الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في كتابه الجديد| مصطفى بكري يكشف خطط الإخوان في التصعيد ضد الدولة والانتقام من الخصوم

غلاف كتاب مصطفى بكري
غلاف كتاب مصطفى بكري

أصدرت “دار سما للنشر” مؤخرا، كتابًا جديدًا، للكاتب الصحفي مصطفى بكري، بعنوان "3 يوليو.. لماذا انتصر الجيش لثورة الشعب؟"، ويتميز الكتاب بحجمه الكبير حيث يضم 23 فصلاً، ويمتد على 550 صفحة.

 

يتناول الكتاب أسباب ثورة 30 يونيو من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويكشف دور الفئات الشعبية والقوى الطليعية في مواجهة حكم الجماعة الإرهابية، وإجهاض مخطط أخونة الدولة، وطمس هويتها.

كما يحتوي الكتاب على تفاصيل الساعات الحاسمة التي دفعت الجيش بقيادة القائد العام إلى حسم الأمر ودعوة القوى الوطنية لوضع خارطة المستقبل بعد رفض الرئيس المعزول الاستجابة لمطالب الشعب المصري.

[[SYSTEM-CODE:AD:AUTOADS]]

وينشر موقع “صدى البلاد” خلال الأيام المقبلة، فصول من كتاب "3 يوليو.. لماذا انتصر الجيش لثورة الشعب؟".

الانتقام من الخصوم

كان الإخوان يسعون إلى التصعيد فى كافة الاتجاهات وفى هذا الوقت بدأت الحرب ضد العديد من الرموز التى كانت تعارضهم وتكشف مخططاتهم.. لقد اتُّهمونى ‬أنا ومحمد أبو حامد وتوفيق عكاشة بالتآمر على ‬نظام الحكم والدعوة لتنظيم مظاهرات كبرى ‬يوم‮ ‬24‮ ‬أغسطس بهدف إسقاط محمد مرسى ‬وحكم جماعة الإخوان،‮ ‬وصدرت بيانات متعددة من جماعة الإخوان تتهمنا بحرق مقرات الإخوان والدعوة إلى ‬العنف‮.‬
ظلت الاتهامات تلاحقنا فى‮ ‬جميع وسائل الإعلام،‮ ‬فتقدمت ببلاغ‮ ‬إلى‮ ‬نيابة شرق القاهرة اتهم فيه المرشد العام للجماعة د.محمد بديع بالتحريض ضدى ‬ونشر الأكاذيب التى‮ ‬تتهمنى ‬وآخرين بالتحريض على ‬حرق مقرات الجماعة‮.‬
تزامن مع هذا،‮ ‬عقد اجتماع مهم بمكتب الإرشاد والمكاتب الإدارية بمختلف المحافظات لبحث الأمر،‮ ‬والاستعداد لمواجهة مظاهرات‮ ‬24‮ ‬أغسطس‮ ‬،‮ ‬التى ‬اعتبروها بمثابة انقلاب‮ ‬يجرى ‬الإعداد له بهدف إسقاط حكم الإخوان‮.‬
لم‮ ‬يكن مضى‮ ‬على‮ ‬الرئيس الجديد أكثر من شهر ونصف الشهر،‮ ‬ومع ذلك كانت الأجواء مهيأة لمظاهرات شعبية عارمة،‮ ‬يومى‮ ‬الجمعة والسبت‮ ‬23‮ ‬و24‮ ‬أغسطس،‮ ‬وبدأت عمليات الحشد تجرى‮ ‬على‮ ‬قدم وساق‮.‬
فى ‬هذا الوقت طلب الرئيس مرسى ‬خلال لقائه بقادة الأجهزة الأمنية المختلفة‮: ‬المخابرات العامة والأمن الوطنى ‬والمخابرات الحربية،‮ ‬إجراء تحريات حول دور مصطفى ‬بكرى ‬ومحمد أبوحامد وتوفيق عكاشة فى ‬التحريض على ‬مظاهرات‮ ‬24‮ ‬أغسطس‮، ثم بعدها دعا إلى عقد اجتماع بمكتبه حضره عدد من كبار رجال النيابة العامة ومدير أمن القاهرة وعدد من كبار مسئولى الأجهزة الأمنية وطلب إجراء تحريات سريعة للقبض علينا وتفتيش منازلنا مساء 23 أغسطس 2102، وكان حاضرًا فى هذا اللقاء كلا من أسامة الصغير مدير أمن القاهرة وقادة الأجهزة الأمنية والمستشار عدنان الفنجرى النائب العام والمساعد والمستشار عادل السعيد النائب العام المساعد والمستشار تامر الفرجانى المحامى العام لنيابة أمن الدولة العليا حيث كان المستشار هشام بدوى يرافق المستشار عبد المجيد محمود النائب العام والذى كان يجرى عملية جراحية فى ألمانيا، وبعد انتهاء الاجتماع اتصل المستشار عادل السعيد بالمستشار عبد المجيد محمود وأبلغه قرار مرسى بالقبض علينا، إلا أن عبد المجيد محمود رفض القرار وقال النيابة العامة ليست لعبة فى يد أحد، وطالما لايوجد دليل ضدهم فلن أصدر أمرًا.. وهو ما أكده فى حوارات تليفزيونية فى يونية ٢٠٢٠.
لقد قدَّم الأمن محضر تحريات فى ‬هذا الوقت للحصول على ‬أمر من النائب العام بالقبض علينا وتفتيش منازلنا‮، وامتد الأمر إلى الزميل إسلام عفيفى رئيس تحرير الدستور.
مارست رئاسة الجمهورية ضغوطًا شديدة بواسطة المستشار محمد فؤاد جاد الله على ‬المستشار عادل السعيد،‮ ‬إلا أنه أبلغهم رفض النائب العام إصدار أى ‬قرارات بالقبض علينا ما لم تكن هناك أدلة حقيقية تشير إلى ‬ارتكابنا لهذه الجرائم‮.‬
وجاء‮ ‬يوم الرابع والعشرين من أغسطس،‮ ‬احتشد عشرات الآلاف بجوار قصر الاتحادية،‮ ‬وطالبوا بسقوط حكم المرشد،‮ ‬إلا أن وسائل الإعلام راحت تقلل من تأثير هذه التظاهرات وقدرتها على‮ ‬مواجهة النظام الحاكم،‮ ‬الذى‮ ‬كان قد بدأ‮ ‬يتمدد فى ‬جميع مؤسسات الدولة عبر عناصره وكوادره التى ‬انتشرت فى ‬الكثير من هذه المواقع‮، بينما جرى القبض على الزميل إسلام عفيفى فى هذا الوقت بتهمة إهانة رئيس الجمهورية وهى تهمة لم توجه إلى أى صحفى أو إعلامى منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
امتـدت حـرب التصـفيات إلى ‬جهاز الرقـابة الإداريـة،‮ ‬وفى ‬الثـالث من سـبتمبر‮ ‬2012‮ ‬أصدر الرئيس محمد مرسى ‬قرارًا بعزل اللواء محمد فريد التهامى ‬ـ رئيس الرقابة الإدارية ـ من منصبه بعد ثمانى ‬سنوات تولى ‬فيها هذا المنصب منذ‮ ‬21‮ ‬مارس‮ ‬2004.
كان اللواء التهامى ‬مديرًا للمخابرات الحربية ومقربًا من المشير طنطاوي،‮ ‬وقد تردد أن المشير طنطاوى ‬كان‮ ‬يتبنى ‬ترشيحه لمنصب مدير المخابرات العامة‮.‬
كان اللواء التهامى ‬معروفًا بالنزاهة والصراحة،‮ ‬فقد فرض على ‬نفسه طوقًا من العمل فى ‬صمت وسرية،‮ ‬وكان‮ ‬يرفض حضور الأفراح والمناسبات الاجتماعية أو التواصل مع الإعلام ودوائر المثقفين ورجال الأعمال؛ احترامًا لمنصبه الذى ‬يفرض عليه أن تبقى ‬دائرة تواصله مع المجتمع فى ‬أضيق الحدود‮.‬
وبعد إصدار مرسى ‬القرار‮ ‬153‮ ‬لسنة‮ ‬2012‮ ‬بعزل اللواء التهامى ‬وتعيين اللواء محمد عمر وهبى ‬خلفًا له واللواء بدوى ‬حمودة نائبًا لرئيس الهيئة،‮ ‬أطلق العنان لبعض وسائل الإعلام لتوجيه اتهامات للرجل بارتكاب وقائع التستر على ‬بعض قضايا الفساد وعدم تقديم الأدلة والتقارير التى ‬طلبتها النيابة العامة‮.‬
وعلى‮ ‬الفور بدأت حملة منظمة ضد اللواء التهامى ‬طالت سمعته الشخصية،‮ ‬وتم إبعاد الرجل من منصبه بطريقة أقرب إلى »‬الطرد‮« ‬من مكتبه دون حتى ‬أن تتاح له الفرصة لجمع أوراقه وحاجياته كاملة‮.‬
وتقدم أحد ضباط الرقابة الإدارية من المعزولين وهو العقيد معتصم فتحى ‬ببلاغ‮ ‬إلى ‬النيابة العامة ضد اللواء التهامي،‮ ‬فذهبتُ‮ ‬إلى ‬المستشار على ‬الهوارى ‬ـ المحامى ‬العام الأول لنيابة الأموال العامة ـ أسأله عن مضمون هذا البلاغ‮ ‬وعما إذا كان سوف‮ ‬يستدعى ‬اللواء التهامى ‬للتحقيق،‮ ‬فقال لى «‬إنهم‮ ‬يمارسون ضغوطًا شديدة من أجل أن أقوم باستدعاء اللواء التهامي،‮ ‬ولكنى ‬أخذت على ‬نفسى ‬عهدًا بألا تكون النيابة طرفًا فى ‬تصفية الحسابات السياسية،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد حتى ‬الآن دليل واحد ضد الرجل‮ ‬يؤكد هذه الادعاءات‮».‬
مضيت من مبنى ‬نيابة الأموال العامة وأنا على ‬ثقة أن مخطط الجماعة ضد اللواء التهامى ‬لن‮ ‬يجد طريقه إلى ‬النور طالما بقى‮ فى ‬القضاء رجال شرفاء كالمستشار على ‬الهواري‮.‬
كانت المؤامرة كبيرة،‮ ‬وكانت قرارات العزل لها أهدافها السياسية،‮ ‬بدأ الناس‮ ‬يدركون أن جماعة الإخوان جاءت لهدم الدولة وتصفية الحسابات مع الجميع،‮ ‬بدأ التوتر‮ ‬يسود جميع المؤسسات،‮ ‬أصبح المسئولون فى ‬حالة قلق شديد،‮ ‬كل‮ ‬ينتظر دوره،‮ ‬ولن‮ ‬ينجو أحد منهم إلا بإعلان ولائه الكامل لجماعة الإخوان واستعداده لتنفيذ خطة الأخونة للمؤسسة التى ‬يتولى ‬إدارتها‮.‬
إمتدت المؤامرة فى ‬هذا الوقت إلى ‬القادة السابقين للجيش وتحديدًا المشير طنطاوى ‬والفريق سامى ‬عنان لملاحقتهما باتهامات تهدف إلى ‬تقديمهما للمحكمة بتهمة الفساد وقتل المتظاهرين‮.‬
أدرك الفريق أول عبدالفتاح السيسى ‬حقيقة الهدف،‮ ‬أبلغ‮ ‬الرئيس مرسى ‬أكثر من مرة بأن محاولات الإساءة للمؤسسة العسكرية مرفوضة،‮ ‬خاصة أنه لا توجد أى ‬أدلة حقيقية على ‬ما‮ ‬يثار من اتهامات وممارسة الضغوط على ‬القادة السابقين‮.‬
وقد طلب السيسى ‬من الرئيس مرسى ‬موافاته بأى ‬مستندات أو أدلة قد تنال من القادة السابقين،‮ ‬مبديًا الاستعداد للتحقيق الفورى ‬مع أى ‬منهم،‮ ‬إلا أن مرسى ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يمتلك شيئًا‮.. ‬كان الهدف فقط هو الانتقام‮.‬
لقد تحوَّل القصر الجمهورى فى ‬هذا الوقت إلى ‬فرع لمكتب الإرشاد،‮ ‬فقد تم تعيين عدد من قيادات جماعة الإخوان كان فى ‬مقدمتهم الدكتور عصام الحداد ـ عضو مكتب الإرشاد ـ الذى ‬عُيِّن مساعدًا لرئيس الجمهورية لشئون العلاقات الخارجية،‮ ‬وكذلك الحال د.أحمد عبدالعاطى ‬مدير مكتب الرئيس وعضو مكتب الإرشاد،‮ ‬وأسعد الشيخة ـ القيادى ‬الإخواني،‮ ‬نجل شقيقة رئيس الجمهورية ـ الذى ‬عُيِّن نائبًا لرئيس ديوان رئيس الجمهورية وأصبح الآمر الناهى فى ‬كل ما‮ ‬يتعلق بشئون القصر الجمهورى ‬وتحركات الرئيس‮.. ‬بالإضافة إلى ‬المتحدث الرسمى ‬د‮.‬ياسر على ‬وبعض مستشاريه المقربين أمثال‮: ‬حسن مالك وخالد القزاز وجهاد الحداد وأيمن هدهد وطارق خليل وغيرهم عديدون‮.‬
كانت المؤامرة تحاك داخل مكتب الإرشاد ومنها إلى ‬القصر الجمهوري،‮ ‬حيث كان د.عصام الحداد ود.أحمد عبدالعاطى ‬يحرصان دومًا على ‬حضور اجتماع دورى ‬كان‮ ‬يُعقد كل أربعاء بمكتب الإرشاد؛ لمراجعة القرارات الرئاسية والتمهيد لإصدارها،‮ ‬ونقل التوجيهات إلى ‬الدكتور محمد مرسى ‬الذى ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يملك سوى‮ ‬تنفيذ هذه القرارات حرفيًا‮.‬
وكان ما جرى‮ فى ‬احتفالات السادس من أكتوبر‮ ‬2012‮ ‬أمرًا مثيرًا،‮ ‬بدا الأمر وكأنه محاولة للانتقام بأثر عكسي؛ ففى ‬السابع من أكتوبر‮ ‬2012‮ ‬وجَّه الرئيس محمد مرسى ‬الدعوة إلى ‬عدد من قادة جماعة الإخوان والجماعات والأحزاب الأخرى ‬المرتبطة بها لحضور احتفال الذكرى ‬التاسعة والثلاثين لانتصار أكتوبر ‮‬73،‮ ‬بينما طلب مكتب الإرشاد من وزير الشباب أسامة‮ ‬ياسين حشد عشرات الألوف من عناصر الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى ‬لحضور الاحتفال الكبير الذى ‬أقيم فى‮ ‬الاستاد الرياضى ‬بمدينة نصر‮.‬
دخل الرئيس إلى ‬ساحة العرض راكبًا سيارة مكشوفة تجول بها فى‮ ‬الاستاد الرياضى ‬وسط أهله وعشيرته،‮ ‬ولوحظ أن الفريق أول السيسى ‬لم‮ ‬يكن إلى ‬جواره كما جرت العادة فى ‬مثل هذه المناسبة‮..‬
ولوحظ أيضًا‮ ‬غياب المشير طنطاوى ‬والفريق سامى ‬عنان عن هذا الاحتفال بسبب رفض الرئيس توجيه الدعوة إليهما،‮ ‬كما رفض توجيه الدعوة إلى ‬الدكتور كمال الجنزورى ‬أو أى ‬من صنَّاع هذا الانتصار كما جرت العادة‮.‬
فى ‬مقابل ذلك وجَّه الرئيس مرسى ‬الدعوة إلى ‬قتلة الرئيس السادات ـ القائد الأعلى ‬للقوات المسلحة رئيس الجمهورية خلال فترة حرب أكتوبر ـ وكان من بين من وُجِّهت إليهم الدعوة‮: ‬طارق الزمر وعبود الزمر وآخرون كانوا قد شاركوا فى ‬الأحداث الدامية التى ‬شهدتها البلاد عقب مقتل الرئيس السادات‮.‬
و فى ‬هذا الاحتفال -الذى‮ ‬أثار استياءً‮ ‬واسعًا لدى‮ ‬القائد العام للجيش وجميع القادة العسكريين الآخرين- بدا مرسى ‬وكأنه فرعون جديد جاء ليحكم البلاد منفردًا وبطريقة ديكتاتورية ظن الناس أنها قد سقطت دون عودة‮.‬
كان الأمر اللافت للانتباه أيضًا أن‮ ‬غالبية المدعوين لهذا الاحتفال كانوا‮ ‬ينتمون إلى ‬التيار الاسلامي،‮ ‬حتى‮ ‬بدا الأمر للكافة وكأن الرئيس اختصر مصر فى‮ ‬هذا التيار متجاهلاً‮ ‬الشعب المصرى‮ ‬الذى‮ ‬اقترب تعداده من التسعين مليون مواطنًا‮.‬
لقد كانت رسالة أراد أن‮ ‬يبعث بها الرئيس إلى ‬الجميع،‮ ‬وهى فى ‬الوقت نفسه كانت تعنى ‬استعراضًا لقوة هذا التيار الذى ‬أراد أن‮ ‬يقول إنه‮ ‬يدعم الرئيس ويقف خلفه مساندًا‮!!‬
كان الفريق السيسى ‬يبدو وكأنه‮ ‬غريب على ‬هذا الاحتفال‮. ‬لقد جرى ‬تجاهله عن عمد،‮ ‬ورفض الرئيس أن‮ ‬يسمح له بإلقاء كلمة فى ‬الحفل تعبر عن المؤسسة العسكرية صانعة هذا الانتصار‮. ‬لقد أراد الرئيس أن‮ ‬يختصر المشهد كله فى ‬شخصه باعتباره‮ »‬القائد الأعلى ‬للقوات المسلحة‮« ‬كما كان‮ ‬يحلو له أن‮ ‬يقول‮.‬
استهلَّ‮ ‬مرسى ‬كلمته فى ‬هذا الاحتفال بالشعار ذاته الذى ‬ردده فى ‬ميدان التحرير‮ ‬يوم الجمعة‮ ‬29‮ ‬يونية‮ ‬2012‮ »‬ثوار ـ أحرار ـ حنكمل المشوار‮«!!‬
وخلال كلمته أثنى‮ ‬مرسى ‬على‮ ‬القادة السابقين فى ‬المجلس الأعلى‮ ‬للقوات المسلحة،‮ ‬مشيرًا إلى ‬أن قرارات‮ ‬12‮ ‬أغسطس ـ التى‮ ‬أحال بمقتضاها المشير طنطاوى ‬والفريق سامى ‬عنان وعددًا من القادة العسكريين إلى ‬التقاعد،‮ ‬كانت خطوة على ‬طريق التقدم واستكمال أهداف الثورة،‮ ‬وقال إن هذه القرارات جاءت لكى ‬نمضى ‬معًا فى ‬طريق واحد ومسيرة واحدة‮!!‬
تحدث مرسى ‬كثيرًا عن خطة المائة‮ ‬يوم،‮ ‬إلا أنه لم‮ ‬يقدم جديدًا أكثر من عبارات إنشائية تعوَّد أن‮ ‬يرددها فى ‬جميع الاحتفالات والمقابلات الصحفية والإعلامية‮!!‬
ظل المصريون فى ‬حالة من الدهشة من وقائع هذا الاحتفال،‮ ‬وراح العديد من وسائل الإعلام تتساءل عن معنى ‬استضافة قتلة السادات فى ‬هذا الحفل وتعمُّد تغييب صناع الانتصار أو تكريمهم كما كان‮ ‬يحدث دومًا وكل عام‮!!‬
والغريب فى ‬الأمر أنه وقبل هذا الاحتفال بأيام قليلة وتحديدًا فى ‬الرابع من أكتوبر‮ ‬2012‮ ‬نشر العديد من الصحف ووسائل الإعلام خبرًا منسوبًا إلى ‬مصدر قضائى ‬مسئول قال فيه‮ »‬إن وزير العدل المستشار أحمد مكى ‬انتدب قاضيًا للتحقيق فى ‬البلاغات المقدمة ضد المشير حسين طنطاوى ‬والفريق سامى ‬عنان والتى‮ ‬توجه إليهما اتهامات بالفساد‮«.‬
ونشرت صحيفة الأخبار على ‬يد اثنين من محرريها القضائيين خبرًا فى ‬صفحتها الثالثة قال بالنص‮ »‬قرر المستشار أحمد مكى ‬وزير العدل ندب المستشار ثروت حماد ـ الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة ـ‮ ‬لتولى ‬التحقيق فى ‬البلاغات المقدمة ضد المشير حسين طنطاوى ‬وزير الدفاع السابق والفريق سامى ‬عنان رئيس الأركان السابق واللواء حمدى ‬بدين قائد الشرطة العسكرية السابق والتى‮ ‬تتهمهم بالمسئولية عن مقتل المتظاهرين فى ‬الأحداث التى ‬شهدتها البلاد بعد ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬خاصة‮ ‬أحداث محمد محمود وشارع مجلس الوزراء وماسبيرو ومسرح البالون‮ ‬والعباسية وميدان التحرير وضرب الثوار وسحل فتاة فى ‬ميدان التحرير».‬
وقال الخبر‮ «‬إن المستشار عبدالمجيد محمود ـ النائب العام ـ كان قد طلب من وزير العدل ندب مستشار للتحقيق فى ‬البلاغات التى ‬تلقاها ضد طنطاوى ‬وعنان وبدين،‮ ‬ووافق وزير العدل على ‬الطلب وأحاله إلى‮ ‬رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار سمير أبوالمعاطى ‬الذى ‬قرر ندب المستشار ثروت حماد لتولى ‬التحقيقات‮».‬
وقالت‮ «‬الأخبار»: «‬إن عدد البلاغات وصل إلى ‬16‮ ‬بلاغًا،‮ ‬وإن المستشار ثروت حماد أكد أنه تسلَّم ملف القضية،‮ ‬حيث‮ ‬يعكف على ‬دراسة البلاغات المقدمة تمهيدًا لاستدعاء مقدمى ‬البلاغات وسماع أقوالهم،‮ ‬ثم استدعاء الشهود،‮ ‬وبعدها‮ ‬يجرى ‬استدعاء طنطاوى ‬وعنان وبدين لمواجهتهم بالاتهامات وسماع أقوالهم‮».‬
هذا هو مضمون الخبر الذى ‬نشرته صحيفة‮ »‬الأخبار‮« ‬يوم الثلاثاء‮ ‬16‮ ‬أكتوبر‮ ‬2012،‮ ‬ولم‮ ‬ينف أحد الخبر ولم‮ ‬يكذبه،‮ ‬لا وزير العدل نفى،‮ ‬ولا النائب العام،‮ ‬ولا رئيس محكمة استئناف القاهرة،‮ ‬ولا مستشار التحقيق الذى ‬جرى‮ ‬انتدابه‮.‬
وفى ‬يوم الأربعاء‮ ‬17‮ ‬أكتوبر خرجت صحيفة الجمهورية بمانشيت مثير للغاية‮ ‬يحمل عنوان‮ »‬قلاع الفساد تترنح‮.. ‬قرار بمنع المشير طنطاوى ‬والفريق سامى ‬عنان من السفر للخارج وإحالتهما للكسب‮ ‬غير المشروع‮«‬،‮ ‬وتضمن الخبر أيضًا‮ «‬إحالة‮ ‬150‮ ‬من رجال الأعمال وكبار الصحفيين والإعلاميين ورؤساء التحرير إلى ‬جهاز الكسب‮ ‬غير المشروع بتهمة استغلال النفوذ وتضخم الثروة‮».‬
لقد أثار الخبر ضجة عارمة فى ‬جميع الأوساط،‮ ‬وراحت مواقع التواصل الاجتماعى ‬وأجهزة الإعلام المختلفة تتناقله وتتساءل عن الخطوات التالية‮..‬
قبلها بأيام قليلة كانت بعض وسائل الإعلام قد نشرت خبرًا‮ ‬يفيد بهروب الفريق سامى ‬عنان إلى ‬دولة الإمارات العربية المتحدة؛ خوفًا من التحقيق معه فى ‬قضايا كسب‮ ‬غير مشروع‮.‬
وقد اتصلت بالفريق عنان فى ‬وقت مبكر من الصباح بعد نشر الخبر وأبلغته بما نُشر فنفى ‬ذلك نفيًا قاطعًا وقال إنه ليس لديه ما‮ ‬يخاف منه وإنه لن‮ ‬يترك مصر أبدًا مهما حدث،‮ ‬وساعتها تساءل الفريق عنان عن معنى ‬نشر هذه الأخبار وعدم تكذيب الجهات المعنية لها،‮ ‬وقال‮ «‬من‮ ‬يريد أن‮ ‬يتأكد من وجودى ‬أنا وأسرتى فى ‬منزلنا،‮ ‬فنحن موجودون أهلاً‮ ‬وسهلاً‮».‬
***
كانت الأنباء تشير جميعها إلى ‬أن هناك إجراءات‮ ‬يجرى ‬اتخاذها،‮ ‬وأنه طالما أن أحدًا لم‮ ‬يكذب الأخبار التى ‬نُشرت والتى ‬كان آخرها الخبر الذى ‬نشرته صحيفة الأخبار فى ‬16‮ ‬أكتوبر‮ ‬2012‮ ‬عن انتداب قاضٍ‮ ‬للتحقيق مع المشير ورئيس الأركان السابقين،‮ ‬فإن الأمر سوف‮ ‬يمضى ‬كما هو واضح على ‬مسارين‮:‬
- الأول‮: ‬إحالتهما للكسب‮ ‬غير المشروع بتهمة تضخم الثروة واستغلال النفوذ‮.‬
- والثاني‮: ‬مواجهتهما بالاتهامات الموجهة إليهما بالمسئولية عن قتل المتظاهرين فى ‬شارع محمد محمود وغيره‮.‬
قبل نشر الخبر قال لى ‬الفريق سامى ‬عنان إن الرئيس مرسى ‬اتصل به وبالمشير طنطاوى ‬وسألهما عما إذا كان أحد منهما‮ ‬يريد السفر لأداء العمرة،‮ ‬إلا أن الاثنين وجها إليه الشكر واعتذرا عن عدم قبول الدعوة‮.‬
فى هذا الوقت وبعد هذا الجدل‮ ‬صدر بيان باسم مصدر عسكرى ‬مسئول أكد فيه‮ «‬أن القوات المسلحة قادةً‮ ‬وضباطًا وضباطَ‮ ‬صفٍ‮ ‬وجنودًا،‮ ‬أعربوا عن استيائهم الشديد تجاه ما نشرته إحدى ‬الصحف اليومية،‮ ‬وتضمن إساءة بالغة لقادة القوات المسلحة ورموزها».‬
ودعا البيان وسائل الإعلام إلى ‬تحرى ‬الدقة والحذر فى ‬تناول الأخبار التى ‬تخص القوات المسلحة؛ لما لها من تأثير سلبى ‬يضر بالأمن القومى ‬للبلاد‮.‬
كان هذا البيان بمثابة رد سريع‮ ‬يعلن رفض القوات المسلحة الاتهامات الملفقة والموجهة ضد المشير ورئيس الأركان السابقين،‮ ‬ويبدو أن مؤسسة الرئاسة أدركت خطورة الموقف فتراجعت وأجرت اتصالات عاجلة مع رئيس مجلس الشورى ‬ووزير العدل،‮ ‬حيث أصدر رئيس مجلس الشورى ‬قرارًا بإبعاد جمال عبدالرحيم ـ رئيس تحرير الجمهورية ـ عن منصبه بحجة نشره خبرًا كاذبًا من شأنه إحداث البلبلة فى ‬البلاد‮..‬
أما المستشار أحمد مكى (وزير العدل) فقد نفى ‬أيضًا ما نُشر عن إصدار قرار بانتداب قاضٍ‮ ‬للتحقيق فى ‬بلاغات قضية أحداث ماسبيرو‮ ‬المقدمة ضد المشير حسين طنطاوى ‬والفريق سامى ‬عنان واللواء حمدى ‬بدين‮.‬
وأكد وزير العدل أن المستشار ثروت حماد هو القاضى ‬المنتدب للتحقيق فى ‬بلاغات أحداث ماسبيرو،‮ ‬وهو منتدب من شهور طويلة وتحديدًا منذ أيام المستشار عادل عبدالحميد وزير العدل السابق‮.‬
وقال الوزير‮ «‬إنه لم‮ ‬يتصل علمه باستدعاء المشير والفريق وقائد الشرطة العسكرية لسؤالهم عن مسئوليتهم فى ‬تلك القضية،‮ ‬مؤكدًا أن القانون العسكرى ‬بعد تعديله مؤخرًا‮ ‬يحظر استدعاء القادة الحاليين أو السابقين،‮ ‬حيث‮ ‬يجرى ‬استجوابهم أمام القضاء العسكري‮».‬
وتوقع الوزير أن‮ ‬يحيل المستشار ثروت حماد أى ‬بلاغات أو شكاوى ‬ضد طنطاوى ‬وعنان وبدين إلى ‬النيابة العسكرية للتحقيق فيها باعتبارها النيابة المختصة‮.‬
ويوم الخميس‮ ‬18‮ ‬أكتوبر كان رئيس الجمهورية‮ ‬يحضر لقاء المشروع التدريبى ‬للجيش الثانى ‬الميداني،‮ ‬وقد أدرك الرئيس أن ما نُشر قد أثار حالة شديدة من الاستياء بين الضباط والأفراد خاصة بعد أن تلقى ‬تحذيرًا من الفريق السيسي،‮ ‬فراح‮ ‬يؤكد أن ما نُشر عن المشير والفريق وقائد الشرطة العسكرية‮ ‬يدخل فى‮ ‬إطار الإساءة المرفوضة،‮ ‬وقال‮ «‬أنا لا أقبل ذلك على ‬الإطلاق،‮ ‬وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبة الصحفى ‬الذى‮ ‬نشر الموضوع المغلوط،‮ ‬وإن ما نُشر لا أساس له من الصحة‮».‬
وأكد الرئيس مرسى ‬أنه دائم الاتصال بالمشير والفريق،‮ ‬وأنه‮ ‬يشددعلى ‬الاحترام الكامل لجميع قيادات القوات المسلحة الحالية والسابقة بكل فئاتها‮.. ‬مشيرًا إلى ‬أنه كان على ‬اتصال بالمشير والفريق منذ‮ ‬يومين،‮ ‬وأنه كان‮ ‬يستشيرهما فى ‬بعض الأمور،‮ ‬وأن ما نشر حول منعهما من السفر لا أساس له من الصحة..‬
وقد علمت أنه لم‮ ‬يكن صحيحًا أن الرئيس مرسى ‬كان‮ ‬يستشير المشير أو الفريق عنان فى ‬أى ‬من الأمور السياسية أو العسكرية،‮ ‬ورغم تعيينهما مستشارَيْن عسكريَيْن للرئيس،‮ ‬فإنه رفض تخصيص أى ‬مكاتب لهما داخل القصر الجمهوري،‮ ‬بل طلب منهما البقاء فى‮ ‬منزليهما فحسب‮.‬