الأمريكان رعاة الــ.."حقوق الإنسان"

الصحافة الأمريكية
تبرر مجزرة إنسانية حدثت في أفغانستان في ديسمبر الماضي، قام بها جندي أمريكي يبلغ من العمر 38 عامًا برتبة رقيب بإطلاق النار بشكل عشوائي في مدينة قندهار دون أي مبرر فقتل مدنيين أفغان بلغ عددهم 16 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال.
والإعلام الأمريكي يتحدث بتبريرات غير منطقية مثل.. مشاكل عائلية.. وإدمان الكحول.. والإجهاد و..؟ ما هذا؟
رغم أن محامي الجندي المتهم جون هنري برون قال: "لم يسبق وقال شيئًا عدوانيًا عن المسلمين.. ولم يقل شيئًا عن عدوانية الأفراد في منطقة الشرق الأوسط. إنه، بشكل عام، شخص معتدل تمامًا".
وتم ترحيل الجندي في سرية تامة إلى الكويت ومنها إلى أمريكا وذلك عندما طلب البرلمان الأفغاني بإجراء محاكمة علنية للجندي رغم توالي الاعتذارات الأمريكية، والوعود بتحقيق عاجل في الأمر، الغريب أن تلك الجريمة جاءت بعد أيام قليلة من واقعة تدنيس المصحف الكريم في قاعدة باغرام، وقبل ذلك حادث جنود البحرية الأمريكية الأربعة، الذين كانوا يخدمون بولاية هلمند في أفغانستان وظهروا في تسجيل مصور وهم يتبولون على جثث مقاتلين من حركة طالبان في أفغانستان، حيث كان أحد القتلى على الأقل غارقًا في الدماء، ويُسمع في التسجيل صوت أحد الجنود وهو يقول: "يوم عظيم، يا صديقي".
واقعة يصعب تفسيرها الإنساني.
ولم يتم الإفصاح عن هوية الجنود الأربعة إلا أنهم من كتيبة "المارينز" النخبة الأمريكية وقاموا بالخدمة في عدة أماكن منها العراق وأفغانستان وخليج جوانتانامو، الأمر إلى يزيد علامات الاستفهام، ويصعب تفسير الأمور.
وقال الجنرال "جون ألين"، قائد القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان "إن هذه الأفعال تتعارض مع كل ما يعمل من أجله الجيش الأمريكي، وهى لا تعكس بأي صورة المعايير العالية والقيم الأخلاقية لأنها فعل وحشي".
أما المراقبون فيرون أنها تهمة تصل إلى حد انتهاك اتفاقية جنيف الأولى، والتي تكفل معاملة كريمة للموتى، كما يمكن أنها تعد انتهاكًا للقانون الموحد للقضاء العسكري الأمريكي، لأنها تشويه لسمعة القوات المسلحة الأمريكية، ويصل مجموع الجنود الأمريكيين على الأراضي الأفغانية إلى نحو تسعين ألف جندي.
وليست هذه المرة الأولى التي تنتهك فيها حقوق الإنسان على يد الأمريكان، ولن تكون الأخيرة لأنهم متمرسون في هذا رغم إصرار الإدارة الأمريكية والبنتاجون على أن الإساءات الأمريكية هى ممارسات فردية من قبل مجموعات محدودة من الجنود الأمريكيين في العراق أو أفغانستان، أو أي مكان يظهر مستقبلاً.
ولكنّ المتخصصين المنصفين يرون أن الأمر يتعدى ذلك بكثير وأنه من الضروري محاسبة المسئولين عن ذلك بما فيهم كبار الضباط، خاصة مع تكرار ذلك.
وما يصل إلى العالم من انتهاكات جرائم ضد الإنسانية أقل بكثير مما يخفيه الأمريكان أنفسهم، وقليل من يجرؤ ويتحدث عن ذلك، ومن هؤلاء المخرج البريطاني "مايكل وينتربوتم" الذي قام بفضح بعض التجاوزات الأمريكية بمعتقل "جوانتانامو" من خلال فيلمه الوثائقي "الطريق إلى جوانتانامو" الذي عرض بمهرجان برلين السينمائي الدولي.
وناقش الفيلم جانبًا من الانتهاكات الإنسانية التي قامت بها أمريكا تجاه المعتقلين في "جوانتانامو" الواقع في كوبا بعد حرب أمريكا على أفغانستان، حيث يصور الفيلم قصصًا حقيقية حدثت لثلاثة مسلمين بريطانيين اعتقلوا في ذلك المعتقل لمدة سنتين لمجرد الاشتباه بهم في جرائم إرهابية ومن دون توجيه اتهامات لهم أو حتى محاكمة عادلة.
وكان الثلاثة قد قبض عليهم عام 2001 بينما كانوا يحضرون حفل عرس في باكستان، وتم الزج بهم في جوانتانامو عام 2002 وأطلق سراحهم في مارس 2004 بعد ضغط من الحكومة البريطانية.
ويتناول الفيلم أيضًا الانتهاكات التي قام بها الجنود الأمريكيون داخل المعتقل من إهانة للقرآن الكريم وأيضًا إزعاج المساجين أثناء الصلاة بالموسيقى الصاخبة "الروك".
ولا نجد مثالاً أوضح من شهادة "الجنرال جانيس كاربينسكي"، التي كانت مسئولة عن إدارة السجون الأمريكية في العراق، حول الانتهاكات الإنسانية من تعذيب واغتصاب وإذلال وحرق للمصحف بسجن أبو غريب بالعراق حيث أكدت أن تلك الانتهاكات فى طريقة الاستجواب جاءت على نفس النسق الذي استخدم في معتقل "جوانتانامو"، وذلك في الوقت الذى أكد فيه وزير الدفاع الأمريكي "دونالد رامسفيلد" دائما أن واشنطن تتمسك باتفاقية جنيف لأسرى الحرب والقوانين الأمريكية التي تحظر التعذيب.
وكانت "كاربينسكي" قد صرحت لـ "بي بي سي" بإن قرار السلطات العليا قال بحتمية معاملة السجناء مثل.. "الكلاب".
وأضافت أن القائد الأمريكي الأعلى في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز يجب أن يُسأل عما إذا كان قد علم شيئًا عن تلك الانتهاكات. وكانت الجنرال "كاربينسكي" مسئولة عن وحدة الشرطة العسكرية التي أدارت سجن أبو غريب وسجون أخرى عندما ارتكبت الانتهاكات. وتم إيقافها عن العمل لكنها لم تتهم.
وقالت الجنرال "كاربينسكي" إن الاستخبارات العسكرية أدارت جزءًا من سجن أبو غريب لاستجواب العراقيين بنفس الطريقة التي جرت في معسكر الاعتقال في خليج جوانتاناموا بكوبا.
وأضافت أن مدير السجون العراقية الحالي الميجور جنرال جيفري ميلر، الذي كان مسئولاً عن خليج "جوانتانامو" زارها في بغداد وقال: "تعلمنا في جوانتانامو أن السجناء يستحقون كل ما يحدث لهم، وقال إنهم مثل الكلاب، وإذا سمحت لهم بالاعتقاد أنهم أكثر من ذلك ولو بدرجة بسيطة فمن ثم ستفقدين السيطرة عليهم".
بهذا الوصف نعلم كيف يفكر الأمريكان رعاة.. حقوق الإنسان فى الآخرين.
ختامًا تحية للقضاء الألمانى الذى حكم بالسجن مدى الحياة على قاتل شهيدة الحجاب المصرية الدكتورة "مروة الشربينى".
[email protected]
[email protected]