قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

لَيالي نادي الْمُوَظَّفينَ شعر : د. محمد جمال صقر


شعر : د. محمد جمال صق

لَمْ أَكُنْ أَقولُ حينَ أَطْرَبُ إِلّا : اللَّيْلُ حَبيبي ؛
فَقَدْ كانَ يَغْذوني أَنا ،
وَيَسْهَرُ عَلَيَّ أَنا ،
وَإِنْ بَدا لِسائِرِ النّاسِ أَنَّه يَغْذوهُمْ هُمْ ، وَيَسْهَرُ عَلَيْهِمْ هُمْ !
فَكَيْفَ لا تَدورُ بِيَ الدُّنْيا
وَقَدْ أَبْدى لِيَ اللَّيْلُ اللَّيْلَةَ مَلامِحَ لا يَسْتَحِقُّها إِلّا ابْنُ نَهارٍ نائِمٍ آثِمٍ ،
حَتّى شَكَكْتُ فيما آمَنْتُ بِه مِنْ بَصَرِه وَبَصيرَتِه !
أَلَسْتُ أَنا الَّذي وَثِقَ بِه اللَّيْلُ مِنْ قَبْلُ :
حَمَّلَني أَمانَتَه ،
وَأَيَّدَني بِمُعْجِزاتِه ،
وَأَطْلَقَني في الْآفاقِ ،
أَسْمَعُ لِلْآذانِ الصَّمّاء ،
وَأَرى لِلْعُيونِ الْعَمْياء ،
وَأَهْتَدي لِلْأَنْفُسِ الضّالَّةِ !
حَتّى اتَّخَذْتُ حَمْلَ أَمانَتِه سَبَبًا مُسْتَمِرًّا
إِلى تَكْفيرِ سَيِّئاتٍ لَمْ أَرْتَكِبْها بَعْدُ ،
وَتَهْذيبِ نَفْسٍ لَمْ أُشَعِّثْها بَعْدُ ،
وَتَأْليفِ قُلوبٍ لَمْ تَتَقَلَّبْ بَعْدُ !
وَلَقَدْ أَحْسَنَ بِيَ اللَّيْلُ إِذْ أَخْرَجَني مِنَ السِّجْنِ ؛
فَما خُلِقْتُ إِلّا لِأَمانَتِه ،
وَحَسْبُ الْإِتْقانِ أَنْ يَجْتَمِعَ لِعَمَلي بِرُّ اللَّيْلِ الَّذي أَنا فيهِ وَبِرُّ اللَّيْلِ الَّذي هُوَ فيَّ !
فَأَجْرَيْتُ نَفْسي وَحْدَها ،
فَلَمّا سَبَقَتْ سُرِرْتُ كَثيرًا ،
وَقَسَّمْتُ جائِزَتَها عَلى الْخَلاءِ ،
حَتّى إِذا لَمْ يَبْقَ مِنْها شَيْءٌ ، بَقِيَ مِنْها كُلُّ شَيْءٍ !
لَمْ أَغْفُلْ قَطُّ عَنْ طَبيعَةِ الْخَلاءِ وَلا عَنْ عادَتِه ،
وَلكِنَّني شُغِلْتُ بِغِناءِ الْبُلْبُلِ عَنْ دُكْنَتِه ،
وَبِانْسِيابِ الْحُبابِ عَنْ نَهْشَتِه !
صَدَحْتُ في الْخَلاءِ غِناءَ الْبُلْبُلِ ،
حَتّى رَفَعْتُ السَّماءَ ،
وَتَواجَدْتُ انْسِيابَ الْحُبابِ ،
حَتّى دَحَوْتُ الْأَرْضَ !
فَلَمْ يَصْبُغْ صُفْرَةَ الْخَلاءِ غَيْرُ دُكْنَةِ الْبُلْبُلِ ،
وَلا مَلَأَ خَواءَه غَيْرُ نَهْشَةِ الْحُبابِ ؛
فَاحْتَبى في الْعَدَمِ ،
ثُمَّ قَصَّ عَلَيَّ قِصَّةَ الْعُقوقِ !
بَقيتُ أَتْلو عَلى الْخَلاءِ ما قالَه فيَّ قَديمًا أَكْثَمُ بْنُ صَيْفيٍّ وَأَبو دُلامَةَ ،
وَما قالَه فيَّ حَديثًا مُصْطَفى كامِلْ وَعَبْدُ الْعَزيزِ الْبِشْريُّ -
كَما غَنَّيْتُ وَتَواجَدْتُ !
ثُمَّ صِرْتُ كُلَّما ضَرَبْتُ بِعَصايَ جَفَّتْ الْأَنْهارُ ،
وَكُلَّما نَفَخْتُ بِفَمي صَمَّتِ الْآذانُ ،
وَكُلَّما مَسَحْتُ بِيَدي عَمِيَتِ الْعُيونُ ،
وَكُلَّما دَعَوْتُ بِلِساني ضَلَّتِ النُّفوسُ !
ثُمَّ تَراكَمَتْ عَلَيَّ سَيِّئاتٌ لا يُكَفِّرُها الْماءُ وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ ،
وَتَشَعَّثَتْ نَفْسٌ لا تُهَذِّبُها أَذْكارُ الصَّباحِ وَالْمَساءِ ،
وَتَقَلَّبَتْ قُلوبٌ لا يُؤَلِّفُها تَرْغيبٌ وَلا تَرْهيبٌ !
لكِنْ ما ذَنْبي في خِيانَةٍ باغَتَتْني مِنْ مُسْتَقَرِّ الْأَمانَةِ ،
وَعُبوديَّةٍ بَهَرَتْني بِتاجِ الْحُرّيَّةِ ،
حَتّى يَنْزِعَ عَنّيَ اللَّيْلُ أَمانَتَه ،
وَيُغْلِقَ عَلَيَّ آفاقَه !
--------------------------------------------------------------------------------
2
لَمْ يَغْضَبِ اللَّيْلُ غَضْبَةً قَصَمَتْ مِنْ قَبْلُ ظَهْري
كَما أَرى قَصَمَتْ
حَدَّقْتُ في وَجْهِـه
فَيا عَجَبًا لِوَصْـمَةٍ لا تَخْتـارُ مَنْ وَصَـمَتْ
كُنْتُ شَـرارَ النُّجومِ
يَسْجُمُني اللَّيْـلُ عَمـيمًا
وَمُزْنَةً سَـجَمَتْ
خَلَـعْتُ عَـنْ كاهِـلي زَخـارِفَه تَأَمُّـلًا أَنْ أُحـيلَ ما أَثِمَـتْ
وَأَعْجَبَتْني نَفْسـي
فَما اخْتَزَنَتْ خَزائِنُ الْعُمْـرِ مِثْلَ ما اقْتَسَـمَتْ
غَدَوْتُ قَبْـلَ الطُّيـورِ أَبْطَنَ ما كُنْتُ
بَذولًا
كِفـاءَ ما ابْتَسَـمَتْ
وَقُلْتُ رَفِّهْ عَنْها
فَقَدْ يَئِسَـتْ مِنْ جَشِـعٍ لا يَصونُ ما قَسَـمَتْ
وَقَفْتُ بَيْنَ الْخَشـاشِ كَالْقَصَبِ الْأَجْوفِ
أَهْذي
يا ضَلَّ ما فَهِمَتْ
أَكْثَرْتُ حَتّى أَهْجَرْتُ
وَاحْتَدَمَتْ عَلَيَّ قَبْـلي
يا لَيْتَهـا احْتَكَمَتْ
أَكَلْتُ لَحْمي
فَهَلْ عَلى جَشِـعٍ ضَيْرٌ إِذا ما افْتَرَسْتُ ما الْتَحَمَتْ
وَرُحْتُ بَعْدَ الطُّيورِ أَخْمَصَ ما صِـرْتُ
هَلوعًا
جَزاءَ ما انْتَهَمَتْ
أَنا إِمامُ الْأَغْرارِ
أَنْهَـجُ ما ضَـلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحْبـارُ وَاخْتَصَـمَتْ
سَـفاهَةُ الْبَثِّ مَذْهَـبٌ
كَتَمَـتْ رِجالُه عَنْ سِـوايَ ما