في خطوة جديدة لحماية حقوق العمالة وتحسين بيئة العمل في أحد أكثر القطاعات نموًا، أطلقت وزارة العمل حملة “سلامتك تهمنا”، والتي تستهدف عمال توصيل الطلبات (الدليفري) في مختلف أنحاء الجمهورية، سواء ممن يستخدمون الدراجات النارية أو الهوائية أو السيارات، وبشكل خاص غير المؤمن عليهم.
وتأتي الحملة تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية لتشمل الفئات الأكثر احتياجًا، من خلال إجراءات مباشرة تشمل توزيع معدات الوقاية الأساسية، مثل خوذات الرأس، والسترات العاكسة، والقفازات، وأدوات الإسعافات الأولية، إلى جانب إعداد “كود للسلامة المهنية” يتضمن قواعد القيادة الآمنة، والتدريب، والتوعية بالحقوق والواجبات.
كما تسعى المبادرة إلى تنظيم العلاقة القانونية بين شركات التوصيل والعمال، عبر وضع أطر تضمن تعاقدات عادلة، وتكثيف الرقابة والتفتيش الميداني، مع فتح قنوات تواصل فعالة لتلقي الشكاوى والملاحظات، في إطار رؤية شاملة لضمان الأمان المهني والاجتماعي لآلاف العاملين في هذا القطاع الحيوي الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد المصري.
سلامتك تهمنا| نائب رئيس العاملين بقطاع النقل: عمال الدليفري في انتظار نقابة تمثلهم
وأكد طارق البحيري نائب رئيس النقابة المستقلة للعاملين بقطاع النقل، أن إطلاق حملة “سلامتك تهمنا” يعد خطوة مهمة في طريق حماية عمال توصيل الطلبات، لكنه شدد على أن الحملة تفتقد ركنًا أساسيًا وهو وجود ممثل حقيقي عن هذه الفئة داخل منظومة الحوار.
وقال طارق، في تصريحات خاصة لصدى البلد، إنه قبل أن نتحدث عن معدات الوقاية أو كود السلامة المهنية، علينا أولًا تأسيس نقابة خاصة بعمال الدليفري، تكون تحت مظلة اتحاد عمال مصر، تمثلهم في المؤتمرات والاجتماعات الرسمية، وتنقل صوتهم واحتياجاتهم.
وأكد أن غالبية العاملين في هذا القطاع يعملون تحت ضغط اقتصادي كبير، قائلاً: “منهم من ترك جامعته أو تخرج ولم يجد فرصة عمل، فاضطر لشراء دراجة نارية بالدين أو بالقرض ليضمن قوت يومه، فهل يُعتبر هذا ضمن الفئة القادرة؟.
وأضاف: “الكل سواسية في الحاجة، الكل يستحق الحماية، والكل يجب أن يعامل باعتباره عاملًا حقيقيًا، له حقوق تأمينية واجتماعية وصحية.”
ضرورة الاستماع لصاحب المشكلة
وأوضح طارق أن العامل نفسه هو الأقدر على التعبير عن أزماته، مشيرًا إلى أن شركات التوصيل تبحث غالبًا عن الربح دون النظر إلى ظروف العامل، وقال: “إذا كنا جادين في إصلاح هذا القطاع، فلابد أن نبدأ من القاعدة، ونجلس مع عمال الدليفري، نسمع شكواهم، ونبني الحلول بناءً على واقعهم.”
التأمين يجب أن يشمل العامل.. لا المركبة فقط
وفيما يتعلق بملف التأمين، شدد طارق على أن التأمين الحقيقي لا يجب أن يقتصر على الدراجة أو رخصة القيادة، بل يجب أن يشمل العامل نفسه باعتباره الطرف الأضعف في هذه المعادلة، وقال: “إذا اعترفت الدولة بهذه الفئة كعمالة قائمة، فمن حقهم تأمين اجتماعي وطبي شامل، يراعي طبيعة عملهم اليومية والمخاطر التي يتعرضون لها.”
المطلوب.. نقابة وتمثيل رسمي
واختتم طارق تصريحاته بالتأكيد على أن الاتفاقيات الدولية التي استشهد بها مسؤولو الوزارة نفسها، تنص بوضوح على ضرورة إنشاء كيان نقابي يمثل العمالة غير المنتظمة، وقال: “عملنا نقابة مستقلة للعمالة غير المنتظمة من قبل، واليوم الفرصة قائمة لإحيائها من جديد، وتسجيلها رسميًا داخل وزارة القوى العاملة، لتكون صوتًا حقيقيًا لعمال الدليفري وغيرهم من العاملين في الاقتصاد غير الرسمي.
كمال ريان: سلامتك تهمنا خطوة لحماية شريحة كبيرة من العمالة غير المنتظم
أكد كمال ريان مسؤول الشؤون البرلمانية والرئاسية،أن حملة “سلامتك تهمنا” تمثل خطوة بالغة الأهمية لحماية عمال توصيل الطلبات (الدليفري)، مشيرًا إلى أن هذه الفئة أصبحت تمثل شريحة كبيرة وفاعلة في المجتمع، خاصة مع التوسع الكبير في خدمات التوصيل والتجارة الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة.
وقال ريان في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد مع ازدياد الاعتماد على تطبيقات التوصيل والمطاعم والمتاجر، توسع نشاط عمال الدليفري بشكل غير مسبوق، ما يحتم علينا كدولة ومجتمع أن نضمن لهم مظلة حماية حقيقية على المستويات كافة.
كمال ريان: لا يمكن تنظيم القطاع بدون حصر العاملين فيه
وأضاف ريان الآلاف، وربما مئات الآلاف، يعملون في هذا المجال في مختلف المحافظات، دون حصر دقيق، ودون تنظيم رسمي، رغم أنهم يمثلون جزءًا فاعلًا من الاقتصاد غير الرسمي في مصر.
وشدد على أن أول خطوة حقيقية لتنظيم هذا النشاط هي حصر العاملين فيه، تمهيدًا لدمجهم ضمن مبادرات الحماية الاجتماعية والمهنية.
كمال ريان: الحملة توفر دعمًا شاملاً من معدات وقاية لتدريب وتأمين
وأوضح أن حملة “سلامتك تهمنا” تتضمن مظلة حماية متكاملة، تبدأ بتوفير معدات وقاية أساسية للعاملين مثل الخوذ، السترات العاكسة، القفازات، والكمامات، إضافة إلى “كود السلامة المهنية” الذي يحدد ضوابط القيادة الآمنة وحقوق العامل والتزاماته.
ومن المميزات المهمة للحملة أنها تقدم هذه المستلزمات مجانًا في مرحلتها الأولى، خاصة للفئات الأكثر احتياجًا، وهو ما يمثل دعمًا حقيقيًا من الدولة لهذه الشريحة.
وأشار إلى أن الحملة لا تقتصر على الدعم المادي فقط، بل تشمل جوانب توعوية وتدريبية أيضًا، قائلًا: “العامل بحاجة للتوعية بحقوقه، ومعرفة كيفية الحفاظ على سلامته خلال أداء عمله. كما أن توفير آليات إلكترونية لتلقي الشكاوى والاستفسارات خطوة مهمة لضمان سرعة الاستجابة لأي تجاوزات.”
كمال ريان: على عمال الدليفري الإسراع بالتسجيل كما فعلت العمالة غير المنتظمة
ودعا ريان عمال الدليفري إلى الإسراع بالتسجيل في المنظومة، على غرار ما تم سابقًا مع منظومة العمالة غير المنتظمة، قائلًا:“رأينا كيف استفادت العمالة غير المنتظمة من دعم الدولة بعد تسجيلها، ومن المهم أن ينضم عمال الدليفري كذلك، حتى يتمكنوا من الحصول على نفس مظلة الحماية والتأمين.”
واختتم ريان تصريحاته بالتأكيد على أن الحملة لا تخدم فقط مصلحة العامل، بل تسهم في تحقيق الأمان المجتمعي ككل حين يكون العامل مؤهلًا، مؤمناً عليه، وملزماً بضوابط قيادة آمنة، فإننا نحمي المجتمع أيضًا من مخاطر الطريق والممارسات العشوائية، الحملة تحقق توازنًا بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع ككل.