قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن كلمة الضرب في القرآن الكريم ليست مقصورة على معنى الإيذاء أو العقاب البدني، بل جاءت في مواضع متعددة بمعانٍ مختلفة تمامًا، مؤكدًا أن فهم الكلمة لا بد أن يكون بحسب السياق القرآني الذي وردت فيه.
معنى الضرب في القرآن
وأوضح الجندي خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأربعاء، أن من معاني كلمة “اضرب” في القرآن: الكشف والإيضاح كما في قوله تعالى «واضرب لهم مثلاً»، أي اعرض وبيّن ووضّح، مشيرًا إلى أن البعض يظنها بمعنى «الضرب بالعصا»، وهو فهم خاطئ.
وأضاف أن «الضرب» جاء أيضًا بمعنى السفر والتنقل في قوله تعالى «وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة»، أي إذا سافرتم أو سعيتم في الأرض، كما جاء بمعنى التغطية في قوله تعالى «وليضربن بخمرهن على جيوبهن»، أي يغطين رؤوسهن وصدورهن.
الضرب له 14 معنى مختلفًا
وبيّن أن الفعل ورد كذلك بمعنى القتل في المعارك في قوله تعالى «فاضربوا فوق الأعناق»، وبمعنى التداخل في الاستخدامات اليومية مثل قولنا «جدول الضرب" أو "مضرب البيض"، لافتًا إلى أن العلماء أحصوا للفظ “ضرب” نحو 14 معنى مختلفًا.
وأكد أن هذا التنوع اللغوي يمنع حصر معنى «واضربوهن» في الآية الكريمة بمعنى الإيذاء الجسدي، مبينًا أن المقصود في سياقها ليس الاعتداء البدني، وإنما الهجر أو الابتعاد المؤقت لإصلاح الخلاف دون إهانة أو إيلام.
وختم: «التعامل مع الزوجة لا يجوز أن يكون بالإهانة أو الإيذاء، فالقرآن لم يشرع الضرب بمعنى الأذى، وإنما وضع منهجًا للإصلاح، وكل لفظ يُفهم بمعناه وسياقه لا بمزاجنا أو ثقافتنا الشعبية».
هل يجوز ضرب الزوجة؟
قالت دار الإفتاء المصرية، إن ضرب الزوجة أو إهانتها أو الاعتداء عليه سواء بالضَّرْب أو بالسب- أمر محرم شرعًا، وفاعل ذلك آثمٌ، ومخالف لتعاليم الدين الحنيف.
وأضاف «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: «هل ضرب الزوج لزوجته حلال ؟» أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة؛ قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21).
ورداً على مَنْ يبيحون ضرب الزوجة نبهت دار الإفتاء على أن الشرع الشريف أمر الزوجَ بإحسان عِشْرة زوجته، حتى جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حُسْن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» (رواه الترمذي).
وأكملت دار الإفتاء في تأكيدها على رفض ضرب الزوجة : أن الشرع حَثَّ على الرِّفْق في التعامل بين الزوج والزوجة، ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفق في الأمر كله؛ فقال: «إنَّ الرِّفقَ لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إلا شانَه» (رواه مسلم).