّوا بأحد منهم،‮ ‬ودعونى ‬أتفاهم مع الرئيس فى ‬الأمر‮.‬
 

انصرف اللواء محمد زكى فى ‬هذا الوقت لينال قسطًا من الراحة،‮ ‬كانت مشاعره متضاربة ومتناقضة،‮ ‬إنه بين نارين،‮ ‬لكنه قرر ألا‮ ‬يخالف ضميره،‮ ‬وألا‮ ‬يكرر أيَّ‮ ‬أخطاء ارتكبها‮ ‬غيره فى ‬أوقات سابقة‮.‬
 

فى ‬الصباح الباكر خرج اللواء محمد زكى ‬من ساحة القصر إلى ‬خارجه،‮ ‬كانت هناك مجموعة من الشباب تحاول اعتراض موكب الرئيس عند وصوله،‮ ‬لقد وضعوا أسلاكًا شائكة فى ‬الطريق إلى ‬القصر،‮ ‬وهددوا بمنعه من الدخول،‮ ‬اقترب منهم قائد الحرس للتفاهم معهم،‮ ‬وطلب منهم إبعاد الأسلاك الشائكة،‮ ‬ودخل معهم فى ‬حوار مطول حتى ‬استطاع إقناعهم بنزع الأسلاك الشائكة من الطريق المؤدى ‬إلى ‬القصر الجمهوري‮.‬
 

محاولات فض إعتصام القصر الجمهوري 

بعد نجاحه فى ‬هذه المهمة عاد اللواء محمد زكى ‬إلى ‬ساحة القصر الجمهورى ‬مرة أخري،‮ ‬التقى ‬المهندس أسعد‮ ‬الشيخة‮ -‬‮ ‬فطلب‮ ‬منه أن‮ ‬يقوم‮ ‬بفضِّ‮ ‬التجمعات الموجودة أمام القصر وإحراق الخيام‮  ‬والقبض على ‬مَن فيها،‮ ‬رفض‮ ‬قائد الحرس تنفيذ الأمر الذى ‬نقله أسعد الشيخة باسم الرئيس مرسي،‮ ‬وقال له‮: ‬الخيام ممتلئة بالشباب ولن نستطيع فضَّها أو حرقها بهذه الطريقة،‮ ‬وإن الحرس الجمهورى ‬لم‮ ‬يتعود الاعتداء على ‬المدنيين ولن نتورط فى ‬ذلك‮.‬
‮* ‬قال أسعد الشيخة‮: ‬يعنى ‬إيه؟‮! ‬انتوا لازم تقوموا بفضِّ‮ ‬هذا الاعتصام،‮ ‬هذه مهمتكم،‮ ‬وانتم المسئولين عن ذلك‮.‬
‮** ‬قال قائد الحرس‮: ‬سأرسل عددًا من المساعدين للتفاهم مع الشباب والطلب منهم بضرورة فض الاعتصام بهدوء‮.‬
 

فى ‬هذا الوقت طلب قائد الحرس الجمهورى ‬من قائد شرطة الحرس الجمهورى ‬وأيضًا من رئيس عمليات الحرس محاولة إقناع المعتصمين بفضِّ‮ ‬اعتصامهم ولكن دون الاحتكاك بهم‮.‬
 

وبالفعل خرج الاثنان والتقيا مجموعة من الشباب الذين رفضوا إنهاء الاعتصام وقالوا إنهم معتصمون سلميًا كنوع من الاحتجاج على ‬الإعلان الدستوري،‮ ‬وإن اعتصامهم سيظل سلميًا ولن‮ ‬يفضوه طالما أنهم لم‮ ‬يخرجوا على ‬القانون ولم‮ ‬يهددوا الأمن أو الاستقرار‮.‬
 

قام الرجلان بإبلاغ‮ ‬اللواء زكى ‬تليفونيًا بما حدث بينهم وبين المعتصمين،‮ ‬فطلب منهما قائد الحرس العودة إلى ‬داخل القصر مرة أخري؛ حرصًا على ‬عدم الاحتكاك‮.‬
 

وبالفعل بعد عودتهما مباشرة،‮ ‬أبلغ‮  ‬قائد الحرس اللواء محمد زكى ‬نائب‮ ‬رئيس الديوان أسعد الشيخة بما جرى،‮ ‬فثار وغضب،‮ ‬وقال‮: «‬انتم موش حتعملوا حاجة،‮ ‬إحنا حنتصرف،‮ ‬رجالتنا حيقوموا بالواجب وزيادة،‮ ‬النهارده بعد العصر حوريك كيف تُفضُّ‮ ‬الاعتصامات وكيف تُعاد للدولة هيبتها،‮ ‬إحنا موش حنتكل عليكم فى ‬حاجة بعدكده،‮ ‬وكل واحد‮ ‬يدفع تمن تقصيره‮».‬
 

أدرك اللواء محمد زكى ‬أن أسعد الشيخة قرر أن‮ ‬يستخدم العنف والقوة ضد المعتصمين،‮ ‬حذره من ذلك،‮ ‬وقال‮: ‬سيسقط العديد من الضحايا،‮ ‬وسيكون رد الفعل قويًا‮.‬
 

أبدى ‬أسعد الشيخة استهانته بكلمات اللواء محمد زكى ‬وقال له‮: ‬نحن نعرف كيف نحمى ‬أنفسنا،‮ ‬لازم‮ ‬ياخدوا درسًا لن‮ ‬ينسوه،‮ ‬وحتشوف ماذا سيحدث،‮ ‬وعمومًا احنا موش حنفضّ‮ ‬الاتحادية بس،‮ ‬لأ،‮ ‬حنفض كمان ميدان التحرير‮.‬
‮* ‬قال اللواء محمد زكي‮: ‬انتم كده حتدمروا البلد،‮ ‬والناس لن تقبل باستخدام القوة مع متظاهرين‮  ‬سلميين‮.‬
‮** ‬أسعد الشيخة‮: ‬والله احنا عارفين بنعمل إيه،‮ ‬واحنا نفهم نتعامل مع الشعب ده أحسن من أى ‬حد تاني،‮ ‬دى ‬ناس تخاف ولا تختشي،‮ ‬وهتشوف ده بعينك اليوم،‮ ‬وأتمنى ‬أن تستوعبوا الدرس‮.‬
‮* ‬قال اللواء محمد زكى ‬بعصبية شديدة‮: ‬سيكون الثمن فادحًا على ‬الجميع،‮ ‬وأنا أحذر من خطورة هذا الإجراء‮.‬
 

انصرف أسعد الشيخة من أمام اللواء محمد زكى ‬الذى ‬كان فى ‬حالة ذهول من الطريقة التى ‬تحدث بها نائب رئيس الديوان مهددًا‮  ‬ومتوعدًا،‮ ‬وعلى ‬الفور‮  ‬أبلغ‮ ‬الفريق أول السيسى ‬بما جري،‮ ‬طلب منه السيسى ‬التمسك بموقفه والحرص على ‬سلامة المعتصمين،‮ ‬وتحذير الرئيس من مغبة تهور أسعد الشيخة والآخرين‮.‬
 

وبالفعل ما إن وصل الرئيس مرسى ‬إلى ‬القصر الجمهورى ‬فى ‬نحو العاشرة من صباح الأربعاء‮ ‬5‮ ‬ديسمبر‮ ‬2012،‮ ‬حتى ‬توجه قائد الحرس إلى ‬الرئيس ليبلغه بالوضع،‮ ‬فقال له مرسي‮: ‬انتظر قليلاً،‮ ‬سأجتمع بكم وبالفريق الرئاسى ‬لنرى ‬ماذا سيحدث‮!!‬
وعلى ‬الفور طلب الرئيس مرسى ‬من ابن شقيقته أسعد الشيخة،‮ ‬الدعوة إلى ‬اجتماع عاجل برئاسته،‮ ‬وحضره د.أحمد عبدالعاطى (‬مدير مكتب الرئيس‮)  ‬والسفير رفاعة الطهطاوى (‬رئيس الديوان‮) ‬والمهندس أسعد الشيخة‮ (‬نائب رئيس الديوان‮)  ‬وخالد القزاز ود‮.‬ياسر علي،‮ ‬كما حضره أيضًا اللواء محمد زكى (‬قائد الحرس الجمهوري‮) ‬واللواء أحمد فايد‮ (‬مدير شرطة الرئاسة‮) ‬واللواء أسامة الجندى (‬مدير أمن الرئاسة‮) ‬وأيمن هدهد مستشاره الأمنى‮.‬
 

بدأ الاجتماع ساخنًا،‮ ‬وجَّه الرئيس اللوم إلى ‬قائد الحرس الجمهورى ‬ومدير شرطة الرئاسة اللواء أحمد فايد،‮ ‬وانتقد بشدة سلوك اللواء أحمد جمال الدين‮ -‬وزير الداخلية‮- ‬وقال‮: ‬الراجل ده خلاص كتب نهايته بنفسه ولن‮ ‬يكون له‮ »‬عيش‮« ‬معنا بعد ذلك،‮ ‬وكل من سيتراخى ‬عن أداء مهمته أنا سأؤدبه بطريقتي‮.‬
 

تهديدات ووعيد

نظر الرئيس إلى ‬اللواء محمد زكى ‬قائد الحرس الجمهورى ‬وقال له‮: ‬لماذا لم تفض هذه الاعتصامات وتنهِ‮ ‬هذه الفوضي؟
‮** ‬قال قائد الحرس‮: ‬أنا أخاف من استخدام القوة،‮ ‬الضحايا لن‮ ‬يكونوا قليلين‮.. ‬والبلد فى ‬وضع صعب،‮ ‬وهذا سيضر بسمعة الرئاسة‮.‬
*  ‬قال الرئيس محتدًا‮: ‬وإيه‮ ‬يعني،‮ ‬وهل انت راضى ‬عن شوية‮ «‬الـ‮.....» ‬الموجودين أمام القصر واقتحموا حرم القصر وعسكروا فيه؟ دول ولاد مأجورين وبلطجية،‮ ‬انت خايف من إيه؟
**  ‬قال قائد الحرس‮: ‬أنا خايف على ‬الأرواح،‮ ‬طلبت من سيادتك‮ ‬24‮ ‬ساعة لفضِّ‮ ‬الاعتصام سلميًا‮.‬
*  ‬الرئيس‮: ‬ولا‮ ‬24‮ ‬دقيقة،‮ ‬كل شيء اتحسم وحينتهى ‬بطريقتنا،‮ ‬أنا كمان موش عاوز عنف،‮ ‬لكن إيه العمل؟‮!‬
**  ‬قال قائد الحرس‮: ‬الأمر خطير‮ ‬يافندم‮.‬
** وقال اللواء أحمد فايد‮: ‬وأنا شخصيًا بحذر من العنف،‮ ‬لازم نستخدم الحوار،‮ ‬والأولاد ممكن‮ ‬يمشوا‮.‬
* نظر الرئيس إلى ‬اللواء أسامة الجندي،‮ ‬وقال‮: ‬وانت إيه رأيك‮ ‬ياسيادة اللواء؟
- قال اللواء أسامة الجندي‮: ‬العنف سيولد عنف،‮ ‬والأولاد حيمشوا لوحدهم،‮ ‬ولم‮ ‬يحاولوا اقتحام القصر،‮ ‬وأقترح تركهم وعدم التعرض لهم‮.‬
- قال الرئيس‮: ‬ده كلام فاضي،‮ ‬والأولاد دول لازم‮ ‬يمشوا النهارده‮.‬
- أما‮  ‬أسعد الشيخة فقد قال‮: ‬الموضوع اتحسم،‮ ‬واللى ‬حيقرب من القصر الجمهورى ‬سيلقى‮ ‬حتفه،‮ ‬ولن‮ ‬يكون هناك أى ‬تفاهم،‮ ‬واحنا عندنا رجالتنا اللى ‬يعرفوا‮ ‬يحموا القصر‮.‬
-  ‬الرئيس مرسى (‬موجهًا كلامه لقائد الحرس الجمهوري‮): ‬تعليماتى ‬لك بشكل واضح اتصرفوا وفضُّوا الاعتصام فورًا‮.‬
 

 

انتهى ‬الاجتماع،‮ ‬كانت عبارة الرئيس لاتزال تدوي،‮ ‬أدرك اللواء محمد زكى ‬أن الأمر جد لا هزل فيه،‮ ‬أطلع الفريق أول السيسى ‬بمضمون الاجتماع،‮ ‬طلب منه السيسى ‬التمسك بموقفه،‮  ‬وحذره من خطورة التهديدات التى‮ ‬أطلقها أسعد الشيخة،‮ ‬وقال‮: ‬لا تسمحوا بالعنف ضد المتظاهرين‮.‬
 

فى ‬حوالى ‬الساعة الرابعة تقريبًا تلقى ‬اللواء محمد زكى ‬إخطارًا من ديوان الرئاسة بأن الرئيس سيغادر إلى ‬دار الحرس الجمهورى ‬فورًا على ‬غير العادة؛ حيث إن الرئيس كان‮ ‬يظل موجودًا فى ‬قصر الرئاسة‮ ‬يوميًا إلى ‬ما بعد صلاة العشاء،‮ ‬كان ذلك بناء على ‬نصيحة من اللواء أحمد جمال الدين‮ -‬وزير الداخلية‮ -‬خوفًا على ‬حياته‮.‬
 

كان المرشد العام للجماعة قد وجه الدعوة إلى ‬هيئة مكتب الإرشاد،‮ ‬للتباحث فى ‬الأمر،‮ ‬ومواجهة الاعتصامات التى ‬ظلت مستمرة حول القصر الجمهوري،‮ ‬التقت رغبة المرشد مع رغبة الرئيس محمد مرسي‮: ‬لابد من استخدام القوة فى ‬مواجهة المعتصمين،‮ ‬لابد من إعطائهم درسًا وتأديبهم حتى ‬لا‮ ‬يتكرر ما جرى‮ ‬يوم الرابع من ديسمبر‮.‬
 

وفى ‬الاجتماع الذى ‬شارك فيه د.محمد بديع المرشد العام للجماعة،‮ ‬ومحمود عزت نائب المرشد،‮ ‬وخيرت الشاطر نائب المرشد ومحمود‮ ‬غزلان المتحدث الرسمى ‬للجماعة وأسامة أبو بكر الصديق عضو مكتب الإرشاد،‮ ‬تحدث المرشد العام،‮ ‬كان ثائرًا وغاضبًا،‮ ‬لقد وجه انتقادات شديدة إلى ‬جبهة الإنقاذ ـ التى ‬كان‮ ‬يسميها دومًا‮ «‬جبهة الخراب‮» ‬وقال‮: »‬إنها أس البلاء فى ‬مصر‮«‬،‮ ‬وإنها تقف ضد الشرعية وتحرض على ‬التخريب فى ‬البلاد،‮ ‬وإنه حان الوقت لتلقينها درسًا لن‮ ‬ينسى‮.‬
 

واعتبر خيرت الشاطر أن الجبهة التقت مع فلول النظام السابق على ‬هدف واحد ووحيد وهو إسقاط نظام الرئيس مرسي،‮ ‬نظام جماعة الإخوان،‮ ‬لأن فى ‬قلوبهم حقدًا ومرضًا وعداءً‮ ‬مستحكمًا ضد المشروع الإسلامي‮.‬
 

وطرح نائب المرشد،‮ ‬د.محمود عزت الإسراع فورًا بتوجيه الدعوة إلى ‬حشد شباب الإخوان والقوى ‬الحليفة لفض هذا الاعتصام مساء نفس اليوم الخامس من ديسمبر‮ ‬2012.‬
 

لقد أكد المرشد العام أنه اتفق مع الرئيس على ‬استخدام كافة الأساليب لتأديب المعتصمين وإحراق خيامهم والقبض على ‬عدد منهم وتسليمهم للجهات المعنية بعد إخضاعهم للتحقيق بواسطة عناصر الجماعة لمعرفة القوى ‬التى ‬تقف وراءهم وتمولهم‮.‬
 

وأكد خيرت الشاطر أنه سيتواصل مع أسعد الشيخة نائب رئيس الديوان ومع د.أحمد عبدالعاطى ‬مدير مكتب الرئيس وأيمن هدهد مستشاره الأمنى ‬للتنسيق حول سيناريو الأحداث‮.‬
 

كان عدد المعتصمين فى ‬هذا الوقت لا‮ ‬يزيد على ‬300‮‬ شخص نصبوا بعض الخيام حول القصر الجمهورى ‬بالاتحادية،‮ ‬رفعوا بعض اللافتات التى ‬تطالب بإلغاء الإعلان الدستورى ‬الصادر فى ‬21‮ ‬ نوفمبر،‮ ‬كما طالبوا بإسقاط حكم الإخوان،‮ ‬وكتبوا على ‬جدران القصر الجمهورى ‬شعارات تنادى ‬برحيل الرئيس مرسي‮.‬
 

وعلى ‬الفور حدد خيرت الشاطر المجموعة التى ‬ستدير حركة‮  ‬الأحداث وطرد المعتصمين من أمام قصر الاتحادية وهم محمد البلتاجى‮ ‬وصفوت حجازى ‬وأحمد المغير وعبدالرحمن عز وأسامة جمال الدين وأمير النجار،‮ ‬حيث تولى ‬هؤلاء قيادة ميليشيا الجماعة التى ‬ستنفذ مهمة طرد المعتصمين،‮ ‬والتى ‬يطلق عليها داخل الجماعة‮ «مجموعات الردع‮».‬
 

وكلف الشاطر أيضا أيمن هدهد المستشار الأمنى ‬للرئيس بتشكيل عدد من المجموعات للتحقيق مع من سيتم القبض عليهم من المعتصمين والتوصل إلى ‬نتائج تكشف أبعاد‮ «‬المؤامرة‮» ‬ضد الرئيس وذلك باستخدام القوة وإجبارهم على ‬هذه الاعترافات،‮ على ‬أن‮ ‬يستعين فى ‬ذلك بعدد من قيادات الجماعة ومنهم علاء حمزة‮.‬
 

وقد هاجم المعتصمون فى ‬هذا اليوم المخرج السينمائى ‬وعضو جبهة الإنقاذ خالد‮ ‬يوسف،‮ ‬حيث اعتدوا عليه وحطموا سيارته أثناء دخوله مدينة الانتاج الإعلامي،‮ ‬وقد استطاع خالد‮ ‬يوسف النجاة بصعوبة واتجه على ‬الفور إلى ‬قسم شرطة السادس من أكتوبر،‮ ‬وحرر محضرًا حمَّل فيه المسئولية للرئيس محمد مرسى ‬والمرشد العام لجماعة الإخوان د.محمد بديع،‮ ‬ووجَّه الاتهام مباشرة إلى ‬الشيخ حازم أبو اسماعيل وأنصاره‮.‬
 

وقد اعترف جمال صابر‮ -‬المتحدث باسم حملة‮ »‬لازم حازم‮«- ‬بالحادث،‮ ‬وادعى ‬أن الحادث فردى ‬وأن من قام به شخص‮ ‬يدعى »‬أحمد‮« ‬من سكان منطق الدرب الأحمر،‮ ‬وأنه اعترف بأنه اعتدى ‬على‮ ‬المخرج خالد‮ ‬يوسف بسبب إهانته للمناطق الشعبية فى ‬أفلامه،‮ ‬إلا أن خالد‮ ‬يوسف كذَّب فى ‬اتصال هاتفى ‬مع قناة الأوربت هذا الادعاء وقال إن من اعتدوا عليه لا‮ ‬يقلون عن خمسين شخصًا‮.‬. لم‮ ‬يكن خالد‮ ‬يوسف وحده المستهدف،‮ ‬لقد سبق أن جرى‮ ‬الاعتداء على ‬العديد من الإعلاميين والضيوف وكان فى ‬مقدمة هؤلاء خالد صلاح رئيس تحرير‮ «‬اليوم السابع‮».‬
 

إرهاب الاعلامين

لم‮ ‬يسعَ‮ ‬الرئيس مرسى ‬إلى ‬اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتورطين،‮ ‬لم‮ ‬يطالبهم بإنهاء حصارهم حول مدينة الانتاج الإعلامي،‮ ‬بل كان مساندًا لهم فى ‬الخفاء،‮ ‬وكان سعيدًا بإرهاب الإعلاميين الذين سببوا له‮ -‬كما كان‮ ‬يقول دومًاـ‮ «‬صداعًا مزمنًا‮»!!‬

 

فى‬17‮ ‬ ديسمبر من عام‮ ‬2012‮ ‬احتشد عدد كبير من أعضاء النيابة العامة،‮ ‬للاعتصام أمام مقر النائب العام المعين المستشار طلعت إبراهيم،‮ ‬كان لهم مطلب واحد ووحيد،‮ ‬وبعد مفاوضات مكثفة،‮ ‬قرر النائب العام‮ »‬المعين‮« ‬تقديم استقالته من موقعه‮.‬
 

كان نص الاستقالة الموجه إلى ‬رئيس المجلس الأعلى ‬للقضاء‮ ‬يقول‮: «‬أرجو نظر عرض طلبى على ‬مجلس القضاء الأعلى ‬المنعقد بجلسة الأحد الموافق‮ ‬2012‭/‬12‭/‬23‮ ‬بقبول استقالتى ‬من منصب النائب العام وعودتى ‬للعمل بالقضاء‮».‬
 

كان الهدف من تأجيل قرار البت فى ‬الاستقالة إلى ‬يوم ‮‬12‭/‬23 ‮ ‬انتظار نتائج التصويت على ‬الدستور،‮ ‬فاقتنع أعضاء النيابة العامة،‮ ‬وهتفوا للمستشار طلعت عبدالله واصطحبوه حتى ‬سيارته‮.‬
 

عقب الإعلان عن الاستقالة دعا رئيس نادى ‬القضاة المستشار أحمد الزند لإصدار قرار بعودة المستشار عبدالمجيد محمود إلى ‬منصبه نائبًا عامًا وقال‮: «‬أقول للسلطة التنفيذية‮: ‬لقد أزال المستشار طلعت عبدالله تسعة أعشار المشكلة ولم‮ ‬يبق إلا عُشرها،‮ ‬وهو إصدار قرار بعودة المستشار عبدالمجيد محمود،‮ ‬لكى ‬ُتحلَّ‮ ‬المشكلة من جذورها‮».‬
 

فى ‬هذا الوقت تصاعدت حدة الغضب لدى ‬أوساط جماعة الإخوان المسلمين وراحوا‮ ‬يطلبون من وزير العدل عدم قبول الاستقالة،‮ ‬وأمام حجم الضغوط التى ‬مورست من جهات متعددة وافق النائب العام‮ «‬المعين‮» على ‬الانتظار،‮ ‬جرت اتصالات معه من جميع الأطراف،‮ ‬وكان أبرزها مؤسسة الرئاسة وقيادة الجماعة،‮ ‬بعثوا إليه بالمظاهرات التى ‬تؤيد بقاءه فى ‬منصبه،‮ ‬أقنعوه بأن قراره‮ ‬غير شرعي؛ لأنه جاء بفرض القوة عليه،‮ ‬وأن استقالته‮ ‬يمكن سحبها من مكتب وزير العدل‮.‬
 

استجاب المستشار طلعت إبراهيم للنصيحة،‮ ‬وأعلن أنه سيبقى ‬فى ‬منصبه،‮ ‬وقال إنه تعرض للابتزاز من عدد من أعضاء النيابة العامة،‮ ‬بالرغم من أنه صرح بنفسه فى ‬اليوم التالى ‬لكتابة الاستقالة لقناة‮ »‬الحياة‮« ‬بأنه تقدم باستقالته قناعةً‮ ‬وطواعيةً‮.‬
احتشد الآلاف من أعضاء النيابة العامة أمام مبنى ‬دار القضاء العالى ‬رافضين تراجع المستشار طلعت إبراهيم عن استقالته،‮ ‬هددوا بتعليق العمل فى ‬جميع النيابات،‮ ‬بعثت جماعة الإخوان بعشرات المتظاهرين الذين راحوا‮ ‬يسعون إلى ‬استفزاز أعضاء النيابة العامة والتطاول عليهم،‮ ‬وكان أعضاء النيابة‮ ‬يردون على ‬الهتافات المعادية والشتائم البذيئة،‮ ‬بالهتاف‮ »‬بلادي‮.. ‬بلادي‮.. ‬لك حبى ‬وفؤادي‮«. ‬كان المشهد مستفزًا إلى ‬أقصى ‬درجة،‮ ‬كان رجال القضاء‮ ‬يشعرون بمرارة تتعدى ‬كل الحدود،‮ ‬وكانوا‮ ‬يرون الإهانة بأم أعينهم،‮ ‬وكانوا فى ‬دهشة من تبنى ‬وزير العدل المستشار أحمد مكى ‬هذا القرار الجائر والدفاع عنه‮.‬
 

 

فى ‬مساء نفس اليوم كان هناك عدد من الشباب قد انتظروا المستشار أحمد الزند‮ (‬رئيس نادى ‬القضاة‮) ‬أمام مبنى ‬النادي،‮ ‬وعندما خرج من مبنى ‬النادى فى ‬حوالى‮ ‬التاسعة مساء بدأ الشباب‮ ‬يرددون الهتافات البذيئة ضده واعتدى ‬بعضهم عليه،‮ ‬فتم احتجازهم بواسطة القضاة وإحالتهم للنيابة العامة التى‮ ‬قررت حبسهم فى ‬اليوم نفسه‮.‬
فى ‬هذا الوقت تجمهر عدد كبير من القضاة بداخل النادى ‬النهرى ‬للقضاة بالعجوزة ليبعثوا برسالة للرأى ‬العام تقول‮: «‬إنه لم تعد هناك حرمة لأى ‬شيء،‮ ‬وإن الاعتداء اللفظى ‬والبدنى ‬والمعنوى ‬ضد القضاة وصل إلى ‬مداه،‮ ‬وإنهم‮ ‬يعرفون جيدًا القوى ‬التى ‬تحرك الأحداث وتتجاوز كل الحدود‮».‬

 

بعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء على ‬الدستور‮ ‬يوم‮ ‬23‮ ‬ديسمبر‮ ‬2012،‮ ‬رفض النائب العام تقديم استقالته،‮ ‬وقال إنه تعرض للابتزاز‮  ‬من البعض‮.‬
وصدر عن مصدر قضائى ‬رفيع المستوى‮ ‬بيان‮ ‬يوم‮ ‬24‮ ‬ديسمبر أكد فيه أن وزارة العدل أبلغت مجلس القضاء الأعلى ‬أنها ترفض نظر طلب النائب العام؛‮  ‬نظرًا لتعارضه مع المادتين‮ ‬70،‮ ‬119‮ ‬من قانون السلطة القضائية الذى ‬يحدد الأسباب التى ‬يطلب فيها القاضى ‬الاعتذار عن عدم الاستمرار فى ‬عمله‮. ‬وقال البيان‮: ‬إن الطلب الذى ‬تقدم به النائب العام كان موجهًا لمجلس القضاء الأعلى ‬بشأن الحصول على ‬درجته القضائية بمحكمة النقض مرة ثانية،‮ ‬وإن النائب العام لم‮ ‬يترك موقعه نائبًا لرئيس محكمة النقض منذ توليه منصب النائب العام بطريق‮ «‬الانتداب‮».‬
 

كان موقف وزارة العدل مؤيدًا لبقاء النائب العام فى ‬منصبه،‮ ‬خاصة بعد أن أحال مجلس القضاء الأعلى ‬طلب الاستقالة إلى ‬وزير العدل،‮ ‬الذى ‬قُدَّم له طلب آخر من النائب العام المعين‮ ‬يتضمن تراجعًا عن الاستقالة المقدمة‮.‬
 

صمم النائب العام‮ «‬المعين‮» على ‬موقفه،‮ ‬وألقى‮ ‬بالكرة فى ‬ملعب الجميع،‮ ‬غير عابئ بالاعتراضات وتعليق العمل والاستقالات المقدمة،‮ ‬فكان ذلك الموقف تحديًا للقضاة والشعب بأسره،‮ ‬وكان ذلك‮ ‬يتم بتحريض مباشر من الرئيس مرسى ‬ومكتب الإرشاد الذين صمموا على ‬تحدى ‬إرادة القضاة والتصميم على ‬استمرار النائب العام المعين فى ‬منصبه رغم مخالفة ذلك لقانون السلطة القضائية ولإرادة القضاة‮.‬
 

قبيل الإعلان عن نتيجة الاستفتاء على ‬الدستور بنسبة تصل إلى ٦٣٫٨٪ ‬أعلن المستشار محمود مكى ‬ـ نائب رئيس الجمهورية ـ عن استقالته التى ‬قال إنه تقدم بها فى ‬السابع من نوفمبر‮ ‬2012،‮ ‬كانت الاستقالة أمرًا طبيعيًا بعد إلغاء منصب نائب الرئيس فى ‬الدستور الجديد،‮ ‬يومها قال المستشار مكى «‬إن ظروف الانشغال بما جرى ‬من عدوان إسرائيلى على ‬قطاع‮ ‬غزة ثم مشاركته فى ‬مؤتمر دول الثمانى ‬الذى ‬انعقد فى ‬باكستان حالت دون قبول الرئيس الاستقالة فى ‬هذا الوقت‮».‬
 

كان الأمر مختلفًا بالقطع‮.. ‬وكانت الادعاءات‮ ‬غير صحيحة‮.. ‬لقد اختار مكتب الإرشاد المستشار مكى ‬لمنصب نائب الرئيس قبيل انتهاء مدة الشهر التى ‬حددها الإعلان الدستورى ‬الصادر فى ‬30‮ ‬مارس‮ ‬2011‮ ‬لاختيار نائب الرئيس،‮ ‬وكان اختياره هو أقل الأضرار،‮ ‬خاصة أن الرجل‮ ‬يتمتع بعلاقة طيبة مع أعضاء مكتب الإرشاد،‮ ‬وسبق أن اعتذر عن طلب الإخوان بترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية فى ‬شهر فبراير عام‮ ‬2012،‮ ‬وقبل أن‮ ‬يحسم مكتب الإرشاد أمره ويرشح أحد قياداته‮.‬
 

كان المستشار محمود مكى ‬مطيعًا للرئيس،‮ ‬نادرًا ما‮ ‬يعترض على ‬قراراته،‮ ‬لكنه منذ البداية أدرك أن وجوده كعدمه،‮  ‬وأنه لا‮ ‬يتمتع بأى ‬صلاحيات حقيقية‮ ‬يمكن الاعتداد بها‮.‬
 

لقد فوجئ مكى ‬منذ اليوم الأول،‮ ‬أنه محاط بمجموعة من القيادات التى ‬تنتمى ‬لجماعة الإخوان المسلمين،‮ ‬التى ‬تحيط بالرئيس وتملى ‬عليه صناعة القرار،‮ ‬كان بيدها الحل والعقد فى ‬حكم البلاد،‮ ‬بينما هو كان‮ ‬يجلس فى ‬مكتبه‮ ‬يستمع إلى ‬الأخبار ويفاجأ بها‮.‬
 

حاول واجتهد،‮ ‬وطلب من الرئيس أكثر من مرة تحديد صلاحياته أو السماح له بالاستقالة من منصبه،‮ ‬إلا أن الرئيس لم‮ ‬يُعِر مطلبه اهتمامًا،‮ ‬وبعد شدة الإلحاح أسند إليه مهمة إدارة الحوار الوطنى ‬مع الأحزاب والقوى ‬السياسية،‮ ‬ولم‮ ‬يجرؤ مكى على ‬الاعتراض‮.‬
 

لم تكن له أى ‬علاقة بالجهاز التنفيذي،‮ ‬لم‮ ‬يكن باستطاعته إلزام وزير أو مسئول بتنفيذ قرار بعينه،‮ ‬أو محاسبة أحد على ‬أى ‬تجاوزات قد تقع،‮ ‬كان الرجل معزولاً‮ فى ‬مكتب وثير داخل القصر الرئاسى ‬بالاتحادية،‮ ‬وكان سعيدًا بإقامته الكاملة فى ‬فندق تريمف القريب من مبنى ‬رئاسة الجمهورية،‮ ‬حتى ‬إنه كلف مؤسسة الرئاسة هو وأسرته أكثر من مليونى ‬جنيه مصاريف الإقامة فى ‬فترة لا تزيد على ‬خمسة أشهر‮.‬
 

وفى ‬أولى‮ ‬سفريات الرئيس إلى ‬خارج البلاد،‮ ‬ثار سؤال عن هوية المسئول عن إدارة شئون البلاد فى ‬غياب الرئيس،‮ ‬فقيل إن نائب رئيس الجمهورية هو المسئول،‮ ‬غير أن مؤسسة الرئاسة أسرعت بإصدار بيان عاجل وسريع من خارج البلاد،‮ ‬يؤكد أن الرئيس لم‮ ‬يعهد لنائبه بتولى ‬إدارة البلاد فى ‬غيابه‮.‬
 

كان البيان صادمًا للمستشار محمود مكي،‮ ‬وقد أدرك منذ هذا الوقت،‮ ‬أن وجوده فى ‬منصب النائب هو مجرد ديكور وفقط،‮ ‬وأن صلاحياته باتت معدومة،‮ ‬وأن البيان الصادر‮ ‬يمثل إهانة له ولمنصبه،‮ ‬لكنه كتم‮ ‬غيظه واستمر فى ‬موقعه‮.‬
 

فى ‬الأول من أكتوبر‮ ‬2012،‮ ‬دعا نائب الرئيس رؤساء تحرير الصحف المصرية إلى ‬لقاء بقصر الاتحادية للإجابة عن تساؤلاتهم فيما‮ ‬يتعلق بالأوضاع الراهنة،‮ ‬واستمر الحوار لعدة ساعات،‮ ‬ووعد بتكراره كل أسبوعين،‮ ‬إلا أن تعليمات رئاسية صدرت له بعد هذا الحوار بالتوقف عن دعوة الصحفيين واللقاء بهم،‮ ‬وترك هذه الأمور للدكتور‮ ‬ياسر على ‬المتحدث الرسمى ‬لرئاسة الجمهورية‮.‬

ضجة واسعة 

لقد أدلى ‬المستشار محمود مكى ‬بتصريح لرؤساء التحرير فى ‬هذا اليوم نشره العديد من الصحف كـ«مانشيت رئيسي‮» ‬حمَّل فيه جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة المسئولية عن التصريحات التى ‬تسيء إلى ‬الرئيس أكثر مما تخدمه،‮ ‬وقال‮ «إن الرئيس مرسى ‬كان‮ ‬ينتمى ‬للجماعة وهو‮ ‬يدفع الآن ثمن تلك التصريحات‮».‬
 

وبعد نشر هذه التصريحات ثارت ضجة واسعة داخل أوساط جماعة الإخوان المسلمين،‮ ‬واعتبر البعض أن محمود مكى ‬يسعى ‬لسبب أو لآخر لإثارة الفتنة بين الرئيس وجماعته،‮ ‬واعتبروا أن وجوده داخل قصر الرئاسة‮ ‬يُعَدُّ‮ ‬خطرًا على ‬الرئيس وعلى ‬الجماعة‮.‬
 

بعدها مباشرة طلب الرئيس من محمود مكى ‬التوقف عن الإدلاء بمثل هذه التصريحات وعدم دعوة رؤساء التحرير بشكل دورى ‬كما وعد،‮ ‬وترك الأمور للتطورات المستقبلية فى ‬ضوء ما‮ ‬يراه الرئيس‮.‬
 

فى ‬هذ الوقت جرى ‬الاتفاق داخل مكتب إرشاد الجماعة على ‬إلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية فى ‬الدستور الجديد وذلك لتحقيق هدفين أساسيين‮:‬
- الأول‮: ‬ضمان إبعاد المستشار محمود مكى ‬عن هذا المنصب الرفيع‮.‬
 

- الثاني‮: ‬أن‮ ‬يكون رئيس الوزراء فى ‬الدستور الجديد هو الرجل الثانى فى ‬الدولة الذى ‬يحل محل الرئيس حال حدوث مانع مؤقت‮ (‬كالمرض أو‮ ‬غيره‮) ‬يحول دون مباشرة الرئيس سلطاته‮.‬
 

وبالفعل صدر الدستور الجديد متضمنًا المادة‮ ‬153‮ ‬التى ‬تؤكد ذلك،‮ ‬كما أن الدستور الجديد لم‮ ‬يتضمن النص على ‬وجود منصب نائب الرئيس،‮ ‬كما كان الحال فى ‬الإعلان الدستورى ‬الصادر فى ‬30‮ ‬مارس من العام ‮ ‬2011.‬
 

كان المستشار محمود مكى ‬قد جرى ‬عزله نهائيًا عن سياق الأحداث والتطورات الحاصلة داخل القصر الرئاسي،‮ ‬وكان أبرزها الإعلان الدستورى ‬الصادر فى ‬22‮ ‬نوفمبر‮ ‬2012.‬
 

فى ‬هذا الوقت أدلى ‬المستشار محمود مكى ‬بتصريح مهم فى ‬مؤتمر صحفى ‬عقده‮ ‬يوم الخامس من ديسمبر‮ ‬2012‮ ‬قال فيه‮: «‬أنا أول من عارض الإعلان الدستورى ‬الذى ‬أصدره الرئيس‮«‬،‮ ‬و»إن مستشارى ‬الرئيس لهم تحفظات على ‬الإعلان الدستورى ‬الأخير،‮ ‬وإن من حقهم التعبير عن رأيهم بموقف أو تقديم الاستقالة وذلك لتسجيل موقف دون تعريض مصالح المواطنين للخطر‮».‬
 

كان مكى ‬قد قدم استقالته فى ‬السابع من نوفمبر‮ ‬2012،‮ ‬لقد أدرك المستشار محمود مكى ‬أن الأمر لم‮ ‬يعد‮ ‬يُحتمل،‮ ‬وأنه‮ ‬يشعر كل‮ ‬يوم بأن سياجًا من العزلة‮ ‬يحيط به من كل اتجاه،‮ ‬خاصة أنه كان على ‬يقين بأن قرار عزله من منصبه آتٍ‮ ‬بعد إصدار الدستور لا محالة‮.‬
 

لقد رفض الرئيس قبول الاستقالة فى ‬هذا الوقت،‮ ‬ولم‮ ‬يُرِدْ‮ ‬أن‮ ‬يمنحه هذا‮ «‬الشرف‮»‬،‮ ‬كى ‬لا‮ ‬يخرج إلى ‬الناس بطلاً،‮ ‬لقد طلب منه الانتظار،‮ ‬وعندما أصر على ‬الاستقالة وإعلانها جاء إليه بفواتير إقامته فى ‬فندق‮ «‬تريمف» ‬وقال له‮: ‬عليك الانتظار لحين تسوية فواتير إقامتك أنت وأسرتك فى ‬الفندق وإلا فلتتحمل أنت قيمة المبالغ‮ ‬التى ‬وصلت إلى ‬نحو مليونى ‬جنيه فى ‬شهور معدودة‮.‬
 

صراعات القصر الرئاسي 

كانت الصراعات داخل القصر الرئاسى ‬تتزايد،‮ ‬وهى ‬صراعات تدور جميعها بقصد الهيمنة والسيطرة الكاملة على ‬صناعة القرار السياسى ‬فى ‬البلاد لحساب أجندة جماعة الإخوان دون‮ ‬غيرها؛ حيث عُهد لسبعة عشر شخصًا من كوادر الجماعة ورجال الأعمال الإخوان بإدارة جميع الأمور داخل القصر الرئاسي،‮ ‬متجاوزين بذلك جميع كوادر المؤسسة الرئاسية‮.‬
 

لقد كان فى ‬مقدمة هؤلاء‮: ‬د.عصام الحداد ود.أحمد عبدالعاطى ‬ود‮.‬ياسر على ‬وخالد القزار ود.أيمن على ‬وأيمن هدهد وأسعد الشيخة وغيرهم‮.‬. وكان هؤلاء أيضًا خلف استقالة جميع مستشارى ‬الرئيس الذين تقدموا باستقالاتهم فى ‬أعقاب صدور الإعلان الدستوري،‮ ‬وفى ‬أعقاب أحداث قصر الاتحادية،‮ ‬حيث أشاروا جميعهم إلى ‬أن وجودهم فى ‬المؤسسة لم‮ ‬يكن مجديًا،‮ ‬وأنهم كانوا بعيدين ومغيبين تمامًا عن صنع القرار الذى ‬كانوا‮ ‬يفاجأون به شأنهم شأن الآخرين‮.‬
 

كان خروج المستشار محمود مكى ‬من منصبه مهينًا،‮ ‬وعندما عُرض عليه منصب سفير مصر فى ‬الفاتيكان لضمان بقائه تحت السيطرة لم‮ ‬يكن أمامه من خيار،‮ ‬فقبل منصب السفير،‮ ‬الذى ‬استقال منه فيما بعد ورفض السفر من الأساس إلى ‬الفاتيكان‮.‬
 

كانت الجماعة قد تعمدت إهانته؛ لأنه تجرأ فى ‬يوم ما وحاول أن‮ ‬يحمِّل بعض قياداتها مسئولية الإساءة إلى ‬الرئيس من خلال التصريحات‮ ‬غير المسئولة التى ‬يطلقونها،‮ ‬فكان الجزاء إلغاء منصب نائب الرئيس من الأساس فى ‬الدستور الجديد والذى ‬وعد الرئيس بعدم إصداره إلا فى ‬حالة التوافق عليه،‮ ‬إلا أنه راح‮ ‬يعطى ‬التعليمات للمستشار الغريانى ‬وجمعيته التأسيسية بإصداره خلال‮ ‬48‮ ‬ساعة،‮ ‬ثم تم الدفع به للاستفتاء الجماهيري‮.‬
 

لقد انتهت الجمعية التأسيسية بالفعل من صياغة الدستور الجديد،‮ ‬وفى ‬الأول من ديسمبر‮ ‬2012‮ ‬سلَّم المستشار حسام الغريانى ‬الرئيس محمد مرسى ‬مسودة الدستور لطرحه على ‬الاستفتاء،‮ ‬وتجاهل أصوات المعارضة الشعبية وانسحاب العشرات من أعضائها من القوى ‬المدنية التى ‬أبدت اعتراضها على ‬مسودة الدستور الذى ‬حوى ‬مواد مخالفة للحقوق والثوابت والمطالب الوطنية،‮ ‬وقد أصر مرسى على ‬طرحه للاستفتاء فى ‬15‮ ‬ديسمبر متجاهلاً‮ ‬جميع الاعتراضات الشعبية‮.‬
 

لقد جاءت النتيجة متجاوزة الواقع؛ حيث بلغت نسبة المصوِّتين‮ ٩٫٢٣٪،‮ ‬وبموافقة بلغت‮ ٦٣٫٨٪،‮ ‬بينما اعترض عليه‮ ٣٦٫٢٪ ‬وفقًا لما تم إعلانه‮.‬
 

كانت تقارير العديد من المنظمات الحقوقية والمراقبين تؤكد حدوث تزوير واسع النطاق،‮ ‬خاصة فى ‬الجولة الثانية من الاستفتاء،‮ ‬إلا أن السلطة تجاهلت كل هذه الحقائق كانت‮  ‬مواد الدستور من أهم أسباب تصعيد التوتر فى ‬البلاد خلال هذه الفترة؛ حيث اعتُبر الدستور انتقائيًا وانتقاميًا،‮ ‬ويهدف إلي‮: ‬تغيير هوية الدولة والعبث بحدودها،‮ ‬وهدم السلطة القضائية وتقويض استقلالها،‮ ‬فرض العزل السياسى على ‬قيادات ونواب الحزب الوطنى ‬السابقين،‮ ‬وغيرها من المواد التى ‬أثارت جدلاً‮ ‬واسعًا فى ‬الشارع المصري،‮ ‬وهى‮ ‬المواد التى ‬كان مطلب إلغائها محل إجماع بين‮ ‬غالبية أبناء الشعب المصري‮