الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«بتصرف فلوسك في إيه» تثير جدلا بين الأزواج.. البحوث: يحق للمرأة معرفة نفقات زوجها ومدخراته.. وأستاذ عقيدة: ليس مُجبرا على إخبارها

صدى البلد

  • البحوث الإسلامية: يحق للمرأة معرفة نفقات زوجها ومدخراته
  • أستاذ عقيدة: لا يحق للرجل إجبار زوجة على العمل
  • عبد الجليل: من تتصدق دون إذن زوجها آثمة.. وللرجل الثواب
  • الأزهر: أخذ المرأة من مال زوجها البخيل دون علمه جائز
  • الإفتاء: لا يجب على المرأة استئذان زوجها في التصرف في أموالها


تثير مقولة «بتصرف فلوسك في إيه» جدلًا كبيرًا بين الزوجين، وتسبب أحيانًا الطلاق، وتكون الإجابة من الزوج غالبًا: «أنتِ مالك أنا حر»، «صدى البلد» يكشف في هذا التحقيق مشروعية سؤال الزوج عن دخله ومدخراته، وحكم إجبار الزوجة على العمل، وكيفية التعامل مع البخيل.

بداية.. قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن مال الزوجة خاص بها، ولها في الشرع حق التملك للمال والتصرف به في أوجه الحلال كتجارة وغيرها من بيع وشراء وصدقة.

وأضاف «الجندي» لـ«صدى البلد»، أنه ليس من حق الزوج أن يتسلط على مال زوجته أو يأخذه منها إلا بطيب نفسها، مستشهدًا بقول الله تعالى: «فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا» {النساء:4}، وعَنْ حَنِيفَةَ الرَّقَاشِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» أخرجه البيهقي فى شعب الإيمان (4/387، رقم 5492)، وأخرجه أيضًا: في السنن الكبرى (6/100، رقم 11325).

وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه لا ريب أن الحر البالغ العاقل الرشيد، يجوز له التصرف في ماله مطلقًا في حال الحياة سواء أكان بالبيع أو الإجارة أو الهبة أو الوقف وسائر أنواع التصرفات وهذا لا خلاف فيه عند أهل العلم.

وأشار إلى أنه لا خلاف بين أهل العلم أيضًا أن الزوج ليس له حق الاعتراض على زوجته فيما إذا كان تصرفها في مالها بعوض كالبيع والإجارة ونحوها إذا كانت تلك المرأة رشيدة جائزة التصرف وليست ممن يخدع في المعاملات عادة، وإلا فيجوز لها أن يسألها عن تصرفاتها المالية.

يحق للمرأة معرفة نفقات زوجها ومدخراته:

ونوه الدكتور محمد الشحات الجندي، بأنه يجوز للزوجة أن يُعرِّفها زوجها مقدار ما معه وما يدخره من مال، وكيف يخطط لنفقاته ومصروفاته ونحو ذلك.

ولفت إلى أنه يجوز للمرأة أن تراجع زوجها في ما يتعلق بشئون المال، حيث إن الحياة الزوجية مبنية على المشاركة، ويجب على الزوج أن يوفر الإنفاق لأسرته، منبهًا على أنه لا يجوز له أن يتفرد وحده بمزانية الأسرة، مشيرًا إلى أن إخبار الرجل زوجته بأوجه إنقاقه يعد نوعًا من المكاشفة بين الزوجين، حيث يربطهما عقد واحد وميثاق غليظ، كما يعد أيضًا أمرًا مطلوبًا شرعًا، لأنه يدل على المودة والرحمة.

وبيّن عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن إخبار الرجل زوجته بأوجه إنفاقه، سيؤدى إلى أن يكون دقيقًا في تصرفاته المالية فلا يستطيع أن يُبذر أمواله على المحرمات

لا يحق للزوج إجبار زوجته على العمل:

شددت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، على أنه لا يحق للزوج إجبار زوجته على العمل للإنفاق عليه أو على أبنائهما أو حتى للإنفاق على نفسها.

ونبهت «شاهين»، على أن الإنفاق وتوفير متطلبات الحياة الزوجية مسئولية الزوج وليست مسئولية الزوجة، ولذا يجب على الزوج الإنفاق والقيام بواجباته من قوامة وتوجيه وإنفاق، مصداقًا لقول الله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» سورة النساء الآية: 34.

المصارحة بحقيقة الراتب أفضل من الإخفاء:

واستطردت: أنه لا يوجد في السنَّة النبوية ما يُلزم الزوجَ بإظهار قدْر دخله، ولم نجد ما يحثه على إخفائه، منبهةً على أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وبيته بالمعروف، وليس له أن يقصِّر في النفقة من أجل الادخار أو الإنفاق على غيرهم ؛ فهم أولى الناس بماله وإنفاقه.

ونوهت بأنه إذا رأى الزوج أن من المصلحة إخفاء حقيقة دخله عن زوجته، فبإمكانه ألا يذكر الأمر أمامها، ولكن لا يكذب عليها، مضيفة: والأولى أن يُظهر الزوج قدر راتبه ومقدار دخله لزوجته فإن كانت ليست أهلًا للمسؤلية أو سفيهة فليخبر ابنته أو ابنه، ويتعاون مع أهله على ما فيه خير دنياهم وأخراهم، من حيث الادخار والإنفاق على المحتاجين وإكرام أهله، ويكون مع ذلك ضبط للنفقات من قبَل الزوجة.

ورأت أستاذ العقيدة والفلسفة، أن المصارحة بحقيقة الراتب والدخل مع التعاون على الخير أفضل من الإخفاء، كما أنه قد يعتري الزوج مرض مفاجئ أو موت فلا تدري الزوجة ماذا له وماذا عليه، كما أن بعض الأزواج يموت ولا يدري أحدٌ أين خبَّأ ماله ويضيع المال ويموت مع صاحبه ويترك أولاده للحاجة والفقر نتيجة إخفائه عنهم حالته المادية.

المرأة حرة في أموالها وتنفقها دون استئذان الزوج:

قال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يجب على المرأة استئذان زوجها في التصرف في أموالها وممتلكاتها أو تحديد مواضع إنفاقها.

وألمح «ممدوح»، إلى أن ذمة المرأة المالية مستقلة تمامًا عن زوجها، وعليه يحق لها التصرف بحرية تامة في أموالها وممتلكاتها سواء ميراثًا أو غيره، دون تدخل من الزوج أو استئذانه، وأيًا كانت مواضع الإنفاق سواء بالبيع أو الإجارة أو الهبة أو الوقف وسائر أنواع التصرفات، مشيرًا إلى أنه لا إثم عليها فيما تنفق دون إذنه.

التصدق دون إذن الزوج غير جائز:

أفتى الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، بأنه يجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا أذن لها بذلك إذنًا صريحًا، ولهما الأجر على ذلك، محذرًا من أنه إذا تصدقت المرأة بدون علم زوجها من ماله فهي آثم ويحصل زوجها فقط على الأجر والثواب.

ويدل على عدم جواز تصدق المرأة من مال زوجها إلا بإذنه ما رواه أبو داود (3565) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلا الطَّعَامَ ؟ قَالَ : ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا».

كيفية التعامل مع الزوج البخيل:

أكد الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، أنه يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها البخيل دون علمه بما يكفي ضرورات الحياة كالملبس والمشرب والأكل والمسكن.

واستشهد «عامر» بما روي عنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالَتْ: «دَخَلَتْ هِنْدُ بنتُ عُتبةَ –امرأةُ أبي سُفيانَ– على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَتْ: يا رسولَ اللَّهِ،إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ، لا يُعْطِينِي مِن النَّفَقَةِ ما يَكفينِي ويَكْفِي بَنِيَّ، إلَّا ما أَخَذْتُ مِنْ مالِهِ بغيرِ عِلْمِهِ، فهلْ عَلَيَّ في ذلكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فقالَ: «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ». مُتَّفَقٌ عليهِ، مشيرًا إلى أن الإنفاق المباح يكون بلا تقطير والسخاء يكون بل تبذير.