قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كاتب فلسطيني لـ "صدى البلد": غزة تتحول إلى مدينة أشباح تحت "عربات جدعون 2"

ثائر أبو عطيوي
ثائر أبو عطيوي

 يرسم الكاتب و السياسي الفلسطيني ثائر نوفل أبو عطيوي، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات في فلسطين،  صورة بانورامية قاتمة للمشهد في مدينة غزة، في شهادة خاصة لـ"صدى البلد"،حيث تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية التوسعية المعروفة باسم "عربات جدعون 2"، وما يرافقها من اجتياح بري وقصف جوي ومدفعي مكثف.

 ويصف أبو عطيوي تفاصيل النزوح الجماعي للسكان من أحياء المدينة الشرقية نحو الغرب والجنوب، وما تحمله الطرقات من مشاهد مأساوية لعائلات بأكملها تسير على الأقدام تحت لهيب الشمس، في ظل دمار هائل ضرب البنية العمرانية والإنسانية للمدينة الفلسطينية الممزقة.


 قال الكاتب الفلسطيني ثائر أبو عطيوي، بدأت العملية العسكرية بمدينة غزة قبل حوالي أسبوعين فعليا، حيث جاءت بناءا على قرار من المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، بعد اجتياح واحتلال وتدمير شمال غزة ومدينة رفح.

 وتجلت المشاهد الأولية للاجتياح عبر القصف الجوي المكثف والمدفعية الثقيلة، بالتوازي مع دخول القوات الإسرائيلية برا إلى  المدينة. 

وجرت العملية تدريجيا، عبر توجيه إنذارات إلى سكان الأحياء الشرقية المتاخمة للحدود، مثل حي الشجاعية والزيتون، لإخلائها والتوجه نحو الغرب، قبل أن يتم اجتياح تلك المناطق. لاحقا، أصدر جيش الاحتلال تحذيرات عامة لسكان مدينة غزة بضرورة النزوح العاجل نحو وسط وجنوب القطاع، في خطوة تهدف إلى تفريغ المدينة بالكامل من سكانها.


و أضاف الكاتب الفلسطيني، أن  مدينة غزة، التي يقطنها قرابة 800 ألف نسمة، نزح منها حتى الآن نحو 350 ألفا، بعضهم سار على الأقدام لمسافات طويلة باتجاه شارع الرشيد (المعروف بشارع البحر)، الرابط بين محافظات القطاع. 

النزوح معاناة إنسانية لا توصف

كما سمحت قوات الاحتلال قبل يومين باستخدام شارع صلاح الدين، الشريان الشرقي للمدينة، لتسريع وتيرة النزوح والتخفيف من الاكتظاظ،  لكن هذه الرحلة القسرية مكلفة للغاية،  إذ اضطر كثير من النازحين لبيع أثاث منازلهم ومتاعهم بأسعار زهيدة، لعجزهم عن دفع تكاليف المواصلات. 

وظهرت مشاهد مأساوية لنساء يحملن أطفالهن وحقائبهن على ظهورهن تحت لهيب الشمس، فيما يسير كبار السن والمرضى بصعوبة بالغة، وسط معاناة إنسانية لا توصف.


وتابع أبو عطيوي أن المراكز والمخيمات المخصصة للإيواء مكتظة أصلا بالنازحين من شمال القطاع ورفح، ما اضطر آلاف العائلات إلى نصب خيام بالية في الشوارع العامة، أو المبيت على الأرصفة في انتظار مأوى، بينما يتواصل المشهد اليومي القاسي، ما بين تعب، وجوع، ومسيرات شاقة لا تنتهي.


و أكد الكاتب أن حجم الدمار الذي لحق بمدينة غزة غير مسبوق، فالتجمعات السكانية والأبراج السكنية الضخمة جرى استهدافها بشكل مباشر، تاركة آلاف الأسر دون مأوى، وباعتبارها العاصمة الإدارية والاقتصادية للقطاع، فإن سقوط غزة يعني انهيار الحياة التجارية والصحية والتعليمية والخدماتية في مجمل القطاع، لكونها تضم الوزارات، الجامعات، المستشفيات، والمراكز الحيوية كافة.


أما بخصوص الموقف الدولي، فيرى أبو عطيوي أن المواقف الرافضة لاجتياح غزة ما زالت محصورة في بيانات الشجب والتنديد، دون خطوات عملية ترتقي لحجم الكارثة. 

وشدد على أن المطلوب هو قرارات عاجلة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مع تحرك حقوقي وإنساني ضاغط على حكومة الاحتلال لوقف الحرب فورا، وفتح أفق سياسي يعيد طرح مشروع حل الدولتين على الطاولة.


وبحسب أبو عطيوي، فإن العملية الإسرائيلية التوسعية “عربات جدعون2”، على مدينة غزة قد تمتد شهرين إلى ثلاثة أشهر على أقل تقدير، وفق تقديرات وسائل الإعلام العبرية، وهو ما يعني أن المدينة مهددة بالتحول إلى ركام يشبه ما حل بشمال القطاع ومدينة رفح. 

كما أن استمرار العدوان يبدد أي فرص للعودة إلى طاولة المفاوضات أو إبرام صفقة تبادل، إذ تصر حكومة الاحتلال على شروطها فقط، ما يغلق الباب أمام أي مبادرات مطروحة.


ولا يستبعد أبو عطيوي احتمالا ضئيلا بأن يؤدي ضغط أمريكي على إسرائيل إلى قبول صفقة تبادل جزئية قد تفضي إلى هدنة إنسانية مؤقتة، لكنه يرى أن انحياز واشنطن الكامل لتل أبيب يجعل هذا الاحتمال ضعيفا. 

وفي ظل توقف المفاوضات، بما في ذلك محاولة اغتيال قيادات فلسطينية في الدوحة، تبقى الساحة مفتوحة لمزيد من التصعيد والتهجير القسري، في إطار مخطط إسرائيلي ممتد منذ اندلاع الحرب، هدفه النهائي شطب غزة وسكانها من الخريطة الإنسانية والسياسية للمنطقة.