تدخل مصر مرحلة إقليمية جديدة بعد انتهاء الحرب على غزة وهدوء الجبهات الإقليمية، ما يتيح لها فرصة تعزيز دورها الإقليمي بدلا من التراجع، وإعادة صياغة مكانتها كركيزة للاستقرار في المنطقة.
تمتلك القاهرة موقعا استراتيجيا يجعلها الفاعل الأقدر على إدارة ملفات غزة وسيناء، والإشراف على إعادة الإعمار والحدود، بدعم من خبرتها الأمنية وثقة المجتمع الدولي فيها كوسيط موثوق.
كما يمنح استقرار الجبهات المصرية مساحة لتوسيع نفوذها العسكري والاقتصادي، واستثمار موقعها الحيوي في البحرين الأحمر والمتوسط في مبادرات الدفاع المشترك وحماية الممرات البحرية، إلى جانب تعزيز دورها كمركز لوجستي للطاقة والتجارة.
وفي الجانب الاقتصادي، تمتلك مصر القدرة على تعظيم مواردها من خلال تطوير موانئ البحر الأحمر و قناة السويس، وربطها بشبكات التجارة والاستثمار الإقليمي والدولي، ما يجعلها مركزا لوجستيا واستراتيجيا بين شرق المتوسط والخليج وشرق إفريقيا.
القوى الإقليمية
وفي هذا الصدد قالت السياسية الأمريكية ومحامية الأمن القومي الأمريكي إيرينا تسوكرمان خلال تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، إن مصر تلعب دورا محوريا في المرحلة المقبلة، مشيرة إلى أن تجربتها في إدارة الملفات الإقليمية تجعلها شريكا استراتيجيا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأضافت أن القاهرة تمتلك القدرة على الموازنة بين القوى الإقليمية الكبرى، مثل تركيا وإيران وإسرائيل، فضلاً عن نفوذها في ليبيا والسودان وشرق إفريقيا، ما يمنحها موقعًا فريدًا لتنسيق المبادرات الإقليمية والدولية.
الجيش المصري يمثل قوة أساسية في المنطقة
وأوضحت تسوكرمان أن ارتباط مصر بالقضية الفلسطينية يمنحها شرعية شعبية وسياسية واسعة، ويجعلها الطرف الأكثر قبولًا في أي ترتيبات تخص الفلسطينيين، وهو ما يعزز دورها التفاوضي على الصعيدين العربي والدولي.
كما أكدت أن الجيش المصري، مع برامج تحديثه المستمرة وقدراته النوعية في الدفاع الجوي والبحري والبري، يمثل قوة أساسية لدعم المبادرات الأمنية والاستقرار في المنطقة.
وأشارت تسوكرمان إلى أن المرحلة الراهنة ليست تحديا لمكانة مصر، بل فرصة لإعادة صياغة دورها ليصبح أكثر تأثيرا وتخصصا، مع تعزيز قدرتها على قيادة ملفات إعادة الإعمار والأمن في غزة، وحماية الممرات البحرية في البحرين الأحمر والمتوسط، ودعم الاستقرار الإقليمي.
وأضافت أن القاهرة تمتلك عناصر القوة الضرورية لتكون مركزًا للتنسيق الإقليمي والدولي، واستثمار الفرص الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية لتعظيم تأثيرها في المنطقة.

