الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حقيقة معنى قوله تعالى «فلا تقل لهما أف»

صدى البلد

أوصى الله تعالى ابن آدم بوالديه الحسن في صحبته إياهما أيام حياتهما، والبرّ بهما في حياتهما وبعد مماتهما، وذلك مصداقا لقوله تعالى: «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا»، [الإسراء:23]
وأورد الإمام الطبرى فى تفسيره فى قوله تعالى: « وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ»، أى اذكر حكم ربك يا محمد بأمره إياكم ألا تعبدوا إلا الله، فإنه لا ينبغي أن يعبد غيره.
وقد اختلفت ألفاظ أهل التأويل في تأويل قوله «وَقَضَى رَبُّكَ» وإن كان معنى جميعهم في ذلك واحدا، فقد قالوا في ذلك: حدثني عليّ بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس «وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ» يقول: أمر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله «وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ»: أي أمر ربك في ألا تعبدوا إلا إياه، فهذا قضاء الله العاجل، وكان يُقال في بعض الحكمة: من أرضى والديه: أرض خالقه، ومن أسخط والديه، فقد أسخط ربه.
وبين الطبرى أن معنى قوله تعالى: «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، أى وأمركم بالوالدين إحسانا أن تحسنوا إليهما وتبرّوهما، ومعنى الكلام: وأمركم أن تحسنوا إلى الوالدين، فلما حذفت " أن " تعلق القضاء بالإحسان،
وأشار إلى أن قوله تعالى: «إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ»، أى فلا تؤفف من شيء تراه من أحدهما أو منهما مما يتأذّى به الناس، ولكن اصبر على ذلك منهما، واحتسب في الأجر صبرك عليه منهما، كما صبرا عليك في صغرك، فقد حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد إما يَبْلُغانَّ عِندك الكبر فلا تَقُل لهما أف حين ترى الأذى، وتميط عنهما الخلاء والبول ، كما كانا يميطانه عنك صغيرا، ولا تؤذهما.
وتابع: «وقد اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى " أفّ"، فقال بعضهم: معناه: كلّ ما غلظ من الكلام وقبُح. وقال آخرون: الأفّ: وسخ الأظفار والتف كلّ ما رفعت بيدك من الأرض من شيء حقير»، أما قوله «وَلا تَنْهَرْهُما»، أى ولا تزجُرهما، كما حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمَسي، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا واصل الرَّقاشيّ، عن عطاء بن أبي رَباح، في قوله ( فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا ) قال : لا تنفض يدك على والديك، يقال منه: نَهَرَه يَنهره نَهْرا، وانتهره ينتهره انتهارا.
وأوضح الطبرى أن قوله: «وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا»، أى وقل لهما قولا جميلا حسنا، كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج «وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا» قال: أحسن ما تجد من القول، وحدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة «وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا»: أي قولا ليِّنا سهلا.