الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أثري: قناة السويس فكرة مصرية أصيلة.. والمصريون القدماء سبقوا شعوب العالم في التقدم العلمي

صدى البلد

أكد الدكتور حسن محمد سليمان، مدير عام الإدارة المركزية للوجه البحري بوزارة الآثار، أن المصريين القدماء سبقوا غيرهم من شعوب العالم القديم بتقدمهم العلمي الصارخ في شتى المجالات، مشيرا إلى أن إنشاء قناة السويس هي فكرة مصرية أصيلة.
وقال سليمان، في تصريح له اليوم، السبت، إن فكرة إنشاء قناة السويس القديمة في القرن الـ19 لم تكن سوى ترجمة لفكرة وعمل مصري قديم دعمها مصالح اقتصادية لبعض الدول الأوروبية، موضحا أن مصر القديمة عرفت التجارة البحرية في صورتها الاقتصادية المجردة، مضيفا: "لم تكن رحلة الملكة حتشبسوت إلا ترجمة لذلك، وربما كان هناك قناة مائية بصورة ما استخدمتها حتشبسوت فى رحلتها".
وأكد أن فكرة التجارة البحرية تطورت لدى الملوك المصريين، وبشكل واقعي لدى الملك سنوسرت الثالث (1850ق. م)، الذي يعد واحدا من أهم ملوك الأسرة الـ12 في الدولة الوسطى، موضحا أنه "أراد أن يربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وهي نفس فكرة قناة السويس بكل أشكالها، إلا أنه أراد أن يستفيد من وجود نهر النيل، لتقليل التكفة وتوفير الجهد أو ربما إمكانيات الدولة في عهده لم تكن تسمح بحفر قناة السويس الحالية".
وقال مدير عام الإدارة إن هذا الملك العظيم قام بإنشاء أول قناة مائية تربط ما بين البحرين المتوسط بالأحمر من خلال نهر النيل عن طريق قناة أُطلق عليها قناة "سنوسرت" أو قناة "سيزوستريس"، وهي التسمية التي أطلقها الإغريق على الملك نفسه كواحد من أسماء اللغات السامية، مشيرا إلى أن هذه القناة كان لها دور اقتصادي في زيادة حركة التجارة بين مصر ودول أوروبا، وتعزيز الثقافة بين مصر وآسيا، ومساعدة المصريين في الحروب ضد أعدائهم.
واستطرد قائلا: "عندما جلس الملك نكاو الثاني على عرش مصر، وهو أحد ملوك الأسرة الـ26 التى أبدت اهتماما كبيرا بالعلوم والفنون كمحاولة لإحياء النهضة المصرية، اهتم بالنواحي الجغرافية، حيث جهز أسطولا بحريا قام بالدوران حول أفريقيا لأول مرة في التاريخ، ونتج عن ذلك قيامه بحفر قناة تربط بين النيل والبحر الأحمر مباشرة في عام 610 ق. م".
وقال الخبير الأثري إنه "مع دخول البطالمة مصر زاد اهتمامهم بالنقل البحرى نظرا لأهميته كوسيلة لربط بلادهم بالشرق، وحاول بطليموس الثانى توسيع قناة داريوش او نكاو الثانى لكن دون جدوى عام 285 ق. م، وبقيت القناة القديمة كما هي كوسيلة لربط البحرين، وأثناء الحكم الروماني، الذي اهتم بزيادة موارد مصر الاقتصادية حتى يعود على بلادهم بالخير الوفير، قام الامبراطور تراجان بتطهير مجرى القناة القديمة عام 117 ق. م، وأنشأ فرعا جديدا للنيل يربط القاهرة بمحافظة الشرقية ربما متصلا مع الفرع القديم الموصل للبحيرات المرة، أو على غرار ذلك الفرع وظلت هذه القناة مزدهرة أكثر من 300 عام ثم أهملت بمرور الوقت".
ولفت إلى المشروع الإسلامي العظيم، الذى عرف بقناة أمير المؤمنين نسبة إلى سيدنا عمر بن الخطاب عام 642م، عندما قام عمرو بن العاص، والى مصر وقتئذ، بإعادة حفر وتطهير وتوسيع قناة تراجان أو الفرع الذى يربط بين القاهرة والسويس، وخلال قرن ونصف القرن ازدهرت التجارة بحريا بين شبه الجزيرة العربية ومصر وأفريقيا، خاصة الشمال الأفريقي، حتى أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بردم القناة من ناحية السويس ليسد الطريق على أي إمدادات مصرية لأهالي مكة والمدينة أثناء ثورتهم ضد الحكم العباسي.
وأكد المسئول بوزارة الآثار أنه بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح‏ أصيب الاقتصاد المصري وكثير من مدن إيطاليا بما يشبه الشلل، مما جعل أمراء تلك المدن يعرضون على السلطان الغوري فكرة حفر القناة القديمة لتربط البحرين الأحمر بالمتوسط، وذلك أثناء زيارتهم لمصر عام ‏1501‏م، ثم برزت الفكرة مرة أخرى أثناء الحملة الفرنسية على مصر، ورغم أن هدفها كان عسكريا، إلا أنها باءت بالفشل نظرا لوجود خطأ فى معاينة المهندس الفرنسى لوبير، والذي اعتقد أن مستوى البحر الأحمر أعلى من مستوى البحر الأبيض بحوالى 15 مترا.
وأضاف سليمان أنه أثناء حكم محمد على قام المهندس الفرنسى سيمونيين‏‏ بمعاينة الموقع سنة 1832‏، وتبين أن مستوى البحرين واحد ثم عرضت فرنسا فكرة حفر القناة ووافق محمد علي، شريطة أن تلتزم القوى العظمى بحيادية القناة، ‏كما اشترط أن يكون تمويل القناة بالكامل من الخزانة المصرية، إلا أن إنجلترا وفرنسا رفضتا شرطي الوالي المصري، ثم قام ديليسبس بعرض الموضوع مرة أخرى على صديقه سعيد باشا والذي وافق على الفور.
وأشار إلى أنه بدأ العمل في قناة السويس يوم 25 أبريل عام 1859، واستغرق حفرها حوالى 10 سنوات، رغم توقف العمل فى بعض الأوقات، وشارك في حفرها حوالى مليون ونصف المليون من المصريين، فى وقت كان تعداد المصريين فيه حوالى 4 ملايين نسمة أو يزيد قليلا، موضحا أن مصر فقدت ما بين 120 و125 ألفا من أبنائها أثناء الحفر نتيجة تعرضهم للجوع والعطش وإصابتهم بالأمراض المختلفة، حتى انتهاء العمل بها في نوفمبر 1869 في عهد الخديوي إسماعيل، حيث أقام حفلا مهيبا لافتتاح القناة للملاحة العالمية لأول مرة في التاريخ الحديث، حضره زعماء وملوك وأباطرة العالم وقتئذ.
وأكد خبير الآثار أن قناة السويس أصبحت أهم شريان ملاحي في العالم، ثم قام المصريون بالإنجاز الأكبر ليعيدوا حفر قناة بسواعد وتمويل مصري للمرة الثانية، إلا أن هذه المرة كان التحدى لهم هو إنجاز المشروع خلال عام واحد.