الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"عار" استبعاد المعينين في النيابة بسبب والديهم!


لقد كانت صدمتنا مروعة بعد تصريح وزير العدل الأسبق "محفوظ صابر" الذي اكد فيه بجرأة يحسده عليها الكثيرون بأن ابناء العاملين في النظافة والزبالين لن يعينوا في القضاء ، وهو التصريح الذي دفعه لتقديم استقالته بعد غضبة شعبية عارمة وإدانات حقوقية وشعبية واسعة ، وكانت الصدمة ابشع وأشد فداحة عندما رأينا وسمعنا صرخات 138 فردا من وكلاء النيابة العامة الذين صدر قرار بتعيينهم ولكن تم استبعادهم بسبب عدم حصول والديهم على مؤهل عال.

والحق أقول إن تصريحات الوزير السابق ، واستبعاد هؤلاء المتفوقين وقتل روح الطموح فيهم ، واجهاض املهم في خدمة العدالة جريمة بشعة وعار سيلاحق كل من يكرس لمثل هذا السلوك اللا إنساني ، الذي ترفضه كل القيم الإنسانية والشرائع السماوية التي حضت على العدل والمساواة والحق ، فالإسلام يؤكد على قيم الحق والعدالة ويقول الرسول عليه السلام " الناس سواسية كأسنان المشط " وأيضًا "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى" ، كما أن الله سبحانه وتعالى هو " الحكم العدل " وهو " الحق " كما ورد في القرآن الكريم بشأن اسماء الله الحسنى ، والإمام ابن تيمية أكد على أن "الله يقيم الدولة الكافرة وإن كانت عادلة ، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة" ، وهو ما يؤكد مخالفة هذا القرار لقواعد العدالة الإلهية والشريعة الإسلامية ذاتها ..أي عار أكبر من هذا ..

ومن المؤسف أن نجد الحكومة المصرية بعد ثورتين عظيمتين خرج فيهما المصريون الشرفاء من الكادحين وابنائهم ممن تزدري بهم الحكومة الحالية للمطالبة بالعدالة الإجتماعية والحرية والكرامة ، تضرب قواعد العدالة نفسها في مقتل وتستبيح حرمة الدستور والقانون وقواعد العدالة ، وتنتهك بلا هوادة مكتسبات ثورتين عظيمتين ، بحرمان هؤلاء من حقهم الأصيل في التعيين ، ألا يوجد عقلاء وشرفاء في الحكومة يرفضون هذا العار وتكريس العنصرية والطبقية ، ولماذا لا يخرج علينا الرئيس السيسي نفسه الذي كان والده من الطبقات الكادحة ليبرئ ذمته أمام الله والتاريخ ويغسل يديه من هذا العار ويعطي رسالة ايجابية للمصريين الرافضين لحرمان هؤلاء المستبعدين بسبب مؤهل والديهم بتعيينهم ، فهو حكم عدل بين السلطات وعليه ان يقوم بهذا الدور دون تحرج ، واطالبه كرئيس وطني لكل المصريين أن يبادر بحل هذه الأزمة وغسل هذا العار الذي حدث في عهده ، فالتاريخ لا يرحم.

كما أناشد المجلس الاعلى للقضاء وكلنا ثقة في قضاء مصر العادل والحصن الأمين والملاذ للفقراء والكادحين أن يتدخل عاجلا لحل هذه الازمة بإعادة النظر بشكل جدي فيها وضرب المثل كالعادة في احترام الدستور والقانون وقواعد العدالة ، يا سادة هل يعلم احدكم الكوارث المجتمعية الناجمة عن استبعاد متفوقين من النيابة وبعد تعيينهم بسبب مؤهل الوالدين ؟ وهل يعلم احدكم الرسائل المجتمعية الناجمة عن مثل هذا القرار ؟ وهل يدرك احدكم الرسائل المفخخة الناجمة عن هذا القرار في نفوس أباء هؤلاء المعينين وكيف يلعنون يومهم بسبب شعورهم بأنهم سبب مأسأة ابنائهم ؟ وهل يدرك احد تبعات هذا القرار على نفسية المعينين المستبعدين وكيف يفكرون كبشر وكيف ينظرون لوالديهم وكيف ينظر الناس إليهم بعد أن استنكفت منهم الحكومة بسبب هذا القرار العار ؟!!

أليس هناك كثير من ابناء القضاه في سلك القضاء لدرجة ان هناك اتجاها وقطاعا كبيرا من الرأي العام يرى أن هذه المهنة اصبحت حكرا على ابناء القضاة ؟!! ، وأن كثيرا من ابناء الكبار يرثون الوظائف القيادية في الدولة ولا عزاء للفقراء والمطحونين ، يا سادة لا يصح هذا الكلام بعد ثورتين ، واين مجلس النواب من هذه الكارثة ولماذا لم يتحرك لرفض هذه الجريمة البشعة ويطالب بشكل عملي انهاء اجراءات تعيينات هؤلاء ، فالتاريخ لن يرحم والشعب لا ينسى ، وعلى الرئيس السيسي ان يسارع بمقابلة هؤلاء المستبعدين واهاليهم الذين اصبحوا في غمضة عين جناة بعد ان قدموا اروع الامثلة والتضحيات في تربية ابنائهم للوصول لهذا المستوى المرموق من التفوق.

يا ريس ليس عيبا ان تقابل هؤلاء وتعتذر لاهلهم عن هذا العار وتعيد لهم حقوقهم ، دون تحرج من احد ، يا ريس ان فعلت ذلك ثق ان شعبيتك ستتزايد وان ظهيرك الشعبي الذي كان معظمه من الكادحين سيدعمونك لانك دعمت حقهم القانوني في التعيين ، افعلها يا ريس وسوف لا تندم ابدا ، واعط لنا مثالا على اقرار دولة العدل والحق والمساواة فعلا لا قولا ... هل كتب على الفقراء والكادحين في مصر أن يداسوا بالاقدام في الوقت الذي يبرطع فيه الفاسدون ويعيثون فسادا في مقدرات وحقوق هذا الشعب دون مساءلة ولا رقيب ؟ !!! ...
[email protected]
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط