شهادة والد أحد ضحايا "ترحيلات أبو زعبل" تبكى الحاضرين: كاتب على قبر ابنى شهيد.. ولو أثبتوا أنه إخواني هروح أولع فى قبره

قررت محكمة جنح الخانكة المنعقدة فى أكاديمية الشرطة برئاسة المستشار على مشهور تأجيل نظر محاكمة نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة و3 ضباط آخرين بالقسم في واقعة قتل 37 سجينًا، عن طريق الخطأ داخل سيارة ترحيلات لسجن أبو زعبل، إلى جلسة 24 ديسمبر الجارى لاستعداد الدفاع إلى المرافعة، واتخاذ المدعين بالحق المدنى إجراءات رد المحكمة.
عقدت الجلسة فى تمام الساعة العاشرة صباحا، وشهدت تحدث والد الشهيد رفيق محمد إبراهيم، الذى أبكى بكلماته الصادقة جميع الحاضرين بالقاعة بمن فيهم عدد من محاميي المتهمين، وقد قال خلال حديثه "أنا كاتب على قبر ابنى شهيد.. ولو أثبتوا بورقة واحدة أن له أى انتماء سياسى أو علاقة بالإخوان.. هروح أولع فى قبره".
وأوضح الأب أنه يحضر أمام المحكمة وكيلا عن زوجة الشهيد ووصيا على أحفاده الأطفال، وأن ابنه من سكان الحى العاشر ويعمل فى شركة استصلاح أراض مقرها بمنطقة "الخمس عمارات" بمدينة نصر، وهى شركة أجنبية تابعة لشركة أمريكية كبرى، بما يجعل هناك تحريات أمنية متتابعة عن نجله وجميع العاملين بالشركة، وأنه لا ينتمى إلى أى تيار أو جماعة سياسية، وأنه خلال اتجاهه إلى عمله فى الساعة الثامنة صباحا وهو يستقل مينى باص، تم القبض عليه.
وحينما علمت ذهبت إلى قسم مصر الجديدة الساعة الثانية عشر ظهرا، وهناك قال الضباط إن ابنى محتجز على سبيل الأمانة، وتم التحقيق معه فى يوم السبت وقدم هو وزملاء ابنه شهادة من الشركة توضح محل سكنه بالحى العاشر وخط سيره إلى مقر عمله بالعمارات الخمسة، وقررت النيابة إخلاء سبيله وأخبره وكيل النيابة أن يتجه إلى القسم لاستلام ابنه، وفوجئ بنائب مأمور مصر الجديدة "عمرو فاروق" يطلب منه الانتظار وعند الساعة الخامسة مساء ألح عليه لاستلام قرار إخلاء سبيل نجله للعودة إلى محل سكنه بمدينة المحلة للغربية بسبب ساعات الحظر، فأخبره أن نجله محبوس 15 يوما، لكن الشاهد قال إنه أخبره بما سمعه من وكيل النيابة، فسخر منه نائب المأمور وقال له "وانت مروح بتعدى على طنطا ابقى سلملنا عليها".
واستكمل الأب أنه تلقى اتصالا من ابنه وكأن القدر يقول له اسمع صوت ابنك لآخر مرة، وأخبرنى أنه يتحدث من تليفون ضابط بقسم شرطة مصر الجديدة، فتحدث للضابط وقال له "هاجى أدفع الكفالة الصبح بس أنا خايف ترحلوه مكان تانى"، فأخبره الضابط بأن أمامه مهلة 24 ساعة لدفع الكفالة بسبب الحظر، وقال الأب "كان قلبى حاسس، كنت خايف ينقلوه"، وقال "إنه استيقظ من الفجر وركب القطار وفى الطريق اتصل به زملاء ابنه وأخبروه أنه تم ترحيله إلى سجن أبو زعبل، فطلب من زملائه دفع الكفالة ومقابلتهم عند سجن أبو زعبل ووصل إلى هناك الساعة 9 و40 دقيقة تحديداً".
وحينما لم يجد من يجيبه عن نجله صرخ بشدة فخرج له ضابط وأخبره أن نجله لن يخرج من السجن إلا بعد يومين لدواع أمنية، وطلب منه الانصراف، فاتجه إلى النيابة وطلب منه وكيل النائب العام أن يتجه إلى قسم الشرطة ويحرر محضرا ضد المسئولين عن عدم تسليمه نجله، فاتجه إلى القسم وخلال تحرير الضابط أحمد تميم المحضر تلقى اتصال تليفونى وعاد بعده ومزق الورقة، وخلال تلك الأثناء استقبل اتصالا من زوجته تقول له "ابنك ظهرت صورته محروق فى التلفزيون وودوه على مشرحة زينهم".
ودخل والد الشهيد فى موجة بكاء وهو يتحدث "أنا مغسل ابنى كانت أنفه مسدودة وجسده أسود مثل الفحم، إذاى يكون دا قتل خطأ.. إللى عمل كدا فى ابنى مش بشر دا لازم يتحاسب"، "أنا كتبت على قبر ابنى الشهيد رفيق محمد إبراهيم، ولو حد أثبت غير كدا هروح أولع فى قبره، أنا عايز حق ابنى".
كان المستشار هشام بركات، النائب العام، قد أصدر أمرا بإحالة نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة و3 ضباط آخرين بالقسم وهم محمد يحيى عبدالعزيز، وإبراهيم محمد، وعمر فاروق، وإسلام عبدالفتاح، إلى المحكمة الجنائية العاجلة، بعدما أثبتت التحقيقات تورطهم في وفاة 37 من المتهمين المرحلين بسيارة الترحيلات من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل، وإصابة آخرين من المتهمين بسيارة الترحيلات التي كانت في طريقها من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل. وأسندت النيابة إلى المتهمين الأربعة من ضباط الشرطة تهمتى القتل والإصابة الخطأ بحق المجنى عليهم.
واستمعت النيابة العامة إلى 7 من المجنى عليهم الذين نجوا من الحادث، علاوة على 40 شخصا آخرين من قوات الشرطة والأطباء الشرعيين وخبير وزارة العدل الذى أعد تقريرا أورد به أن صندوق حجز سيارة الترحيلات محل الواقعة لا يتسع سوى لعدد 24 شخصا، وأن السيارة غير صالحة لنقل عدد 45 شخصا جرى ترحيلهم بصندوق حجزها، وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمين شاب تعاملهم مع مأمورية الترحيلات المكلفين بها، الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم من الحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين ولو كانوا متهمين.