النقابه ليست الحل

لكل مهنة سماتها وخصائصها المميزة لها وتختلف القواعد والاصول المنظمة لكل مهنة عن الاخرى ، ويصبح الامر مساراً للجدل بين المتمسكين بالخروج عن المألوف لطبيعة وسمات المهنة التى ينتمون اليها وبين الرافضين من زملائهم لهذا الخروج ويأتى هذا الحديث لمناقشة ماطالب به عدد من ضباط الشرطه بتكوين نقابة خاصه بهم تدافع عن حقوقهم فى مواجهة وزارة الداخلية ، وعندما يتعلق الامر بمهنة اساسية لاغنى عنها لاى مجتمع وهى الامن فان ذلك الأمر يتطلب الدراسة الموضوعية لضمان الموائمة بين صالح المهنه وحقوق العاملين بها ودون اصطدام بالقوانين الوطنية والدولية التى تحكم تكوين النقابات المهنية ، اما عن الصعيد الداخلى ، فاولاً نعلم أن النقابة عبارة عن تشكيل عمالى فى منشئة معينة وفق قانون محدد يتم الاتفاق عليه فى اطار هيئة تأسيسية يتم انتخابها تتمتع بصلاحيات مستقلة تمكنها من تنفيذ اهدافها ، والعمل النقابى هو ممارسة يومية تحدث فى اطار التشكيل النقابى بهدف تحسين اوضاع العاملين فى مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وباتباع كافه الوسائل الحقوقية وعلى رأسها حق الاضراب كوسيلة ضغط لتنفيذ المطالب ويتفق النقابيون على ان العمل النقابى يعد فى اساسه عملاً ثورياً من اهم مقومات نجاحه استخدام الاضراب كوسيلة ضغط على صاحب العمل ومواجهته فى حين نجد قوانيين الوظيفة العامة توجب على الموظف العام الذى يتم تعيينه ان يقبل احكامها واوضاعها المختلفه ومن اوليات هذه الاوضاع الخضوع للواجبات التى تفرضها عليه الوظيفة واولها اداء العمل والالتزام بالقوانين واللوائح الخاصة به وهذه القواعد تتعارض مع حق الموظفين فى الاضراب والامتناع عن العمل ولكنها هى الاسلوب الامثل لفرض التفاوض والضغط على المسئولين لتحقيق الأهداف وهذا لايتصور حدوثه فى جهاز الشرطه نظراً لطبيعه العمل الامنى الخاصة .
ثانياً لايخفى على احد ان هيئة الشرطه لها قانونها الخاص وهو القانون رقم 109 لسنة 1971 وتحظر الماده 43 على الضابط مباشرة عمل اخر غير العمل الامنى، فهل القائمون على هذا العمل النقابى سوف يستقيلون من وظائفهم ام انهم لايعترفون بقانون هيئة الشرطة الذى تم تعيينهم فى وظائفهم وفقاً له .
ثالثاً يشترط قانون النقابات المهنيه رقم 35 لسنه 76 لممارسة مهنة معينة ان يحصل صاحبها على موافقه النقابة المهنية المختصة على مزاولته لتلك المهنة وفقاً للشروط التى تحددها النقابة ومعنى ذلك ان يكون الاشتراك فى عضوية تلك النقابة إجباريا لجميع أصحاب المهنة الواحده فهل جميع ضباط الشرطه سوف ينضمون الى تلك النقابة او على الاقل القائمون على هذا الامر هل يعبرون عن جميع الضباط ؟ تبين من استطلاع آراء الضباط أن الغالبية العظمى منهم لايرحبون بهذا الامر ويطرحون بدائل اكثر ملائمة يمكن تكوينها وتحقق الهدف الذى يسعى اليه الجميع ولكن بصوره لائقه بتلك المهنه ، كتفعيل دور النادى العام لضباط الشرطة ليكون على غرار نادى القضاة ، ونادى الدبلوماسين ، لانه مع احترامنا الشديد لجميع المهن فان مهنة الامن لا يجب مساواتها بباقى المهن المختلفه فهى المهنه التى تحمى هيبة الدولة ويجب ان تتحقق مطالب اصحابها بالاسلوب والوجه اللائق بها .
رابعاً هل وزارة الداخلية لايوجد بها من الادارات والقطاعات التى تقدم ذات الخدمات التى سوف تقدمها النقابة المراد انشاؤها ؟
المعروف ان بوزارة الداخليه قطاعات وادارات عامة تختص بتقديم اوجه الرعاية المختلفة لضباط الشرطة فعلى سبيل المثال يوجد قطاع الخدمات الطبية الذى يختص بتقديم الرعاية الصحية لاعضاء هيئه الشرطة ، وادارة الاندية والفنادق لتقديم اوجه الرعاية الاجتماعية لضباط الشرطة واسرهم ، وايضاً ادارة العلاقات الانسانية وادارة التأمين والمعاشات وجميعها يعمل فى مجال الرعايه الكامله للضباط فى ظل متابعة من اجهزة رقابية من قطاع التفتيش والرقابة والامن العام ، لمحاسبه المقصرين والمتقاعسين ويستطيع اى ضابط متضرر من عدم حصوله على الرعايه اللازمة تقديم شكواه الى تلك الجهات للمطالبة بحقوقه .
خامساً لايوجد فى قانون النقابات المهنية ما ينص على حق العاملين فى هيئات الشرطة والقوات المسلحة والقضاء بتكوين نقابات خاصة بهم بل حدد المهن التى لها الحق فى ذلك على سبيل الحصر ، ولا النقابة الوليدة ستكون فوق القانون ، اما من الناحية الدولية فلا خلاف على تأكيد المواثيق والاتفاقيات الدوليه على الحق فى تكوين النقابات العماليه والمهنيه وتعد اتفاقيه الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم 78 لسنة 1948 المرجع الاساسى لمنظمة العمل الدوليه فى مجال الحمايه النقابية حيث نصت الماده ( 9 ) من تلك الاتفاقية على حق التشريعات الوطنية بتحديد مدى سريان الضمانات الواردة بالاتفاقية على القوات المسلحة والشرطة ويعنى ذلك ان الاتفاقيات الدوليه تترك تقدير حق تكوين النقابات للعاملين بالقوات المسلحه والشرطه للتشريعات الوطنية وهى كما ذكرنا خالية من هاتين المهنتين ، والقول بوجود دول كثيرة بها نقابات شرطية لايتفق مع الواقع المصرى نظراً لاختلاف طبيعة ومفهوم جهاز الشرطه فى مصر .
فيا رجال الشرطه الاوفياء لا أحد يعارض المطالب المشروعة ولكن يجب ان تتم بالصورة اللائقة بكم وبمهنتكم الجليلة وبما لايؤدى بمصادمات ضد الواقع القانونى والطبيعة المألوفة لجهاز الشرطه وعليكم المطالبه بتفعيل الاليات الموجوده بالوزاره لتحقيق الاهداف المنشوده خلف الوزير المحترم الذى فرض رؤيته واسلوبه لاستعادة الامن وهيبة رجاله ويدعمه فى ذلك شعب مصر .