الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ملك الحجاز .. سر الرقم 60 في حياة الشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي

الشيخ السعيد عبدالصمد
الشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي وسر الرقم 60

يوافق اليوم الجمعة الأخيرة من شهر شعبان، الذكرى الـ 34 لوفاة «ملك الحجاز» القارئ الشيخ السعيد عبد الصمد الزناتي، والذي وافته المنية في مثل هذا اليوم 8 مارس عام 1990، عن عُمر يُناهز الـ 63 عامًا، ونرصد في السطور التالية محطات في ذكراه.

ملك الحجاز.. الشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي وسر الرقم 60

وُلد القارئ الشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي، عام 1933، بقرية القيطون، التابعة لمركز ميت غمر، محافظة الدقهلية، بدأ حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وأتم حفظه كاملاً قبل أن يبلغ سن الثانية عشر، وراجعه وتعلم أحكامه قبل أن يبلغ سن الثالثة عشر من عُمره، ثم أجاد القراءات السبع والعشر.

وعُرف «الزناتي» بقارئ الثلاث محافظات، حيث وُلد بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم بها ثم درس علوم القرآن بمحافظة الشرقية، ثم انتقل بعد ذلك ليُقيم بمحافظة القليوبية وبالتحديد في مدينة كفر شكر عام 1960، وذلك قبل أن يبلغ الثلاثين من عُمره، فانهالت عليه الدعوات من تلك المحافظات لإحياء المناسبات والسهرات الدينية كقارئ للقرآن الكريم.

وتقدم «الزناتي»، لاختبار الإذاعة في عام 1960، وقُبل بها قارئاً للقرآن الكريم، استطاع الانفراد بمدرسة أُطلق عليها «مدرسة الحجاز» ولذلك لُقب بـ«ملك الحجاز» نسبةً إلى مقام الحجاز بضم الحاء، حيث أن مقام الحجاز أحد المقامات الموسيقية والنغمية التي تحتاج لموهوب فذ عبقرى يُترجم ما بها من وقع على آذان ومشاعر السامعين.

أصبح «الزناتي» خلال فترة وجيزة أحد أهم قراء القرآن الكريم الذين وصلوا إلى الشهرة ومكانة مرموقة بين عباقرة التلاوة وقراء القرآن، وسافر إلى العديد من دول العالم، وخلال رحلاته الخارجية حصل على العديد من شهادات التقدير، وعدد كبير من الأوسمة والجوائز العالمية.

كان الشيخ مصطفى إسماعيل أقرب الناس له لأنه أول من شجعه واحتضنه، حيث جمعهما أول لقاء بينهما فى مولد العارف بالله سيدنا الشيخ جودة بمركز منيا القمح بالشرقية وأعجب بصوته كثيرًا وأشاد به وتنبأ له بمستقبل كبير في عالم التلاوة، ومن ثم بدأت اللقاءات تتعدد والسفريات معا للخارج.

ورشحه الشيخ مصطفى إسماعيل للتليفزيون حينما بدأ الإرسال بمصر عام 1960، وهو نفس العام الذي التحق فيه بالإذاعة، وكان صديقه في ذلك الوقت هو الفنان الممثل إبراهيم سعفان وكان أحد السميعة له، وهو الذي قدم له طلب الالتحاق بالإذاعة، وفي هذا العام قام برفقة الشيخ مصطفى إسماعيل بتسجيل العديد من التلاوات القرآنية صوت وصورة، وبلغت التلاوات المسجلة للشيخ الزناتي بالتليفزيون فى تلك الفترة 30 تلاوة بالصوت والصورة، وبذلك يعد أول من سجل تلاوات قرآنية للتليفزيون مع القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل، ويتم اعتماده قارئًا بالتليفزيون رسميًا منذ ذلك الحين حتى وفاته رحمه الله.

وعن سر رقم 60 في حياة الشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي يقول نجله القارئ الشيخ محمود: هذا الرقم حمل معانى كثيرة فى حياة والدى رحمه الله، والقدر صنع له الرقم، فهو رقم تليفون منزله، وكانت التليفونات نادرة جدا منذ عام 1950 حتى عام 1980، وفى تلك الفترة كان الذى يمتلك تليفونا لمنزله يكون من الأعيان، فكان للتليفون وللقارئ الفضل فى شهرة كل من الآخر، فكان الناس يعبرون عن فرحتهم بقدوم الشيخ السعيد الزناتى بقولهم: «يا عم افرح عندنا اليوم 60 كفر شكر، فيعلم الجميع أن القادم هو الشيخ عبدالصمد الزناتى، وكان البعض يتباهى قائلا: عندنا اليوم البطل، فيسأله بعض الناس قائلا: من؟ فيقول 60 كفر شكر، لأنه رقم مميز لقارئ مميز محبوب، وأنه من كبار عمالقة القراء، والسر فى 60 كفر شكر أنه جمع ثمانية أشياء تحمل رقم 60 هى: رقم تليفون منزله، ثم رقم السيارة الخاصة به ورقم رخصة السلاح الخاص به وانتقاله للإقامة فى كفر شكر عام 1960 وبدء تأسيس المسجد بكفر شكر عام 60 والتحاقه بالإذاعة عام 60 والتليفزيون عام 60 وأول أبنائه الذكور مواليد عام 1960.

وفى عام 1973، أصدر الرئيس السادات توجيهاته بإنشاء مسجد كبير بعاصمة كل محافظة يطلق عليه مسجد النصر أو اسم أحد زعماء مصر الراحلين وأقيم مسجد ناصر فى بنها عاصمة محافظة القليوبية، وقد تم ترشيح الشيخ الزناتى قارئا للسورة بمسجد ناصر، وعندما زار الرئيس السادات بنها وأدى صلاة الجمعة بهذا المسجد استمع إلى الشيخ الزناتى فأعجب به وأثنى عليه، وعندما شعر وزير الأوقاف آنذاك بحب الرئيس لأداء والدى وتلاوته وافق على ترشيح الدكتور عبدالمنعم عمارة، محافظ الإسماعيلية آنذاك للشيخ الزناتى؛ لأن يقرأ السورة بأحد أكبر مساجد الإسماعيلية، فأصدر وزير الأوقاف وقتها قرارًا بنقل والدي من قارئ السورة بمسجد ناصر ببنها إلى قارئ السورة بمسجد المطافئ بالإسماعيلية، وهو أكبر مساجد هذه المدنية ومنحه المحافظ شقة بالإسماعيلية، واقترح عليه شراء عزبة هناك، فوافق واشترى 20 فدانا وقتها من ماله الخاص بالإسماعيلية، ليصبح بعد ذلك قارئ مدن القناة، وكان يقرأ في المناسبات التي يحضرها الرئيس السادات مما ساعد على انتشاره كقارئ للقرآن الكريم أمام كبار الشخصيات وكانوا يدعونه فى مناسبات كثيرة.

توفي القارئ الشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي، في مثل هذا اليوم 8 مارس عام 1990، عن عُمر يناهز الـ57 عاماً، بعد رحلة حافلة في خدمة كتاب الله، ودُفن في مسقط رأسه بقرية القيطون، بمركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية.