أغذية السعادة!

من منا لا يتمنى أن يعيش سعيدا، إننا لا نستطيع الاستمتاع بالحياة إلا عندما نشعر بالسعادة، فالسعادة هي هدف الجميع بغض النظر عن جنسيتهم أو ديانتهم أو المجال الذى يعملون به، كلنا نبحث عن أى طريق يشعرنا أننا سعداء سواء سعادة فى الحب، سعاده فى تحقيق هدف، سعادة فى زواج.
وكثيرون لا يستطيعون تحقيق أحلامهم للاصطدام بالواقع الذى يفرض علينا حدودا لتحقيق هذه السعادة المنشودة، فنجد هؤلاء الأشخاص يميلون إلى الهروب من الواقع، وبالرغم من أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان يسعى إلى الأمل والتفاؤل، فإنه قد تتأثر نفسية الإنسان، حيث تتكرر الإحباطات فى العمل أو الزواج أو العديد من الأسباب التي قد تؤدى إلى وصول الإنسان لحالة من الاكتئاب وعدم الرغبة فى الحياة.
الكثيرون من هؤلاء الأشخاص عندما يشعرون بحالة الاكتئاب أو عدم الرضا يلجأون إلى الطبيب النفسى حتى يصف لهم علاجا يحسن من مزاجهم، وأدوية الاكتئاب أو محسنات المزاج هي عبارة عن مركبات كيماوية تعمل على تعديل كيمياء المخ، حيث إن الاكتئاب يؤدى إلى عدم استطاعة الجسم إفراز هذه المركبات، والتى تفرز طبيعيا فى حالة أن يكون الإنسان غير مصاب بالاكتئاب، وأيضا يصاحب هذا الاكتئاب عادة عدم استطاعة النوم.
إن معرفتنا بطبيعة المرض، خاصة الاكتئاب، هي أولى الخطوات لعلاجه، وهذه الأدوية التى تحتوى على مركبات محسنة للمزاج تعمل على إعادة تعديل كيمياء المخ، فيشعر الشخص المكتئب بالتحسن التدريجى بعد عدة أسابيع من العلاج الصيدلى.
وفى بعض الأحيان يتطلب العلاج شهورا وسنينا لأن العلاج يعتبر مادة كيماوية لا يفرزها الجسم، فيحتاج باستمرار لإمداده بها من مصدر خارجى، لذلك فإن مرضى الاكتئاب يعانون من طول الفترة التى يتناولون فيها العلاج حتى تتحسن الحالة الصحية لهم، مع العلم أن مرض الاكتئاب من الأمراض المزمنة، والتى تعتبر من ثالث أسباب الوفاة على مستوى العالم بعد مرض السرطان وأمراض القلب.
إن الله سبحانه وتعالى يخلق لكل داء دواءً، والعجيب أن العلاج موجود فى الغذاء الذى يتناوله الإنسان يوميا، وهذه الأغذية تحتوى على مركبات تعمل على تحسين المزاج، وبعض المركبات الأخرى تتحول داخل جسم الإنسان إلى مركبات مضادة للاكتئاب.
كثير من الأشخاص الذين يمرون بنوبات من الاكتئاب والقلق بسيطة، يلاحظون أنهم خلال هذه الفترة قد يستيقظوا من نومهم ليلا ويذهبون إلى الثلاجة لتناول قطعة كيك أو مخبوزات وبعد تناولهم هذا الغذاء بعينه يشعرون بحالة من السعادة والاسترخاء ويخف التوتر.
وكان الاعتقاد قديما أن هؤلاء الأشخاص يشعرون بالجوع فيأكلون هذه الأغذية حتى يواصلوا نومهم بدون قلق، لكن الأبحاث فسرت ذلك، وجدت أن الأشخاص الذين يتناولون أغذية أخرى غير المخبوزات لا يشعرون بهذا التغير فى المزاج، وتوصلت إلى أن منتجات الحبوب تحتوى على نسبة عالية من مادة التربتوفان الذى يتحول داخل جسم الإنسان إلى مادة السريتونين، وهذه المادة عندما تصل إلى المخ تؤدى إلى إعطاء البهجة لأنها من المركبات التى تستخدم فى أدوية علاج الاكتئاب.
هذا أحد الأمثلة للعديد من المركبات المتواجدة طبيعيا فى الغذاء، والتى إذا تناولها الإنسان المريض بالقلق والاكتئاب تؤدى إلى تحسين مزاجه نتيجة تغير فى كيمياء المخ فى الاتجاه الأمثل أو الطبيعى، وفى هذا المضمار اهتمت الدول المتقدمة بأبحاث كثيرة عن الأغذية، للتعرف على ماهية هذه الأغذية.
وجد أن أحماض الأوميجا والمركبات تعمل كمضاد للأكسدة، مثل فيتامين E، الموجود بنسبة عالية فى زيت الزيتون وجوز الهند والبندق واللوز والكاجو وعين الجمل، ويعمل على تحسين المزاج وإعطاء الشعور بالسعادة، ولكن هذه المركبات الصحية تتأثر بالحرارة، فيجب تناول هذه الأغذية بدون معاملات حرارية سواء تحميص أو طبخ.
كما أن المواد الفينولية الموجودة فى الشاى والشيكولاتة والقهوة والبطاطس والبطاطا والخرشوف والتفاح والمانجو، وجد أن لها تأثيرا جيدا على تحسين الحالة المزاجية للإنسان، بالإضافة إلى الأغذية المحتوية على الصبغات، الموجودة فى الفواكه مثل البرقوق والمشمش والبطيخ والأناناس والكنتالوب، كما أن الموز يحتوى على نسبة عالية من البوتاسيوم الذى يعمل على تحسين المزاج.
والسبانخ والبروكلي والفاصوليا الخضراء والبقدونس والخضراوات الورقية الخضراء مثل الملوخية عموما هي من أهم أطعمة السعادة، فهي تحتوي على الكثير من الفوليك أسيد الذي يساعد الجسم على إفراز السيراتونين الذي يحسن المزاج، فتناول كوب واحد من السبانخ المطبوخة يمنحك حوالي 250 ميكروجراما من حمض الفوليك، والخضراوات مثل الفلفل الملون الأخضر والأصفر والأحمر، بالإضافة إلى الخيار والطماطم.
كما أن البيض غذاء مثالي للسعاده نظرا لاحتوائه على نسبة من الزنك وفيتامين "ب" والأيودين والأحماض الدهنية من الأوميجا.
ووجد أن العسل هو غذاء صحي رائع، ويعد وسيلة أكثر صحية للتحلية من السكر العادي، فهو يحارب الإحباط ولا يرفع معدل السكر في الدم بسرعة.
كما أن اللبنة التى تحتوى على كمية كالسيوم أكثر من الحليب، وكمية بروتين أكثر من الزبادي العادي، وهي ببساطة تعمل على إطلاق شحنات من السعادة في الدماغ، نظرا لاحتوائها على البوتاسيوم، والماغنسيوم، وفيتامين ب 6 وب 12.
لا نحتاج لعذر لنأكل الشيكولاتة، وربما لم نعتد في العالم العربي تناول الشيكولاتة الغامقة التي تحتوي على نبات الكاكاو الصحي بنسبة فوق الخمسين بالمائة في العادة، لكن نظرا لفوائدها الصحية، تدريجيا، فهي تساعد على تحسين المزاج، من خلال تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، وهناك أيضا عائلة التوت التي تضم الفراولة والتوت الأسود والأزرق والأحمر.
وتمتاز الأسماك عموما والمحار بشكل خاص باحتوائها على نسب عالية من الفوسفور وفيتامين ب 12، والأيودين والزنك، والسيلينيوم، كما أنها من الأطعمة منخفضة الدهون والسعرات، لذلك فهي من الأطعمة الأساسية لتحسين المزاج وتحسين أداء المخ والغدة الدرقية، وأفضل الأنواع التي يُنصح بها لتمنحك الشعور بالسعادة هي سمك التونة والماكريل والمحار.