الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

باحث يكشف حكاية"التمائم والأحجبة"وسرالطلاسم التي تُفزع الأرواح الشريرة..صور

صدى البلد

كشف عبد الحميد عبد السلام أبو عليو مدير التدريب والنشر العلمي بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة أن الفنون الإسلامية هي أوسع فنون العالم انتشارًا وأكثرها أهمية من بين الفنون الأخرى في التعبير عن الجوانب الاجتماعية المُختلفة لكافة الشعوب الإسلامية،مشيرا إلي أنه خير مثال على ذلك التمائم والأحجبة التي انتشرت في دول كثيرة وبين مختلف طوائف المجتمع الواحد.

وأجري "أبو عليو" دراسة موسعة بعنوان"مجموعة التمائم والأحجبة المحفوظة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة-دراسة آثارية فنية"،وحصل بها علي الماجستير بدرجة ممتاز مع توصية بتبادلها مع الجامعات،من كلية الأداب بجامعة عين شمس،وأكد فيها علي أن مجموعة التمائم والأحجبة التي يحتفظ بها المُتْحَف مُتميزة من تنوع مادتها الخام ما بين فخار وخزف وخشب ومعادن وحجر وزجاج وورق ونسيج،وإشتمالها على شتي أنواع الزخارف الكتابية القرآنية والطلاسم السحرية والزخارف النباتية والهندسية والكائنات الحية والخرافية.

وكشف في دراسته أن التنوع في المواد الخام والزخارف أدي للتعدد في الوظيفة التي من أجلها تُصنع القطع واستخدامها،وهو ما دفعه لدراسة ذلك خاصة أن التمائم والأحجبة في العصر الإسلامي لم تحظ بالقدر الكافي من الدراسة والتحليل الذي يزيل عنها الغموض ويوضح السمات والملامح العامة التي تميزت بها،وقد طبق ذلك على ما يتضمنه المتحف الإسلامي من مجموعة جديدة من التمائم والأحجبة في العصور الإسلامية المُختلفة لم يسبق نشرها من قبل.

وطبقا للدراسة فإن التمائم والأحجبة كانت من أهم الأساليب المُتبعة كطب شعبي،وقد سعي أبو عليو كما قال إلي لفت أنظار الباحثين لهذا النوع من التحف وطرد الأفكار والمخاوف المرتبطة به لاسيما عند الحديث عن السحر الذي لعب دوره بشكل كبير في هذه القطع،خاصة أن التمائم والأحجبة من أهم الجوانب الاجتماعية في المجتمع الإسلامي،مشيرا إلي أن أبرز الصعوبات التي واجهته أن الدراسة تناولت قطعًا احتوت على كتابات وطلاسم سحرية ورموز وأرقام،وكان من الصعب عليه تفسيرها لأن ذلك يحتاج إلى ساحرٍ متمرسٍ في السحر.

وقال أبو عليو أن التمائم والأحجبة ظهرت مُنذ أقدم العصور،واستخدمت في مصر منذ عصر ما قبل الأسرات، واستمرت طوال العصور التاريخية المُختلفة حتي الأن،لافتا أن العدد الضخم من التمائم الذي وصلنا يدل على مدي أهمية هذا الفن في حياة المصريين القدماء،وما قامت به التمائم من دور مهم بعد أن تفرغ الكُهنة والسحرة للتأمل وإعداد الرقى والتمائم والأحجبة ووسائل السحر المادية،حيث إعتقد المصريون القدماء أن هذه الرسومات والطلسمات تنطوي على قوة كامنة تُفزع الأرواح الشريرة وتؤنس الأرواح الطيبة،وأن لها أثرها في شئون الحياة وأحوال الفرد حيًا وميتًا.

وتابع:التمائم كانت موجودة في الدولتين القديمة والوسطي،لكن ليست بكثرة ما كانت في الدولة الحديثة من 1500عام ق.م مرورًا بالعصر المتأخر وحتى الفترة الرومانية،واتخذت الرقى والتمائم في الفن المصري القديم عدة أسماء كالطلسم والرقية والتميمة والتعويذة،كما تعددت وتنوعت أشكالها ما بين إلهية ورموز مجردة،وعناصر أدمية ونباتية وغير ذلك من الأشكال،وكانت تقرأ على هذه التمائم تراتيل تُكسبها قوتها وفاعليتها السحرية،وكان للسحر دور وتأثير كبير في الشكل الفني لهذه التمائم،من حيث اختيار المادة الخام وإلحاقها برموز إلهية لها فاعلية سحرية،وحجمها الذي كان غالبا صغيرا حتى يسهل حملها وتؤدي الدور الذي صنعت من أجله.

وأشار إلي أنه في العصر الروماني انتشرت التمائم وكان لها دور بارز في حياة المُجتمع، وصنعت من الفضة والنحاس والبرونز ومواد أخري،حيث إستخدمت كحلي شعبية لتوفير الحماية من السحر والحسد،ووفي العصر البيزنطي وصلنا عدد كبير من التمائم التي تؤكد انتشارها في هذا العصر،وتميزت بتنوع زخارفها كالصلبان والأسماك والحمام وحدوه الحصان وعرائس من العاج والعظم، وغيرها،وتميزت بتعدد وظائفها التي تمثلت في درء السحر والحسد والفأل الحسن وجلب الحظ السعيد،والحماية من الأرواح الشريرة والرغبة في التكاثر وزيادة الخير.

وقال أنه خلال العصر الإسلامي آمن الكثير من الناس بقوة التمائم والأحجبة في تحقيق الآمال،لذلك انتشرت انتشارًا واسعًا بين طوائف المجتمعات على اختلاف المستوي الاجتماعي لها،واستخدموا تمائم وأحجبة صُنعت من مواد مُختلفة كالفخار والخزف والخشب والحجر والمعدن والورق ومن النسيج،وتميزت بكتابات تم تنفيذها بدقة وجمال،وأحيانا كان من الصعب فك النص وقراءته لاسيما في الأحجبة المطبوعة،وفي بعض الأحيان كانت تزدان التمائم والأحجبة بالطلاسم السحرية التي لا يفهمها إلا المتمرسين في السحر،وتزدان بعض التحف بزخارف الكواكب والأبراج الفلكية، وغيرها من الزخارف الهندسية والألوان وزخارف الكائنات الحية والخرافية.

وكشف أنه هناك فرق في تعريف التمائم والأحجبة،فالتميمة ما يحمله الإنسان في مكان ما بغرض الوقاية من مكروه أو دفع شر العين،ويعتقد مقتنيها أنها تحميه من السحر والحسد،وأن لها القدرة علي درء الشر وإبعاد السوء،وتُطلق على أي نوع من الطلاسم أو الكتابات السحرية التي توصف بأنها ذات قوى خارقة،أما الحِجاب عبارة عن الكِتابات السحرية أو الأدعية أو العبارات الدينية لتحقيق الأغراض،ويطلق عليها أيضًا كلمة "تحويطة"،وقد يحمل آيات مُعينة من القرآن وأسماء الله الحسنى وأسماء الملائكة والجن والأنبياء والرسل أو الأولياء المشهورين ويختلط به تركيبات عديدة وأرقام وأشكال هندسية .

وعن موقف الإسلام من التمائم والأحجبة،قال أن أراء العلماء تفاوتت ما بين التحريم المُطلق وجواز التعليق،ومن قال منهم بالإجازة كانت أدلتهم ضعيفة ومردود عليها،والراجح عدم جواز تعليق التمائم وذلك لقوة الأدلة المؤكدة على التحريم،ولما فيها من حماية التوحيد من أي شائبة،واستند أصحاب التحريم المُطلق على ما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" إن الرقى والتمائم والتوله شرك"،وكان ابن مسعود وأصحابه يكرهون التمائم كلها من القرآن وغيره.

واضاف الباحث:هناك تمائم وأحجبة تحمل آيات قرآنية وأدعية نبوية،ومنها مصاحف صغيرة الحجم تُعلق أحيانًا في الرقبة،وآيات قرآنية تُكتب في قطع ذهبية أو فضية وغيرها تُعلق في أعناق الصبيان وعلى السيارات وغيرها،وهذا النوع من التمائم هناك علماء أجازوه،واستندوا في ذلك على ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" من تعلق شيئًا وكل إليه "،واستندوا ايضًا بما جاء عن عائشة - رضي الله عنها- قالت:التمائم ما عُلق قبل نزول البلاء وما عُلق بعده فليس تميمة"،واستندوا كذلك بما ورد عن - عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- من تعليقه التمائم على أولاده.