قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كلنا «مينا ماهر قلدس»


مينا لم يكن رجل سياسة.. لم يحلم بكرسي أو منصب أو ثروة.. لم يعرف معني كلمة برلمان.. لكنه سمع منذ كان في السادسة من عمره كلمة ثورة وكيف لا يعرفها وهي الكلمة التي أفقدته طفولته التي ضاعت وهو مختبئ مثل معظم أبنائنا من الانفلات الأمني والأخلاقي الذي وقعت مصر في براثنه بعد 25 يناير 2011.. ذلك اليوم الذي فقد في ذكراه الرابعة حياته!!!
مينا ماهر قلدس -10 سنوات- ذهب للقداس في كنيسته بالمطرية وفي طريق العودة أصابته رصاصات الغدر والخسة الإخوانية.. رصاصات الطموح الجامح لبعض قوي 25 يناير الوصولية الانتهازية التي شاركت الإخوان في بعض جرائمهم في هذا اليوم المشؤوم الذي تحول ليوم للدماء المصرية!!!
الدماء التي أصبحت تغرق الأسفلت في كل مكان في المحروسة لا لشيء إلا للتأكيد علي أن نكسة يناير ثورة ليستمر أربابها في امتصاص دم الشعب والدولة المصرية باسمها.. بالإضافة للصراع والتكالب علي السلطة والمناصب والشهرة والنفوذ.. هذا الصراع الذي لم يكن "مينا" جزءًا منه لأنه كأي طفل لم يكن يحلم إلا باللعب والاختباء آخر اليوم في حضن والدته وشقيقته بعد أن فقد والده.. مينا لم يكن يريد إلا أن يعيش ووالدته لم ترد من مصر أكثر من حمايته واحتواء أحلامه البسيطة ليصبح رجلها وعكازها في المستقبل!!!
رحل "مينا" مثلما رحل علي مدار الأربعة أعوام السابقة العشرات من الأطفال والمئات من رجال الجيش والشرطة ومعهم المئات من المدنيين الأبرياء.. الذين تجرأوا علي مجرد الحلم بالحياة.. الحياة التي يبدو أنها أصبحت صعبة المنال علي البسطاء في هذا البلد الظالم سياسيوها ونشطاؤها وثوارها !!!
البلد الجاحد الذي صار مواطنوه درجات.. مواطن درجة أولي وهم رجال ونساء وأطفال 25 يناير.. ويليهم حلفاؤهم وشركاؤهم في الميدان وعصر الليمون من الإخوان ثم بعد ذلك يأتي العبيد المناكيد من الشعب ومن بينهم مينا وغيره.. فمن مات من مواطني الدرجة الأولي فهو شهيد إجباريا وكل وسائل الإعلام وجمعيات حقوق الإنسان والسياسيون في الداخل والخارج ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي يدافعون عنه وعن حقه في الحياة ويتهمون الدولة والشرطة والنظام ولا مانع لديهم من اتهام الشعب نفسه بالمشاركة في جريمة قتله.. ولتذهب مصر للجحيم مقابل الروح الثورية المسالمة الطاهرة التي تتم المتاجرة بها بصورة مذهلة لفرض شروطهم وطلباتهم علي الدولة المصرية!!
أما مينا وأمثاله من مواطني الدرجة الثانية فهم أرواح لا تجد من يترحم عليها أو يطالب بالثأر لها لأنها لا تملك أبواقا إعلامية تتحدث باسمها وتسترزق من خلفها.. وتنتهي قصة هؤلاء الضحايا غالبا بخبر صغير أو حتى كبير في بعض الصحف ووسائل الإعلام وكفي الله الثوريين الأفاقين شر القتال من أجل دماء هذا الشعب.. لأن تلك الدماء لن تساعدهم في إلغاء قانون التظاهر ولن تساندهم في ابتزاز الدولة المصرية التي يبدو حتى الآن أن لها ذراعا تلوي منه!!
رحل مينا ومعه المجند محمد علي خلف بعد مقتل الناشطة شيماء الصباغ بيوم.. لكن عبيد الشعب من الغلابة والبسطاء غير الأسياد من الينايرجية.. لذا لم يهتم أحد بمينا أو محمد وسخرت معظم الأقلام والفضائيات نفسها للدفاع عن السيدة التي قررت بكامل إرادتها تحدي قوانين الدولة المصرية هي وحزبها وذهبت للتظاهر في وسط البلد بحجة وضع أكاليل الزهور علي النصب التذكاري- غير الموجود أصلا - لـ 25 يناير بميدان التحرير!!
حرمت السيدة من أداء مناسك الطواف بالميدان الحرام -كما قال احد سياسيي يناير- وانقلبت مصر رأسا علي عقب بحثا عن القاتل الذي يريده جميع أبناء يناير من الشرطة لأن هذا يحقق لهم مكاسب أكثر وتريده الشرطة بعيدًا عنها لأنها سئمت من المطاردة الإعلامية والسياسية لها بأكاذيب وافتراءات سياسيين وفوضويين لا هم لهم إلا هدم هذه المؤسسة ليتفرغوا من بعدها لهدم الجيش!!!
والسؤال: وماذا عن مينا وكل رفاقه الصغار والكبار من مواطني الدرجة الثانية في مصر.. ماذا عن قاتليهم.. ومن سيطالب بالقصاص لهم؟ ومن سيحمي غيرهم من الغلابة من نفس المصير؟ والسؤال الأهم: ماذا عن الدولة المصرية المهادنة مع القتلة والمحرضين علي القتل دون منطق وكأن هناك من يحمي قاتلي الشعب ورجال الأمن من الينايرجية الذين اعترفوا بمشاركتهم للإخوان في أحداث المطرية الدامية.. وبعضهم معروف بالأسماء للأجهزة الأمنية التي تبدو مغلولة اليد تجاه الينايرجية لا لسبب واضح إلا الخوف من إعلام وصحف بلا ضمير سخرت نفسها للدفاع عن القاتل وتجاهلت القتيل حتى لو كان طفلا مثل مينا!!!