الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيكولوجية الشخصية الفضولية الحشرية


كثيرا ما يصادفنا فى حياتنا شخص حشرى يتدخل فيما لايعنيه وأحياناً يتطوع بإبداء الرأى والنصيحة دون طلب العون منه أو سؤاله المشوره، ودائما ما نكثر الشكوى والتملل الذى يصل إلى حد الضجر والغضب من تلك الشخصيات، واحياناً أخرى عندما يحضر الشخص الحشرى نبادر فى عجله من أمرنا لمغادرة المكان ونتركه هرباً من سخافته وفضوله.
فالشخص الفضولى لايهدء له بالا ولا يستكين له حال حتى يكتشف خبايا وأسرار الشخص الذى يجلس معه وكأنه محلل نفسي هاو أو مبتدأ لديه الشغف فى التعرف على أسرار الناس وخبايا ظروفهم المعيشية، ونجد الشخص الفضولى يبحلق لك بنظراته التى يملئها الفضول حتى يكسر الحيز الشخصى الخاص بك، فنجد الفضولى يتابع حديثك وأنت تتكلم فى هاتفك المحمول ويتابع حديثك بشغف، ونجده يدقق النظر فيك وأنت جالس فى سياراتك فى إشارات المرور وكأنه يشبه عليك، وتجده يبحلق أثناء تناولك للطعام فى المطاعم ويسترق السمع فى مناقشاتك مع من تتحدث وأحيانا يتدخل فى حديثك ويوجهه بغية النصح والإرشاد.
وكثيرا ما نجد من الجيران من يتدلى عليك من نافذة الشباك ليتعرف على مواعيد رجوعك ومواعيد نزولك وماذا تحمل فى يدك من أشياء ومن آخر من قام بزيارتك من المعارف، ومتى قمت بتغيير أثاث المنزل ومتى قمت بشراء مروحة جديدة أو قطعة أثاث جديدة، كما نجد الشخص الحشرى الذى يلاحقك بالأسئلة التى لا تعنيه بشئ على الإطلاق لماذا لم تتزوج.. متى تتزوج.. هل انجبت.. لما تأخرت فى الانجاب.. ما هو راتبك الشخصى.. هل لديك مدخرات فى البنك.. ما هو ثمن سيارتك الجديدة.. لماذا تركت عملك.. ماذا تشتغل حاليا.. هل اشتريت منزلا جديدا.. هل تسافر إلى المصيف.. اين تذهب ومع من.. ماذا تناولت على الغداء اليوم؟ انت جاى منين.. أنت رايح فين.. انت كنت فين.. متى تشترى شقة.. متى تذهب للحج؟! ناهيك عن النصائح المتعددة كأنه هو الذى يعلم ما يناسبنى من أمور أكثر من نفسي.

والغريب أن الشخص الفضولى الحشرى لا يمتلك الذكاء الوجدانى أو مهارات التواصل الجيد، فهو لم يشعر بما تبديه من علامات الذهق والضيق الذى يظهر من نبرات صوتك وايماءات وجهك، وابتعادك عنه وانشغالك بأشياء أخرى عن حديثه أو ردودك الباردة عليه، تجده رغماً عن أنفك مستمر فى فضوله واشباع رغبته فى جمع أكبر كمية من المعلومات عنك بغية إرضاء فضوله.

والغريب فى الأمر أن نجد شيوع هذا النمط من الشخصية الفضولية فى حياتنا المصرية بشكل متزايد حتى يكاد يصبح ظاهرة فى المجتمع المصرى.
فكثيراّ ما نجد ازدحاما مروريا كثيف من تكدس للسيارات بشكل خانق وتكتشف فى النهايه أنها زحمة كاذبة، فضول الجموع من البشر يقفون بسياراتهم لمشاهدة حادثة أو شخص مصاب ملقى على الأرض، تجدهم يبحلقون ويملوا أبصارهم بالفضول، والسؤال ما هذا، من السبب.. حصل أيه؟، تاركين أعمالهم وأشغالهم فى سبيل إشباع فضولهم.
وأحياناً تجد تجمع من البشر حول شخص يتشاجر مع شخص آخر، والغريب أن تجدهم متجمهرين دون أى قيمه لتجمهرهم غير الفضول ومعرفة من الجانى ومن المجنى عليهم، متناسين الشهامة والمجدعة فى فض الاشتباك وقول كلمه طيبة لتهدئة النفوس المشتعلة، وما زاد الأمر سوء هو استخدام التكنولوجيا الحديثه من كاميرا الموبايل فى إشباع فضوله وفضول معارفه ومن على شاكلته من التعرف على مواقف وأحداث الآخرين.
ولا نغفل أن الفضول شئ غريزى فى التكوين الإنسانى ولكن الشخصية الفضولية تتخطى الحواجز الفاصلة بين الفضول الطبيعى والفضول الذى يلغى ويطيح بخصوصية الآخر، من أجل اشباع فضوله بشكل حشرى، والاتجاه السلبي بالتسلية بخصوصيات الآخرين.
وبالنظر إلى سيكولوجية الشخص الفضولى الحشرى نجدها شخصية ينقصها الثقة بالنفس ولديها عقدة النقص وعدم النضج الانفعالى والاجتماعى والنفسي، ويكثر الأشخاص الفضولين فى المجتمعات التى تتسم بالضعف الفكرى والاتكالية والخواء الفكرى والفراغ والإحباط المعنوى والاعتمادية على الغير فى حل مشاكلهم، ونجد أن الأشخاص الفضوليين تربوا فى منازل يشيع فيها العدائية والمعايرة للآخر والشك فى الآخر وإذلالة كنوع من الإسقاط لحماية النفس من الآخر ونظرته له، فيسابق الفضولى فى سرد عيوبك ونواقصك بغية حماية ذاته من قوتك.
وأجد أن التعامل مع تلك الشخصيه لتجنب فضولها وتدخلها فى شئونك أن تكون حازما فى ردودك وأن تقول قولا قاطعا مانعا: هذه أمورى وأنا أعلم بها، أو لا أحب أن أجيب عن سؤالك أو هذا شئ خاص بي أحب أن أحتفظ بسريته.
واختتم حديثى هذا بقول أفضل الخلق النبي محمد عليه أفضل الصلاه والتسليم حين قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه).