تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة لم تمر مرور الكرام، فقد بدت أقرب إلى إعلان نوايا بفتح فصل جديد من التصعيد العسكري ضد قطاع غزة. لغة التهديد لم تقتصر على الحديث عن ضربات جوية، بل تجاوزتها إلى التمهيد العلني لعملية برية واسعة، ما أثار تساؤلات حول أهداف إسرائيل الحقيقية وإمكانية تنفيذها لخطط قد تحمل تداعيات إقليمية ودولية خطيرة.
عملية عسكرية جديدة على الطاولة
يرى اللواء محمد حمد، الخبير الاستراتيجي، أن خيار العملية البرية لم يعد مجرد ورقة ضغط إعلامية، بل أصبح مطروحاً بجدية. غير أن التنفيذ الفعلي قد لا يكون وشيكاً، فإسرائيل تدرك أن أي توغل بري سيكلّفها خسائر بشرية وعسكرية جسيمة، وهو ما اختبرته في مواجهات سابقة. لذلك قد تعتمد تل أبيب على إستراتيجية "التدرج" عبر تكثيف القصف الجوي ومحاصرة مناطق محددة قبل الإقدام على أي عملية شاملة.
خطاب نتنياهو وسكان غزة
إحدى النقاط المثيرة للجدل كانت مطالبة نتنياهو لسكان غزة بمغادرة القطاع. الخبير حمد يصف هذا الخطاب بأنه "نفسي أكثر من كونه عملياً"، فغزة محاصرة منذ سنوات، ولا يملك أهلها منفذاً آمناً للمغادرة باستثناء معبر رفح مع مصر، وهو ما ترفض القاهرة بشكل قاطع أن يتحول إلى بوابة لتهجير الفلسطينيين. من هنا تبدو الدعوات الإسرائيلية غير قابلة للتنفيذ عملياً، بل أقرب إلى محاولة زرع الذعر ودفع المدنيين لممارسة ضغط داخلي على الفصائل.
أبعاد إقليمية ودولية
أي عملية برية واسعة لن تمر دون تداعيات خارجية. يشير حمد إلى أن إسرائيل تواجه بالفعل انتقادات متزايدة بسبب سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، ما يجعل أي تصعيد إضافي محفوفاً بالمخاطر. نتنياهو، وفق التحليل، يسعى إلى تحقيق توازن صعب.. تصعيد محسوب يعزز صورته أمام الداخل الإسرائيلي دون أن يؤدي إلى عزلة خانقة على الساحة الدولية.
ما بين تهديدات نتنياهو وحسابات الكلفة، يبدو أن التصعيد العسكري في غزة ما زال احتمالاً قائماً وبقوة. غير أن فكرة التهجير الجماعي التي يلوّح بها تبدو بعيدة عن الواقع، في ظل رفض مصر والدول العربية، والضغوط الدولية المتصاعدة. ويبقى المشهد مفتوحاً على احتمالات جديدة، حيث تحاول إسرائيل اللعب على حافة الهاوية بين تحقيق مكاسب سياسية داخلية وتجنب مواجهة إدانة عالمية واسعة.