الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدروس المستفادة من «خطبة الوداع»

صدى البلد

تحل اليوم ذكرى خروج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من مكة متوجهاً إلى المدينة المنورة بعدما أتم مناسك الحج فى حجة الوداع التى تضمنت عدة توصيات من رسول الله إلى أمته، ورسم لهم المنهج الذى سيسرون عليه من بعده –صلى الله عليه وسلم- بعدما أعلن بأن آجله قد اقترب.
و خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في عرَفات في حَجَّة الوداع فيها مِن الدروس ما فيها، يشعُّ منها النور، فلو تدبَّرها المسلمون وعملوا بما فيها، لكانت سببًا لسعادتهم في الدنيا والآخِرة، ومن الدُّروس المُستفادَة مِن هذه الخُطبَة:

أن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم – أكدعلى حُرمة الدماء والأموال، ووضَّح لنا أن هذه الحُرمة وأنها حُرمةٌ عظيمة تُساوي حُرمة اليوم –عرفة-، والشهر –ذى الحجة-، والبلد –مكة-، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «لا يَحلُّ دم امرِئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنَّفس، والثيِّب الزاني، والتارك لدينه المُفارِق للجَماعة»، فقتْل النفس بغير حقٍّ حرام، فقد جاء في كتاب الله - عز وجل - قولُه تعالى: «وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ» [الأنعام: 151]، فقتْل النفس حرام بالكتاب والسنَّة.

ووضَع النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّ شيء مِن أمر الجاهلية أى قد أبطَل أمور الجاهليَّة ، فقال: «ألا وإنَّ كل شيء مِن أمر الجاهلية موضوعٌ تحت قدميَّ هاتَين»، فكل شيء مِن أمر الجاهليَّة باطل، حيث أبطل الإسلام الكِبر، والبطَر، ووأْد البنات -دفنهنَّ أحياء-، وفضْل لقبيلةِ كذا على قبيلةِ كذا، وأكد أنه لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح.

ودماء الجاهلية موضوعة، حيث بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أول دمٍ يَضعه دم ابن ربيعة، وأيضًا بيَّن أن الربا موضوع وباطل، وأول ربًا يضعه - صلى الله عليه وسلم - رِبا العباس بن عبدالمطَّلب؛ فالرِّبا باطل وحرام، والله - عز وجل - قد حرّم الربا؛ يقول تعالى: « وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا» [البقرة: 275]، ويقول تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» [البقرة: 278 - 279]، فهذا وعيد شديد لمَن لم يَنتهِ عن الرِّبا.

وأكد النبى على المُعامَلة الحسَنة مع النساء حيث يقول - صلى الله عليه وسلم-: «فاتَّقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتُم فروجهنَّ بكلمة الله»، فأمرنا النبي بتقوى الله في النساء، وعلَّمنا أن نؤدي الحقوق التي علَينا قِبَل النساء، وبيَّن لنا - عليه الصلاة والسلام - أن أصل الفروج حرام بقوله: «واستحللتُم»، ولا يحلُّ منها إلا ما أحله الله، حيث أحلَّ لنا تعالى الزواج مِن النساء، وأمَرنا رسوله بالإحسان إليهنَّ، في إطعامهن، وكسوتهنَّ، وأن يُعاشِروهنَّ بالمعروف؛ حيث يقول الله تعالى: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» [النساء: 19].

وقد بيَّن لنا النبي الكريم أن اعتصام المسلمين بالكتاب والسنَّة فيه النجاة مِن كل شرٍّ وسوء، فإذا أراد المسلمون الثبات على الهداية، فعليهم أن يتمسَّكوا بالقرآن والسنَّة، لأن فيهما سعادة مَن تمسَّك بهما في الدارَين

وبعدما بيَّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بيَّنه في خطبته، قال للصحابة: «وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟!، قالوا: نشهد أنك قد بلَّغتَ رسالات ربك، وأدَّيت، ونصَحت لأمَّتك، وقضيتَ الذي عليك، فقال بإصبعه السبابة، يَرفعها إلى السماء ويَنكتها إلى الناس: اللهم اشهَد، اللهم اشهَد»، ويشهد بذلك الصحابة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدَّى ما عليه، وما قصَّر في شيء.