الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صابر حارص يكتب: إدارة الأزمات أم استغلال الأزمات

د.صابر حارص
د.صابر حارص

ما جرى ويجري في مصر من بعض التجار، وبعض المواطنين، وربما بعض ذوي النفوذ الذين يديرون  من بعد سماسرة لهم في أزمات الدولار؟ وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وغلاء الأسعار، وتخزين الدهب والسكر والسلع الأخرى يجعلني أتساءل عما إذا كنا ندير الأزمة أم نستغلها؟

إذ أنه من الملاحظات المهمة والمتكررة في المجتمع المصري أن الأزمات يتم استغلالها، وليس إدارتها أو معالجتها، وحتى إذا تدخل المعنيون والمسئولون لعلاج الأزمة أو إدارتها كما يحلو لهم تسمية هذا العلم بعلم "إدارة الأزمات" فإن بعضنا في مصر يتميز ويتمتع أكثر من غيره بالإبداع في استغلال الأزمات والمتاجرة بمقدرات الوطن واستقراره، ومن ثم أمنه القومي إلى حد بعيد ومخيف لولا تدخل الدولة ورئيسها في الوقت المناسب.

وإدارة الأزمة تعني التدخل السريع والحاسم للتخفيف من حدتها، وربما تجاوزها وتحويلها إلى فرصة يتحول بعدها الاقتصاد المصري إلى أفضل مما كان عليه قبل الأزمة، أما استغلال الأزمة فهو ما جرى بالفعل، وأشرنا إليه آنفا من استغلال حالة نقص الدولار، وارتفاع أسعار السلع، وخاصة الدهب، وقيام البعض بالمتاجرة في كل هذه السلع متاجرة غير طبيعية وغير مشروعة،  مما أدى إلى تفاقم الأزمة إلى حد أذهل المواطنين والمسئولين معا، وربما فقد بعضهم الأمل في إيجاد حل للتخفيف منها، لولا جهود الدولة التي جاءت متأخرة إلى حد ما بحزمة من القرارات المادية التي بعثت الأمل في نفوس الكثيرين، وأشعرتهم بقدرة الدولة في وقت ظن الكثير بضعفها.

 إن الأزمة الاقتصادية  في مصر بأبعادها ومكوناتها ليس سببها الوضع الاقتصادي للبلد فقط، ولا سببها الأوضاع الاقتصادية الدولية والإقليمية في غزة وأكرانيا وغيرها فقط،  بل إن 50% من الأزمة  صنعه استغلال بعض  التجار والمواطنين الذين يعتمدون على الثراء بأساليب غير مشروعة كالسمسرة والتخزين والاحتكار حتى في مقدرات الوطن.

إن الأزمات عامة، وخاصة الاقتصادية لا تحتاج إلى إدارة فقط، بل تحتاج من بدايتها إلى رقابة عنيفة أيضا، رقابة عنيفة تقبض على كل من يقامر بمقدرات الوطن أيا كانت صفته ووزنه وتقدمهم للمحاكمة، وتستولي على كل المضبوطات لصالح المقهورين والفقراء من ارتفاع الأسعار.

إن الأزمات في مصر منذ بدايتها كانت تحتاج إلى إدارة، وتحتاج أيضا إلى رقابة، والرقابة مهمة للغاية حتى إذا كان التدخل الإداري ليس على مستوى الأزمة، فالرقابة تقوم بدورها في محاصرة الأزمة، وتجنب اتساعها وتفاقمها الذي يمكن أن يحولها إلى كارثة، إن فرض سطوة الدولة على العملات والسلع وتداولها وبيعها يخفف من حدة الأزمة، ويعطي الإدارة فرصة لعلاجها ومحاصرتها.

إن الشائعات التي تتوهم أن هناك مسئولين أو نواب برلمان أو غيرهم لهم علاقة بالأزمة الدولارية، ومن ثم الأزمة الاقتصادية يجب أن يتم الرد عليها، واستجلاء الحقيقة فيها، كما أن الشائعات التي تتهم الإدارة المصرية بالفشل في إدارة الأزمات يجب أيضا مناقشتها، واستجلاء الحقيقة فيها.

إذ أنه لا يعقل أن نعيش في بلد يتشكك فيه مواطنوه بضعف الإدارة، وضعف الرقابة معا، بل ويبدع مواطنوه في استغلال الأزمة، وليس المساهمة في حلها؟! حفظ الله مصر، ورحم المصريين.