مستقبل السلفيين السياسي
لم يظهر السلفيون على
المسرح السياسي المصري قبل يوم 9 أو 10 فبراير2011، أي قبل خلع الرئيس حسني مبارك
عن حكم مصر، وكان السلفيون قبل الثورة المصرية بكافة طوائفهم وتقسيماتهم يعتبرون
المشاركة في الانتخابات البرلمانية نوعآ من أنواع الشرك وذريعة إلى الكفر بالله
تعالى، استنادا إلى وجهة نظر تقول أن التصويت والأخذ برأي الأغلبية في سن القوانين
هو شيء مخالف للإسلام، الذي يجعل حق التشريع وسن القوانين لله وحده، لا لأغلبية
ولا لأقلية، فهو حكم برأي البرلمان وليس بما انزل الله .. ومن لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الكافرون.. وكان هذا سبب من أسباب خلافهم المعلن مع جماعة الإخوان
المسلمين .
وكان مجرد الانتماء إلى
حزب - ولو كان جماعة دعوية لا علاقة لها بالسياسة كجماعة التبليغ مثلا - يعتبر من
وجهة نظرهم شيئا مبتدعا منبوذا مخالفا لما كان عليه السلف الصالح، وهذا الكلام
منصوص عليه في فتاوى وأشرطة مرجعياتهم المعاصرة كابن عثيمين وابن باز والألباني
والفوزان وغيرهم من كبار مشايخ السلفية فى العالم العربي.
عدة أسباب لتراجع دور
الأحزاب السلفية فى المشهد السياسي المصري ومنها:
-1 عدم التجمع تحت تيار أو
حزب واحد فنحن نجد عدة أحزاب أشهرها النور ثم الأصالة ثم الفضيلة ثم الوطن وغيرها
من الأحزاب التى فى طور التأسيس و التشكيل وتفرق أبناء التيار بين أحزاب ومرجعيات
مختلفة كل ذلك أدى إلى عدم ظهور رأى وقرار محدد للتيار السلفى والأدهى من ذلك عدم
وجود كيان سلفى موحد سياسيا .
-2 تعتبر حرب الفتاوى
والتصريحات النارية التى أطلقها شيوخ السلفية سبب آخر فى تراجع دورهم السياسي
بداية من المهندس عبد المنعم الشحات وأرائه الصادمة تجاه الأقباط والنساء وتجاه
شهداء مذبحة بورسعيد وهناك العديد من الفتاوى والتصريحات النارية الأخرى التى كانت
صادمة من قبل طوائف واتجاهات عدة فى الشارع المصري قلقة من تصريحاتهم فى مجال
تحريم الفن والتمثيل وحرية الإبداع وأبرز ملامح هذا الاختلاف هو الحرب الدائرة بين
المحامى السلفى ممدوح إسماعيل والمخرج خالد يوسف.
-3 أرى أن من أهم مشكلات
التيار السلفى هى اعتماد الذراع السياسي لهم على كبار مشايخه وأنهم هم الدعاة
لدعوة المصريين للدخول فى أحزاب تعبر عنهم والإشكالية هى عدم تفهمهم لمعنى وحقيقة
الديمقراطية، وقد ترتب على ذلك حالة من الخلط فى تفسير معنى الديمقراطية
والليبرالية والعلمانية، واختلف شيوخ التيار فى تعريفات مختلفة للديمقراطية
والليبرالية أدخلت الشارع المصري فى حالة من تخبط المفاهيم وعدم وضوح الحقيقة وأن
الديمقراطية علمانية والعلمانية كفر وبالتالى شعر المواطن أن الديمقراطية لدى
التيار السلفى ليست محددة الملامح، والدليل على ذلك ترشح مشايخ كثيرة فى انتخابات
الشعب والشورى الأخيرة .
-4 عدم وجود تيار قوى داخل
التيار السلفى يعمل فى الشارع السياسي بحرفية ومهانية عالية عبر استقطاب جيل جديد
من الشباب وتوضيح حقيقة ومعنى وجوهر التيار السلفى حتى تتضح حقيقتهم وأنهم ليسوا
فزاعة وتيار يختفى وراء اللحى والجلباب وعليهم العمل على توعية سياسية حقيقية وأن
السياسة تتطلب تطور فى الأداء المهنى واتخاذ أحدث الأليات السياسية ونشر مفاهيم الديمقراطية
وأن الإسلام دين شورى والشورى فى جوهرها هى الديمقراطية الحقيقية .
-5 الأداء البرلمانى المتخبط
والمخزى للأحزاب السلفية التى أشعرت الجميع بعدم وجودها سياسيا سوى فى تصرفات
فردية كواقعة الأذان وواقعة عدم الوقوف دقيقة حداد على وفاة البابا شنودة وشهداء
سيناء وحتى مشاركتهم فى القوانين هزيلة عبر قانون لمكافحة العري وقانون حد الحرابة
وغيرها من الاقتراحات وهنا تساؤل آخر هل هذا لحداثة عدهم بالسياسة أم هى رؤيتهم
ووجهة نظرهم لمستقبل مصر الاهتمام فقط بتطبيق الشريعة الإسلامية .
-6 السقوط إعلاميا عبر أسئلة
شائكة وبرامج وإعلاميين إستطاعوأ إستدراج بعض قيادات ونواب السلفيين مما أدى لحالة
من نقل صورة خاطئة عنهم أو على الأقل تشوية صورتهم إعلاميآ حتى أن متحدثهم
الإعلامى نادر بكار يخرج دائمآ للإعتذار من أخطاء وتصريحات وأفعال بعض أصحاب
التيار السلفى ومنها أن فلان ليس منهم وأنة ليس متحدثآ عنهم وغيرها من حالة
التشكيك والتخوين التى تسبب حالة من البلبلة لدى المواطن المصري فهل هذا حداثة
سياسية منهم أم إستخدامهم كفزاعة جديدة فى الشارع السياسي المصري .
-7 عدم وضوح المواقف والرؤى
داخل التيار السلفى مثلا لا أحد يعرف رؤيتهم لقضايا مصر الحقيقية مثل البطالة
والتضخم وأزمة الأمية وأمن مصر القومى والسياسة الخارجية لمصر حتى أن الاتهامات
التى وجهت لهم بتلقى تمويلات من الخليج وأن مرجعيتهم لبعض مشايخ وجهات خليجية وكل
هذة الإشكاليات تؤدى لعدم شعور المواطن أن التيار السلفى لا يقدم جديد فى الحياة
السياسية المصرية .
-8 الكل فى مصر يتسائل
لماذاكانت الأحزاب السلفية توافق دائمآ على كل صفقات وقرارات حزب الحرية والعدالة
الذراع السياسي لجماعة الإخوان حتى أن المواطن المصري أصبح يشك فى أن الأحزاب
السلفية هى مجرد أداة لجماعة الإخوان ولا تستطيع فعل شيء إلا بموافقة التيار
الإخوانى وهذا كان صادمآ جدآ للشارع المصرى الذى كان يتمنى ظهور تيار سياسي قوى
ينافس جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الليبرالية الأخرى .
-9 عدم وجود هيئة موحدة أو
رئيس أو مرشد للأحزاب السلفية كما يوجد داخل جماعة الإخوان فالمرشد العام للإخوان
المسلمين هو القائد العام والأب الروحى لكل الإخوان فى مصر ينظمهم ويرشدهم فى كل
تحركاتهم السياسية وهذا من الأخطاء القاتلة للتيار السلفى فى مصر .
-10 عدم معرفة الشعب المصري
لحقيقة تمويلات التيار السلفى بشركاتة وقنواتة وما مصادر الإنفاق على أحزابهم
وممارساتهم للاستحقاقات السياسية والتى تقدر بالملايين وهذة نقطة ضعف يجب عليهم أن
يطرحوا علينا إجابات حول حقيقة تمويلاتهم وأرصدتهم المالية .
نتمنى للتيار السياسي
داخل الأحزاب السلفية التعلم من أخطاء الفترة الماضيةو أنهم قوة سياسية كبرى يجب
أن يكون لها استقلالية فى قراراتها وعليها تبني رؤية إصلاحية حقيقية لمستقبل مصر .