قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

المولد النبوي .. محمد بن عبد الله بين النشأة والرسالة وحتى الوفاة

قصة النبي محمد من الميلاد وحتى الوفاة
قصة النبي محمد من الميلاد وحتى الوفاة

في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، يحيي المسلمون حول العالم ذكرى مولد أنقى وأطهر البشر، سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه الله رحمةً للعالمين وهداية للبشر أجمعين. 

وفي هذه المناسبة العطرة، التي تفوح بأنوار الإيمان وتزدان بذكر الحبيب المصطفى، يحسن بنا أن نلقي الضوء على نشأته الشريفة وسيرته العطرة، من باب التعريف والتذكير بمقامه الرفيع وسيرته الزكية التي أضاءت للبشرية دروب الهداية، لتبقى حياته صلى الله عليه وسلم مدرسةً خالدةً للأخلاق والرحمة والعدل، وعلى الرغم من أنه نشأ يتيمًا في بيئة جاهلية يغلب عليها الظلم وعبادة الأصنام، إلا أنه بعث برسالة إلهية أحدثت تحولًا جذريًا في مسار البشرية. 

هذا التقرير يرصد ملامح حياته منذ ولادته ونشأته وحتى وفاته، ويكشف كيف تحولت حياته من يتيم صغير في مكة إلى قائد نشر الإسلام وأنار الكون بعلمه.

الميلاد والنشأة

ولد محمد بن عبد الله في عام الفيل، عام 570 ميلاديًا، في مكة المكرمة، المدينة التي كانت مركزًا دينيًا وتجاريًا مهمًا في الجزيرة العربية، كان مولده في بيت عريق من قريش، من بني هاشم، حيث ينتمي إلى أسرة لها مكانة رفيعة بين العرب. 

توفي والده عبد الله قبل ولادته، فاستقبل الدنيا يتيم الأب، وعاش مع والدته آمنة بنت وهب التي احتضنته برعاية وحنان حتى وافتها المنية وهو في السادسة من عمره، ليصبح يتيم الأبوين.

بعد وفاة أمه، انتقل إلى رعاية جده عبد المطلب سيد قريش، الذي أولاه عناية خاصة، وكان يصطحبه إلى مجالس الكبار، مما أكسبه مهابة مبكرة واطلاعًا على شؤون قومه، لكن سرعان ما توفي جده وهو في الثامنة من عمره، لينتقل إلى كفالة عمه أبي طالب الذي تولى رعايته والدفاع عنه، وكان له دور بارز في حمايته خلال سنوات الدعوة.

طفولته وشبابه

في سنواته الأولى، عمل محمد صلى الله عليه وسلم برعي الغنم، وهي مهنة الأنبياء التي علمته الصبر والرعاية والرحمة، ومع بلوغه الشباب، اتجه إلى التجارة، وبدأ يشارك في رحلات القوافل التجارية إلى الشام واليمن، فاشتهر بين الناس بالصدق والأمانة حتى لقبوه بـ "الصادق الأمين".

ورغم ما كان يحيط به من مظاهر الجاهلية، ابتعد عن لهو الشباب وانحرافاتهم، ولم يسجد لصنم قط، وكان يرفض المشاركة في طقوس العرب الباطلة، هذا السلوك الفطري كان تمهيدًا لدوره العظيم الذي سيؤديه لاحقًا.

 

 زواجه من السيدة خديجة

في الخامسة والعشرين من عمره، عرضت عليه السيدة خديجة بنت خويلد، وهي تاجرة ذات مكانة رفيعة في قريش، أن يعمل في تجارتها بعد أن سمعت عن أمانته.

 خرج في رحلة إلى الشام مصاحبًا غلامها ميسرة، فعاد بأرباح كبيرة وسمعة أطيب ، أعجبت خديجة بصدقه وأمانته، فعرضت عليه الزواج، وتم الزواج المبارك الذي أثمر حياة مستقرة وهادئة.

كانت خديجة سندًا له في حياته، إذ وقفت بجانبه عند نزول الوحي، وأنجبت له القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهم.

نزول الوحي وبداية الرسالة

اعتاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلو بنفسه في غار حراء للتأمل والتعبد بعيدًا عن صخب مكة وعبادة الأصنام، وفي الأربعين من عمره، جاءه الوحي بواسطة جبريل عليه السلام بقول الله تعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”، ارتجف قلبه من رهبة الموقف، وعاد إلى خديجة التي ثبتته وبشرته بأن الله لن يخزيه أبدًا لما تحلى به من مكارم الأخلاق.

بدأت الدعوة سرية، حيث آمن به في البداية خديجة وأبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة، ثم انتشرت بين قلة من المؤمنين، لكن قريشًا قاومت دعوته بشدة، ورأت فيها تهديدًا لنفوذها، فتعرض وأصحابه للأذى والحصار.

 الدعوة في مكة

قضى النبي ثلاثة عشر عامًا يدعو أهل مكة إلى التوحيد، ويواجه الصعوبات  وتعرض أصحابه للتعذيب، فهاجر بعضهم إلى الحبشة طلبًا للأمان واشتد الأذى حتى فُرض على النبي وأهله حصار في شعب أبي طالب لثلاث سنوات، ورغم كل ذلك، صبر النبي وثبت على دعوته.

خلال هذه الفترة، توفي عمه أبو طالب وزوجته خديجة، فسُمي ذلك العام بـ "عام الحزن". لكنه وجد السلوى في رحلة الإسراء والمعراج التي أراه الله فيها من آياته الكبرى.

الهجرة إلى المدينة

بعد أن ضاقت به مكة، أذن الله له بالهجرة إلى المدينة المنورة عام 622 ميلاديًا، وهي الحادثة التي شكلت بداية عهد جديد في الإسلام، استقبله الأنصار بترحيب عظيم، وأسس أول مجتمع إسلامي قائم على المساواة والعدل، وكتب وثيقة المدينة التي نظمت العلاقة بين المسلمين واليهود وغيرهم، لتكون أول دستور مدني في الإسلام.

في المدينة، أسس المسجد النبوي الذي أصبح مركزًا للعبادة والتعليم والإدارة، ومنه انطلقت الدعوة لتصل إلى الجزيرة العربية كلها.

 الجهاد والمعارك

خاض النبي صلى الله عليه وسلم عدة معارك دفاعا عن الإسلام و لحماية المسلمين ودعوته، منها معركة بدر التي حقق فيها المسلمون انتصارًا كبيرًا، ومعركة أحد التي كانت درسًا في الصبر، وغزوة الأحزاب التي اجتمع فيها المشركون والأحزاب ضد المسلمين. 

كما صالح قريشًا في صلح الحديبية، وفتح مكة في العام الثامن للهجرة عفوًا ورحمة، معلنًا: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".

 صفاته وأخلاقه

كان النبي مثالًا في التواضع والزهد والرحمة، يجلس مع الفقراء، ويخدم أهل بيته، ويعفو عمن ظلمه، وكان خلقه القرآن ، جمع بين القيادة السياسية والحكمة التشريعية والرحمة الإنسانية، قال عنه أصحابه: "ما مسست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف رسول الله".

وفاته

بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة، توفي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11 هـ، عن عمر 63 عامًا ، دُفن في حجرة زوجته عائشة بجوار مسجده الشريف في المدينة المنورة، كانت وفاته صدمة عظيمة للمسلمين، لكن إرثه من القرآن والسنة وأخلاقه العطرة ظل باقياً إلى يومنا هذا.