قال الكاتب الكبير يوسف القعيد، خلال مناقشة المجموعة القصصية لكتاب "أكثر من أنا" للكاتبة الدكتورة أميرة سعد حافظ، إنه فوجئ بالمستوى الأدبي والكتابة الجيدة لهذه المجموعة القصصية القصيرة، وأنه استمتع به كثيرا عند قراءته، ورأى فيه ملامح جديدة لكتابة القصة القصيرة، فقد جرى العرف أن المجموعة القصصية تكون كل قصة مختلفة عن الأخرى، بينما هنا في هذه المجموعة نجد القصص تشكل كيانا واحدا، ونصا روائيا على شكل قصص قصيرة ومكتوبة بشكل جيد وغير عادي .
جاء ذلك في ندوة بساقية الصاوي، بحضور وكيل وزارة الثقافة سابقا هشام فرج، وعدد من أساتذة الجامعات والأكاديميين، وأدارت الندوة الشاعرة والكاتبة نجلاء أحمد حسن مدير عام بوزارة الثقافة وعضو مجلس إدارة أتيليه القاهرة التي رحبت في البداية بضيوف المنصة، وألقت نبذة مختصرة عن أعمال كل منهم، وأعطت الكلمة للكاتبة التي أعربت عن سعادتها بتواجد الكاتب الكبير يوسف القعيد وضيوف المنصة، واستعرضت في عجالة مؤلفاتها السابقة .
وأضاف القعيد أنه أدرك أن مصر ستظل تفاجئنا من الحين والآخر بمواهب لم نكن نتوقعها ولا نتوقع مستواها الأدبي، وأن هذا الكتاب أعاده إلى بدايات كل من يوسف إدريس ونجيب محفوظ وعبد المنعم الصاوي ويوسف السباعي، متمنيا أن تهتم الصفحات الأدبية العربية بأعمال الكاتبة، وأن يحول الكتاب إلى أعمال تليفزيونية أو سينمائية أو مسرحية، لما يحتويه من كثير من أعمال تصلح لذلك حتى تصل الكلمة والمضمون لأكبر عدد من الأفراد.
من جانبه، استعرض الأديب والناقد والباحث الأدبي الأستاذ الدكتور عوض الغباري أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، قصص الكتاب وتحدث عن أحدثها ومضمونها وما تشير رموزها من أحداث مرت بها مصر، مشيرا إلى أن الكاتبة تجسدت شخصيتها الأدبية في هذه المجموعة القصصية التي تتألف من 10 قصص حافلة بالغوص في أعماق النفس الإنسانية والكشف عن بعض أسرارها وخباياها، في إطار فني يمزج بين الحقائق العلمية وإبداع الفن الأدبي القصصي، وإنها رحلة بحث الكاتبة عن داخل النفس البشرية، واللغة الشاعرة في الكتابة هي ثمرة ناضجة لثقافة أصيلة تعمقتها الكاتبة ففاضت بروح الفن الجميل .
وقالت الإعلامية والناقدة الدكتورة سميرة أبو طالب أستاذة النقد الأدبي والأدب المقارن بجامعة القاهرة، إن الكاتبة تمتلك شخصية ذات بصمة خاصة، والعنوان يدل على تمكنها من أنها بحيلة ذكية أسست لشراكة بينها وبين القارئ الذي يبحث عن ملامحه داخل هذه المجموعة التي تعبر عن التحام شديد بالواقع الجديد بكل ما يعانيه الفرد في ظل سطوة التكنولوجيا، ولجأت إلى أكثر من حيلة فنية لتحرض القارئ على أن يقتحم تلك التحديات التي تفرضها عليه التكنولوجيا الحديثة، وقامت الكاتبة باقتحام هذا العالم عبر توظيف تقنيات من الواقع الافتراضي، كما نجحت الكاتبة في التنقل من قصة إلى قصة بسلاسة .
وعن ملاحظاته للكتاب، قال الدكتور إسلام أبو غيدة أستاذ اللغة العربية بالجامعة الفرنسية المتخصص في الدراسات الأدبية، إن أول ملاحظة له عند قراءة الكتاب، هي أن الكاتبة حين تكتب تستمتع بالكتابة، وهذه المتعة تنتقل إلى القارئ مباشرة دون أن يدري، وهذا ناتج عن دقة التعبير عن المشهد أو الموقف واللغة الشعرية التي تتسم بها مؤلفاتها بصفة عامة، إلى جانب الحلقة والارتباط الدرامي الذي يتلخص في كلمتين هما "الأسرة أو العائلة"، فهي تلتقط الصور الحياتية التي تقابلها وتخرجها في كتاباتها، مشيرا إلى المضمون العائلي في كل قصة التي ركزت عليه الكاتبة وكأنها تشير إلى أن التماسك الأسري هو طوق النجاة والدرع الحصين للمجتمع .
"أكثر من أنا" هي مجموعة قصصية بين الواقعية والفانتازيا، تحمل لعقل القارئ تساؤلات يجد بعض إجاباتها بين سطور هذا الكتاب، وبعضها الآخر في نفسه؛ فمِن قلب المحنة قد تنبع نفسٌ أكثر إقداماً، وبمرور السنوات غرساً وحرثاً تُزهِر نفسٌ أكثر نضجاً، وفي النهوض من العثرة نفسٌ أكثر ثباتاً، وبين حقيقة تُظهرها زلات ألسنتنا، وحقيقة تتجلى في أحلامنا، وسخرية نراوغ بها مرارات واقعنا، تكمن بعض ذواتنا التي تنكشف وإن استترت.