لماذا لا تؤجل الحكومة الدراسة في الجامعات؟

يوم الأحد الماضي الأول من ديسمبر قررت المحكمة الإدارية في اوكرانيا منع المظاهرات في كل ارجاء الدولة حتي يوم7 يناير القادم, وكانت السلطات الأوكرانية قد طلبت من المحكمة منع المظاهرات والمسيرات في الشوارع التي تقع فيها مقار الرئيس والبرلمان والحكومة ووزارة الداخلية والميادين الكبري في العاصمة.. ان قرار المحكمة يعني وقف المظاهرات نهائيا ما يقرب من40 يوما.. حدث هذا في دولة شهدت مئات المظاهرات فيما سمي بالثورة البرتقالية..
لنا ان نتصور حكومة بهذه التركيبة المريبة اصدرت القانون ومن بين وزرا ئها من يطالب بتعديله وآخر يرفضه ثم نسمع د. الببلاوي رئيس الوزراء وهو يقول ان هذه الخلافات تؤكد ثراء الحكومة لأن أحشاء البطن تتصارع.. يحدث هذا واشباح الفوضي ترتع في كل ربوع المحروسة بكل ما يترتب عليها ابتداء بالقتل وانتهاء بإحراق وتدمير مؤسسات الدولة..
ان الخلاف في الرأي شيء وارد ولكن ليس هذا وقته ولا زمانه.
ان تأجيل الدراسة ليس بدعة ففي مظاهرات الطلبة ضد نكسة67 وفي يناير68 قررت الحكومة في ذلك الوقت وقف الدراسة في الجامعات حماية لحياة الطلاب وحرصا علي مؤسسات الدولة.
لقد احترقت اعداد كبيرة من الكليات في جامعة القاهرة وجامعة الأزهر والمنصورة والزقازيق.. ولا أتصور ان تتحمل ميزانية الدولة المفلسة نفقات تعليم الطلاب المخربين او اقامتهم في المدن الجامعية لأن فقراء مصر اولي بهذه الأموال.
ان اخطر ما يهدد هذه الخطة تلك الصفقات السرية التي يمكن ان تتم بين الإخوان وبقايا القوي الثورية وقد ظهر ذلك واضحا حين اقتحم طلاب الإخوان ميدان التحرير تحت راية جماعة6 ابريل ولولا يقظة الشرطة وادراكها المبكر لهذا الفخ لكانت هناك نتائج اخري, ان الإخوان يراهنون الآن علي طلاب الجامعات فقد دفعوا بهم لإفساد المشهد كله وتشويه ثورة الشعب يوم30 يونيه وهم يراهنون ايضا علي استقطاب فئات اخري من الشعب امام الظروف الصعبة التي يعيشها المصريون الآن..
هل نقف جميعا امام هذه الكارثة ونأخذ اماكننا في مواقع المتفرجين
هل نلقي المسئولية كل المسئولية علي جيش يحارب الإرهاب وجهاز الشرطة يطارد المخربون.. اين الحكومة.. واين الشعب واين الإعلام واين القضاء بل اين مصر كلها وهل عجز المصريون صناع الحضارة عن حماية وطنهم..
الي من يلجأ المصريون لإنقاذ وطنهم؟!..
لدينا نقابة للمحامين لماذا لا تطلب من القضاء وقف مهازل التظاهرات في الشارع ويكون ذلك بحكم قضائي..
لدينا نادي القضاة والنقابات المهنية اين دور هذه المؤسسات في حماية مصر من المخربين؟!.
لدينا مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني وحقوق الإنسان اين هي من كل ما يجري في الشارع المصري ولماذا تركت الجيش وحيدا في معركته ضد الإرهاب.. بل اين النخبة المصرية وقد انسحبت من الساحة وفقدت بريقها وتواجدها واكتفت بخروجها يوم30 يونيو واستسلمت بعد ذلك للطوفان وما هي نهاية البكاء والدموع الكاذبة علي الحريات وحقوق الإنسان ومنها الحق في تدمير وطن..
أين الإعلام المصري الذي اكتفي بتشييع الجنازات ومواكب الموتي ومسيرات التخريب ولماذا لا يخوض معركته ضد الإرهاب ويحرض المصريين علي ايقاف هذه المهزلة هل ننتظر حتي تشتعل نيران الحرب الأهلية التي يسعي اليها الإخوان وهم يطالبون بتدخل اجنبي يواجه الفوضي في مصر ويقومون بتشكيل حكومة منفي في باريس..
في ظل ما يحدث الآن في الشارع المصري وحالة الفوضي العارمة التي نعيشها لا اعتقد ان الاستقرار يمكن ان يعود بسهولة وامامنا جيش يحارب وجهاز للشرطة يودع شهداءه كل يوم وبقية مؤسسات الدولة في حالة نوم عميق.. هناك حكومة لا تقوم بدورها.. وشعب استسلم راضيا للإرهاب.. وإعلام افتقد الإحساس بالمسئولية وقوي سياسية ترهلت واصابها الهزال..
أعود من حيث بدأت الي ما حدث في اوكرانيا وحكم قضائي حاسم بوقف المظاهرات والمسيرات اربعين يوما بناء علي طلب من الحكومة استجابت له المحكمة..
قليل من الحسم يا سادة ينقذ هذا البلد من كوارث كثيرة.
ان طلاب الجامعات الذين يحرقون ويدمرون ويخربون جامعاتهم ابناؤنا ونحن حريصون علي مستقبلهم, ومن بديهيات هذا الحرص ان نحميهم من أنفسهم ومن مواكب الشر التي تحرضهم علي خراب هذا الوطن
اين المصريون في المعركة ضد الإرهاب..لقد غابوا جميعا!.
..ويبقي الشعر
لن أقبلَ صمتَكَ بعد اليومْ
لن أقبل
صمتي
عمري قد ضاع على قدميكْ
أتأمّل فيكَ. وأسمع منك.
ولا تنطقْ.
أطلالي تصرخُ بين يديكْ
حَرّكْ شفتيكْ.
اِنطِقْ كي أنطقْ.
اصرخْ كي أصرخْ.
ما زال لساني مصلوباً بين الكلماتْ
عارٌ أن تحيا مسجوناً فوق الطرقاتْ
عارٌ أن تبقى تمثالاً
وصخوراً تحكي ما قد فاتْ
عبدوكَ زماناً واتّحدتْ فيكَ الصلواتْ
وغدوتَ مزاراً للدنيا
خبّرني ماذا قد يحكي، صمتُ الأمواتْ!
ماذا في رأسكَ. خبّرني!
أزمانٌ عبرتْ.
وملوكٌ سجدتْ.
وعروشٌ سقطتْ
وأنا مسجونٌ في صمتكْ
أطلالُ العمرِ على وجهي
نفسُ الأطلالِ على وجهكْ
الكونُ تشكّلَ من زمنٍ
في الدنيا موتى. أو أحياءْ
لكنكَ شيءٌ أجهلهُ
لا حيٌّ أنتَ. ولا مَيّتْ
وكلانا في الصمتِ سواءْ.
أَعْلنْ عصيانَكَ. لم أعرف لغةَ العصيانْ.
فأنا إنسان يهزمني قهرُ الإنسانْ.
وأراكَ الحاضرَ والماضي
وأراكَ الكُفرَ مع الإيمانْ
أَهربُ فأراكَ على وجهي
وأراكَ القيدَ يمزّقني.
وأراكَ القاضيَ. والسجّانْ!.
اِنطقْ كي أنطقْ
أصحيحٌ أنكَ في يومٍ طفتَ الآفاقْ
وأخذتَ تدور على الدنيا
وأخذتَ تغوصُ مع الأعماقْ
تبحث عن سرّ الأرضِ.
وسرِّ الخلقِ. وسرّ الحبِّ
وسرِّ الدمعِة والأشواقْ
وعرفتَ السرَّ ولم تنطقْ؟
ماذا في قلبكَ؟ خبّرني!.
ماذا أخفيتْ؟
هل كنتَ مليكاً وطغيتْ.
هل كنتَ تقيّاً وعصيتْ
رجموكَ جهاراً
صلبوكَ لتبقى تذكاراً
قل لي من أنتْ؟
دعني كي أدخلَ في رأسكْ
ويلي من صمتي!. من صمتكْ!
سأحطِّمُ رأسكَ كي تنطقْ.
سأهشّمُ صمتَكَ كي أنطقْ!.
أحجارُكَ صوتٌ يتوارى
يتساقطُ مني في الأعماقْ
والدمعةُ في قلبي نارٌ
تشتعل حريقاً في الأحداقْ
رجلُ البوليسِ يقيُّدني.
والناسُ تصيحْ:
هذا المجنونْ.
حطَّمَ تمثالَ أبي الهولْ
لم أنطق شيئاً بالمرّه
ماذا. سأقولْ؟.
ماذا سأقولْ!
وكلانا في الصمت سجين سنة1986
نقلا عن الأهرام اليومي