قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

داعش يهدد أبو الهول!


بين
الإسلاميين والفنون حالة من الكراهية وصلت لحد التحريم، ومنذ أيام قام تنظيم "داعش" بتدمير مدينة نمرود بالجرافات، وهى أكبر
مدينة أثرية فى العراق، وبعدها أعلن زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي إنه مستعد
للمجيء إلى مصر وهدم أبو الهول والأهرامات بزعم أنها أصنام وبأن ذلك يتعارض مع
العقيدة الإسلامية.
فالإسلاميون يدعون لتحريم فن النحت، مع أن إنشاء كلية الفنون الجميلة جاء بناء على فتوى للإمام محمد عبده: "إن التماثيل حرام إذا كان الناس يعبدونها"، والحقيقة أن الحرام هو كل ما ورد تحريمه في القرآن الكريم، وكل الفتاوى التي تحرم ما لم يحرمه الله تعالى ليست صحيحة .
وقد أقرت منظمة اليونسكو في
عام 1972 اتفاقية
حماية التراث العالمي والتي تلزم الدول أعضاء الأمم المتحدة بالمحافظة على التراث ونقله
الى الأجيال التالية، ولكن الحركات الإسلامية صارت تهدد هذه الآثار وخاصة المنحوتة
منها، مثل ما حدث من حركة طالبان في أفغانستان حين هدموا تمثالا بوذا عام 2001 كما أتلفوا
التماثيل والرسوم الموجودة في متاحف أفغانستان.
فماذا سيحدث لآثار مصر؟، وهل
سيتم هدمها أو تشويهها؟، مثلما حدث في نوفمبر 2011 عندما وجد أهل الإسكندرية تمثال
إله الحكمة اليوناني زيوس وقد تم تلبيسه النقاب بفعل عناصر سلفية.
ونفهم
معاداة الإسلاميين للتماثيل من نص للمؤرخ
المصري المقريزي في القرن 15 : "أن سبب كسر الأنف والتشويه الذي يظهر
في وجه أبو الهول يرجع إلي تخريب شخص متعصب يسمى محمد صائم الدهر، في نحو عام 780
هـ بدعوى تغيير المنكرات، وظناً
منه أن هذا الفعل من جملة القربات والأعمال الصالحات"، وقد فعل ما فعله متأثراً
بفتوى لأبي حامد الغزالي والتي دعا فيها تلاميذه إلى تشويه ما تصل إليه أيديهم من
التماثيل لأن "مشاهدتها منكرة وغير جائزة"، مع أن الله تعالى لم يحرم التماثيل
أو باقي الفنون.
وفي قصة النبي ابراهيم : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا
آلِهَةً..) الأنعام 74 ، ( قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ) الصافات 95 ، ( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي
أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ) الأنبياء 52 ، فالنبي إبراهيم أنكر على قومه جعل التماثيل أصناماً معبودة.

وفي قصة النبي سليمان: (يَعْمَلُونَ
لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ..) سبأ 13 ، فالجن كانوا يصنعون له تماثيل تستخدم للزينة، ومن
هنا نفهم قوله تعالى: (..فَاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ..) الحج 30 ، فالتماثيل ليست حراماً في ذاتها على أن تظل مجرد تماثيل ولكن بدون عبادتها مثل ما قال النبي إبراهيم: (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا
وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا..) العنكبوت 17 ، فالكهنة يؤلفون الأساطير عن التماثيل لتصبح معبودة.
إن الفنون من مواهب النفس الإنسانية وهبة من الله تعالى تدعم بإيجابياتها الارتقاء بالذوق والسمو بالنفس، فمن أراد أن يستخدمها في إضافة قيم سامية وتحقيق رسالة إنسانية تهدف إلى الارتقاء بالمجتمع والناس فلا تحريم لعمله.
وعن آثار الأمم السابقة قال تعالى: ) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ
قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ..) غافر 21 ، لقد عاشت أمم سابقة عبدت الأصنام وبقيت أصنامهم ومعابدهم آثاراً مهجورة، ومع ذلك لم يأمر تعالى بتدميرها بل أمر بالسير فى الأرض والبحث في تلك الآثار للعبرة .
إن
المحرمات في كتاب الله استثناءات لقاعدة الحلال, والتحريم لا يحدده إلا الله
تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ
بِهِ اللَّهُ) الشورى 21 ، وأي اضافة للمحرمات تعتبر اعتداء على حق الله
في التشريع: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا
أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ) المائدة 87 .

فالأفكار
المتشددة جعلت من التدين أداة للتخلف والجهل نتيجة فقر الفكر والمعرفة، فالثقافة
الدينية بشكل عام تدفع الإنسان لعدم حب الجمال حتى لا يحب الدنيا مع أن الله يقول:
(وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) النحل 6 ، ومع أنه
ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله جميل يحب الجمال"، إلا أن المتشددين
اعتمدوا على تحريم الفنون بناء على ما وجدوه في بعض الروايات لأن ثقافتهم تقوم على
التحريم.

إن ثقافة التشدد
تتعارض مع الاستمتاع بالفنون، وبالتالي جعلوا الناس يعتقدون أن الدين ضد السعادة
وأن الله يمقت الضحك، حتى أن المتشددين عندما يضحكون يقولون اللهم لا تمقتني،
متوهمين أن الله يحب الحزن والكآبة مع أن الله تعالى يقول: (وَأَنَّهُ هُوَ
أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ) النجم 43 ، فهم يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون الطريق إلى
الجنة، وأن الدنيا مجرد جسر للآخرة وكل ما يثير عند الإنسان حب الدنيا يقلل من حب
الآخرة.