قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عطية لا تقدر بثمن.. خطيب المسجد الحرام: ربط الله بين حب النفس والأوطان

خطيب المسجد الحرام
خطيب المسجد الحرام

قال الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الوطن منة من جلائل المنن، وعطية لا تُقَدَّر بثمن، وحبه مركوز في الفطر، وكل ذلك في الكتاب والسنة مستطر.

عطية لا تقدر بثمن

وأوضح " الدوسري" خلال خطبة الجمعة الأولى من شهر ربيع الآخر اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنَّ من أعظم نعم الله على عباده أن يمنحهم أوطانًا يأمنون في أرجائها، وبلادًا يَنْعَمُونَ في ربوعها، منوهًا بأنه قد ربط الله بين حب النفس وحب الأوطان، وقرن الجلاء عن البلاد بفوات الأبدان".

وأضاف أن في سيرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبهى الصور وأسماها في حب الأوطان، مشيرًا إلى أن حب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه.

واستند إلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- عندما ابتلي بترك وطنه، وقف بالحَزْوَرَةِ وَهُوَ عَلَى راحلته يخاطب مكة قائلًا: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلى الله، ولولا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ".

الدلائل الشرعية

وأشار إلى أن من الدلائل الشرعية على حب الأوطان أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- حينما استوطن المدينة دعا ربَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ حُبَّها، فحب مكة فطرة لأنها وطنه، أما حب المدينة فمنحة وهبة.

وأفاد بأنه إذا كان حب الوطن مما جُبِلَتْ عليه النفوس وفُطِرَتْ عليه القلوب، فكيف إذا كان الأمر متعلقًا بهذا الوطن المبارك الذي اختاره الله تعالى مهبطًا للوحي والقرآن وشرفه ببيته الحرام.

وتابع: فكان قبلة للمسلمين ومنارة للعلم، ومأرزًا للإيمان، ومَنَّ الله عليه أن جَعَلَهُ على الجادة من توحيد الله وإخلاص العبادة له، واجتماع الكلمة ووحدة الصف، واستخلف عليه ولاة أمر موحدين مُصْلِحِينَ، وألبسه لباس الأمن والأمان، وفتح عليه أبواب الرزق والإنعام، أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ إبراهيم عليه السَّلامُ دَعَا لِمَكَّةَ بسعة الرزق والأمانِ".

مشروعية حب الوطن

وبين أنه لما كان حب الوطن أمرًا جبليًا وشرعيًا، وأدبًا في ديننا مرعيًا أحاطت الشريعة هذا الحب بحقوق وواجبات؛ رعاية لمصالح الدين والدنيا، وأن أول تلك الحقوق وأولاها: التذكير بأهمية شكر الله تعالى على نعمة الوطن، فبالشكر تدوم النعم.

وأردف: وثانيها: التأكيد على مشروعية حب الوطن والانتماء إليه، والدفاع عنه، لا سيما هذه البلاد المباركة؛ لأنها قبلة المسلمين، ومهوى أفئدتهم؛ فالدفاع عنها دفاع عن الدين والمقدسات، وأمنها أمن للمسلمين، واستقرارها استقرار للناس أجمعين.

واستطرد: وثالثها: ترسيخ مفهوم السمع والطاعة لولاة أمرنا ولزوم الجماعة، فقد تقرر عند أهل السنة وعلم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة.

ونوه بأن رابعها الوصية بملازمة العلماء الربانيين الراسخين، فملازمتهم والاستنارة بآرائهم سداد في الرأي، وتحقيق للمصالح، ودرء للمفاسد، ودحض شبه المرجفين وأكاذيب المغرضين.

أعظم المصائب

وأكد أن من أعظم المصائب وقعًا، وأشدها خطبًا، فقد العلماء العاملين، أمة الإسلام بوفاة عالم من علمائها الراسخين، وعلم من أعلامها الربانيين، الداعية إلى الله تعالى على علم وبصيرة، المجاهد في سبيل الحق والهدى.

ولفت إلى أنه المفتي العام للمملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء، سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي قضى عمره في خدمة الدين والعلم والوطن؛ فإن فقده مصاب أليم، وحادث جلل على أمة الإسلام. 

وواصل: تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وبوأه منازل الأبرار مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا، وجزاه الله عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء، وعوض الله المسلمين بفقده خيرًا.

مما يهون المصاب

وأبان أن مما يهون وقع المصاب ومرارة الحزن أن الله تعالى مكن لهذا الدين، وقيض له علماء مخلصين، وفقهاء بصيرين، ولا سيما علماء هذه البلاد المباركة، يحملون رسالة الإسلام، ويدعون إلى دين الله على علم وبصيرة.

وأكمل: فبارك الله تعالى في حياتهم، وسدد على طريق الحق خطاهم، ومن على الجميع بالصبر والاحتساب في الفقيد، مبينًا أن خامس الحقوق والواجبات تعزيز الأمن الفكري والوعي المجتمعي لحماية الناس وتحصينهم من العقائد الفاسدة.

واستطرد: والأفكار المنحرفة، والجماعات المتطرفة، التي تسعى لشق عصا الطاعة، وتفريق الكلمة، وإفساد النشء والشباب، وتوهين قوى المجتمع، مؤكدًا أن المناعة الفكرية للمجتمع لا تتحقق إلا بالعناية بالعلم والتسلح بالوعي.

تحصينًا للنفوس

وتابع: تحصينًا للنفوس من الشبهات والشهوات، وصيانة للعقول من الأراجيف والافتراءات، ووقاية للأبدان من الآفات والمخدرات، ليكون الناس بذلك سدًا منيعًا في وجه كل من يحاول زعزعة الوطن وأمنه واستقراره.

ولفت إلى أن سادسها: الحث على احترام أنظمة الوطن وقوانينه، والحفاظ على أرضه ومقدراته، والإسهامات الفاعلة في تحقيق رؤيته وتطلعاته، كل في مكانه ومجاله، فالمواطنة الصالحة ليست مجرد كلماتٍ تُردَّد، ولا شعارات تُرفع، بل هي إخلاص وولاء، وقيم ومبادئ، وواجب ديني والتزام أخلاقي يدفع الإنسان إلى العمل الجاد الذي يحقق رفعة وطنه ورقيه وازدهاره.

وأوصى المسلمين بتقوى الله عز وجل، فهي سر الحياة الرضية، وعماد العيشة الهنية، وبها تنال الرحمات، وتستدر البركات، وتستجلب الخيرات.