قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كفارة اليمين بإطعام 10 مساكين.. علي جمعة يصحح خطأ شائعا

كفارة اليمين
كفارة اليمين

يظن الكثيرون أنه عند كفارة اليمين بإطعام عشرة مساكين ليس هناك مواصفات أو أنواع محددة من الطعام عند كفارة اليمين ، فصحيح أن الله تعالى قد جعل الإطعام وسيلة لتكفير الذنوب وكذلك كفارة اليمين ، لكنه كذلك حدد عدد مستحقي الإطعام وكذلك مواصفات هذا الطعام المقدم لهم عند كفارة اليمين .

كيفية كفارة اليمين

قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هناك اعتقاد خاطئ عند كفارة اليمين بإطعام عشرة مساكين.

وأوضح «جمعة» عن كفارة اليمين بإطعام عشرة مساكين ، أن الله تعالى جعل الإطعام طريقا لتكفير الذنوب واشتراط أن يكون من أحسن الطعام وأعلاه، فقال تعالى عند كفارة اليمين : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) وأوسط معناها أعلى.

ودلل بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، منبهًا إلى أنه عند كفارة اليمين بإطعام الطعام ، لابد من أن يكون حلالاً له مذاق هو من أحسن ما يطعم الإنسان به أهله.

وأشار إلى أنه جعل الله سبحانه وتعالى من محاسن الأخلاق إطعام الطعام، فيقول سبحانه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا) .

وأضاف أن إطعام الطعام الطيب الحبيب إلى النفس -ولابد أن يكون بهذه الصفة- من صفات الذين يحبهم الله، منوهًا بأنه هكذا رأينا زمننا الجميل يهتم الناس بحسن الطعام وإعداده والجلوس له، وعدم الإسراف فيه.

وتابع: وعدم الاستهانة بشأنه، حتى جعلوا الاستهانة بالطعام من كفر نعمة الله على الإنسان، ورأيناهم يتفننون في ذلك حتى مع بساطة الطعام، والمصريون والشاميون وغيرهم مشهورون في التعامل مع (الفول) وهو من الآكلات الشائعة البسيطة، فيقدمونه بأشكال شتى وطرق مختلفة.

وأفاد بأنه سن لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - آداب الطعام، فقال لابن عباس رضي الله عنه: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك» [أخرجه البخاري ومسلم] وقال -صلى الله عليه وسلم - (من أكل طعاما، فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه) [رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم].

ما هي الكفارة

ورد أن الكفارة في اللّغة تأتي بِمعنى السِّتر، وتطلقُ اصطلاحاً: على أشياءٍ يفعلها المسلم عند إقدامه على ذنبٍ قام به؛ لتُطهّرَه منه وتمحو آثاره في الدّنيا والآخرة، ولا تُشرع بإطلاقٍ لكل الأخطاء، فقد شُرِعَت لتصحيح أخطاءٍ مُحدّدة في أمورٍ مُعينة نُصَّ عليها شرعاً.

وكان منها كفارة اليمين المنعقدة عِندَ الحنث، وصورتها أن يحلف الحالف شيئاً قاصداً إياه ثم يفعلُ غيره، وهذا يسمى بالحنثِ عن اليمين، ويحتاج حينئذ إلى إخراج الكفارة ندماً على تركه ليمينه وردعاً له عن الحلف بما لا يستطيع إيفاؤه.

وجاء بيانُ ذلك في القرآن الكريم والسّنة النّبوية في أكثر من موضعٍ، كما أجمعَ العلماء على مشروعيتها عند الحنث، بدليلِ قوله -تعالى-: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ).

ويُستفادُ من الآية أن اليمين التي تجبُ فيها الكفارةُ هي اليمين المنعقدة دونَ يمينِ اللّغو، ويمينُ الّلغو: هي اليمينُ التي لا يقصدها صاحِبُها، كما تُبيِّنُ الآية كيفية إخراجها على خياراتٍ عدّة؛ فإما إطعامُ عشرةِ مساكين، أو كسوتهم، أو تحريرُ رقبةٍ، أمّا من لم يجد مالاً كافياً للقيام بذلك فعليه أن يصومَ ثلاثة أيام.

وجاءَ في صحيح البُخاري عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا حَلَفْتَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، وكَفِّرْ عن يَمِينِكَ)، دلالةً مِنه -صلى الله عليه وسلم- على أن التّكفير عن اليمين والحنث بها يكونُ أفضلُ من البّرِ بها في أوضاعٍ مخصوصة، فلو حلَفَ المسلمُ على أمرٍ قاصداً إياه ثم وجدَ أن في الحنثِ به خيرٌ أكثر من البّرِ به كان الحنثُ له أفضل.

شروط وجوب كفارة اليمين

يَشترِطُ الفقهاءُ لِصحَةِ اليمينِ شروطاً عدّة، فإن تجتمع هذه الشّروط وحنث الحالفُ عن اليمين وجبت عليه الكفارة، وهذه الشروط هي:

أولاً: أن يكونَ الحالف مُسلماً: فالإسلامُ هو الشّرطُ الأول لصحةِ كُلِّ العبادات، إذ لا تصحُ يمينُ غير المسلم لأنّه ليس أهلاً لها، إلّا أن من الفقهاء من أجازَ كفّارة غير المسلم عن يمينه لِما رواه ابن عمر -رضي الله عنه- (من أنّ أباه أنَّ عُمَرَ، قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي نَذَرْتُ في الجَاهِلِيَّةِ أنْ أعْتَكِفَ لَيْلَةً في المَسْجِدِ الحَرَامِ، قَالَ: أوْفِ بنَذْرِكَ).

وورد أن النّذرُ فَرعٌ عن اليمين وفيه كفّارته -على أن طبيعته تختلفُ بعضَ الشّيءِ، فالنّذرُ: إلزامُ المسلم نفسه بشيءٍ لم يلزمهُ به الشّرعُ، كأن يقول: نذراً علي إن شفا الله -تعالى- والدي أن أًطعِمَ خمسينَ مسكيناً، وهو مكروهٌ، ولكن تَجِبُ فيه كفارةُ اليمينِ عند الحنثِ به-.

ثانياً: أن يكون الحالفُ بالغاً عاقلاً: إذ لا تصحُّ يمينُ الصّغير كما لا تصحُ يمينُ المجنونِ؛ لأنّ كليهما غير مُكلّفين بأداء العبادات.

ثالثاً: أن يكونَ الحالفُ قاصداً الحلفَ بالله -تعالى-: والقصد شرطٌ أساسيٌ في اعتبار اليمين ووجوب الكفارة، ويكون هنا التَفريقُ بين اليمين المنعقدة واليمينُ الّلغو، فيمينُ اللغو لا تنعقدُ ولا يترتّبُ على الحنثِ بها كفارة، على عكسِ اليمين المنعقدة التي قصدها الحالف، ومِن أشكالِ اللغو قوله: "لا والله، وبلى والله"، وغيرها في سياقِ الحديث.

رابعاً: أن يكونَ الحالفُ مُريداً للحلفِ مُختاراً غير مُكرَه: وذلكَ لأن أفعالَ المُكرَهِ غيرُ مؤاخذٍ بها شَرعاً فلا تنعقدُ يمينُ المُكرَه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ وضَعَ عن أمَّتي الخطَأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليهِ).

خامساً: أن تنعَقِدَ اليمين: يضافُ إلى ما سبق لانعقاد اليمينِ أن يتوجّهَ بها الحالفُ على أمرٍ في المستقبلِ لا في الماضي؛ كأن يقول والله لا أدخل دار محمد، أو والله لا أشرب عصيراً.

سادساً: أن يحنثُ الحالف بيمينه: إذا توفرت الشّروطُ السابقةُ في الحالفِ كانَ أمامَ خيارينِ؛ إمّا أن يَبرّ ويفي بيمينه، وإمّا أن يحنث بها، فإذا حنثَ بِها وجبت عليهِ الكفارة وإلّا فلا، كما يَشترِطُ الحنفيةُ لتمامِ ذلكَ أن يكونَ المحلوفُ عليه مُتَصَوَّرُ الوجودِ، أي أن لا يكونَ مُستحيلاً، فاليمينِ على مُستحيلٍ لا ينعقد.