قالت إيرينا تسوكرمان السياسية الأمريكية ومحامي الأمن القومي الأمريكي، إن عودة توني بلير إلى ملف غزة ليست مفاجئة؛ فقد اعتاد أن يقدم نفسه كوسيط يزدهر في المناطق الرمادية حيث تتعثر الدول وتطول الأزمات وتنهار المؤسسات.
و أوضحت إيرينا تسوكرمان، السياسيبة الأمريكية ومحامي الأمن القومي الأمريكي، خلال تصريحات خاصة لـ “صدى البلد” أن رؤية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير تقوم على إصلاح البيروقراطية أولاً باعتبارها مدخلاً لأي حوار سياسي.
لكن في غزة، حيث السلطة مجزأة والمؤسسات موضع شك ، قد تتحول خططه إلى هياكل أنيقة على الورق لكنها هشة على الأرض.
عودة جاريد كوشنر
وأضافت تسوكرمان، في المقابل، يقترب الملياردير جاريد كوشنر المستشار الأسبق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره من غزة بعقلية رجل الصفقات، خطته تقوم على حوافز كبرى، مشاريع استثمارية بتمويل خليجي، وحوافز اقتصاديةلإسرائيل، ودائما يراهن على أن رأس المال وحده يمكن أن يفرض حلولاً، وهو رهان هش: فالمشاريع الكبرى بلا سلطة سياسية راعية تتحول سريعاً إلى بؤر صراع على النفوذ.
وتابعت ، المعضلة المشتركة لكلا الرجلين أن غزة بلا مستقبل سياسي واضح: إسرائيل لا تقبل بقاء حماس ولا تمنح شرعية للسلطة الفلسطينية، والدول العربية تتردد في التورط ميدانياً، وواشنطن تتهرب من تحديد نهاية المسار. في هذا الفراغ، أي خطة، سواء مؤسسات بلير أو مشاريع كوشنر ، تظل معلقة بلا مرجعية سيادية، حبث أن بلير بسبب سجله الاستشاري، وكوشنر بسبب صندوقه الاستثماري المدعوم خليجياً. أي انطباع بأن إعادة الإعمار مجرد مشروع للربح سيقضي عليها قبل أن تبدأ.
محاولات تهميش الخطة العربية
و أشارت إيرينا تسوكرمان، أن ترامب يحاول بالفعل تهميش “الخطة العربية” التي طرحتها القاهرة، لأنها تنقل مركز الثقل بعيداً عن واشنطن، فإطار تقوده العواصم العربية يعني أن العرب هم من يحددون الجداول الزمنية، ويختارون المتعهدين، ويضعون قواعد الامتثال.
وهذا يُضعف نفوذ الولايات المتحدة على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ويترك للبيت الأبيض أدوات أقل يستخدمها حين يريد انتزاع تنازلات في مسائل الأمن أو التطبيع، وبالنسبة لزعيم يفضل الانتصارات الواضحة والممهورة بالعلامة الأميركية، فمن الطبيعي أن يقاوم أي خطة تظهر فيها أمريكا كطرف ثانوي.
كما ذكرت أن هناك أيضاً زاوية تتعلق بالسياسة الداخلية الأميركية. فمبادرة لإعادة الإعمار ذات طابع أميركي بارز يمكن تسويقها باعتبارها دليلاً على أن واشنطن هي التي تملي النتائج في المنطقة، هذه القيمة الرمزية تختفي إذا كانت القاهرة هي من يمسك بالقلم، لذا فإن تهميش الخطة العربية يُبقي الباب مفتوحاً أمام إطلاق مخطط أمريكي الصياغة، مزوّد بشركاء مختارين بعناية، ومشاهد قصّ الشريط، وعناوين تُسجَّل في رصيد الإدارة الأميركية بدلاً من اللجان العربية.
السيطرة الأمنية
الدافع الثالث يتمثل في السيطرة الأمنية، فالمسؤولون الأميركيون يخشون أن لا يوفّر أي مشروع تديره أطراف إقليمية البنية الصارمة للرقابة التي تريدها إسرائيل على الحدود، ونزع السلاح، وآليات التدقيق. وإذا ما شكت واشنطن في قدرة المراقبين والتقنيين العرب على منع إعادة التسلح، فسوف تطالب بنموذج يضمن إشرافاً أميركياً أكبر، وشروطاً أشد صرامة، وآليات أسرع لتعليق التمويل أو وقف المشاريع. دفع القاهرة إلى الهامش يحافظ على هذه الأدوات.
خطة القاهرة أفضل الخيارات المطروحة
وأكدت السياسية الأمريكية أن خطة القاهرة تبقى أفضل الخيارات المطروحة على الطاولة، تحديداً لأنها تحمل شرعية عربية، فهي تُبقي الغزيين في غزة، وتضع المؤسسات الفلسطينية تحت إشراف عربي، وتستند إلى التمويل الخليجي الذي يتدفق بسرعة أكبر حين تكون الملكية إقليمية. وهذه الخصائص تجعل التزام مصر والأردن والداعمين الخليجيين أكثر استدامة، وتخفّف من مخاوف التهجير، وتقلل من احتمالات رد الفعل القومي الذي قد ينسف جهود الإعمار منذ اليوم الأول.
كما أن الخطة عملية من الناحية التشغيلية. فمصر تتحكم بالمعبر البري الأساسي، والجهات الخليجية قادرة على تمويل طويل الأمد، وأجهزة الأمن الإقليمية تعرف الواقع الميداني والمهربين. وخطة تستند إلى هذه الحقائق قادرة على تحريك ملفات الموانئ والطاقة والرواتب والأمن بالتوازي، بدلاً من انتظار بيروقراطية بعيدة تحاول تنسيق أجزاء لا تملك السيطرة الميدانية عليها.